الرسالة قصيرة، لكن الإشارة قوية. قال الرئيس الفرنسي: «رؤوس خنازير، نجوم داوود، كتابات معادية للسامية، أخبار كاذبة على شبكات التواصل الاجتماعي. هناك من يحاول تقسيمنا. فلنبقَ موحّدين». من خلال نشر هذا التحذير، يسلّط الرئيس الضوء على حقيقتين تتغذى إحداهما من الأخرى: أفعال معادية للسامية بارزة في الفضاء العام، وحملات تضليل على الإنترنت تسعى إلى تعميق الانقسامات. رسالة ليست عابرة بالنسبة لرئيس في منصبه، فإن مثل هذا الخطاب ليس عفوياً. فهو يستند عادةً إلى تقاطعات من مصادر متعددة — بلاغات الشرطة، مراقبة المنصات، تحليلات الاستخبارات الداخلية — ويهدف بقدر ما هو للإعلام إلى الوقاية من التصعيد. لماذا الآن؟ ترصد السلطات بشكل دوري موجات من الحوادث: كتابات ورموز معادية للسامية في عدة مدن، انتشار صادم وسريع لصور مستفزة، إعادة تدوير لمحتويات قديمة تُعرض كأنها جديدة، وتفاعل متسارع داخل بعض المجتمعات الرقمية. ويضاف إلى ذلك محاولات للاستغلال: حسابات منسّقة (أحياناً آلية) تدفع بالخطاب نفسه، تخلق وهم «موجة» من الأحداث، وتسعى لإثارة ردود فعل متسرعة. ويذكّر التحذير الرئاسي، ببساطة، أن الهدف الوحيد من هذه الأفعال هو ضرب التماسك الاجتماعي. ما الذي يوحي به ذلك من منظور الأمن الداخلي؟ من دون تحديد قاطع، فإن المؤشرات المعتادة تشمل: * تزايد غير مألوف لأفعال رمزية (نجوم داوود، رؤوس خنازير، كتابات منسقة)؛ * رصد حملات تضليل (شبكات حسابات جديدة، بث متزامن، صور محرّفة)؛ * خطر عدوى تقليدية: فكلما انتشر رمز صادم، زاد احتمال تقليده. عملياً، يؤدي ذلك غالباً إلى: * تعزيز الدوريات حول المواقع الحساسة؛ * فتح تحقيقات قضائية (تحليل فيديو، آثار DNA، بيانات هاتفية)؛ * تسريع الإبلاغ عن المحتويات غير القانونية وحذفها من المنصات؛ * ملاحقات قضائية بتهم التحريض على الكراهية، أو تمجيد الجرائم، أو أعمال التخريب. الأهداف المحتملة للفاعلين — محليين أو خارجيين * تفكيك التماسك الاجتماعي: زرع الشقاق بين المكونات المجتمعية وإثارة التوترات والصدامات. * نزع الشرعية عن الدولة: إظهار الشرطة والقضاء بمظهر العاجز، وتقويض الثقة المدنية. * استقطاب النقاش العام: خنق الاعتدال ودفع نحو المواقف المتطرفة. * التأثير على الأجندة السياسية: محاولة توجيه خيارات السياسة الداخلية أو الخارجية بادّعاء أنها «تعكس الرأي العام». * اختبار دفاعات الدولة وإرهاقها: قياس سرعة استجابة السلطات واستنزاف الموارد (دوريات، مراقبة، خلايا أزمة). * تطبيع خطاب الكراهية والتجنيد: جعل الرموز والخطابات أمراً عادياً لتحريك الخط الأحمر واستقطاب الفئات الهشة. * صياغة سردية دولية سلبية: تقديم صورة عن بلد منقسم، غير مستقر وعاجز. مسألة الإسناد: الحذر والمنهجية حتى الآن، لم تسمِّ أي جهة رسمية فرنسية دولة أو جهازاً أجنبياً مسؤولاً عن هذه الحوادث. ويمكن أن تتعايش حقيقتان: * منفذون ميدانيون محليون (مجموعات متطرفة صغيرة، استفزازات انتهازية، مقلّدون). * تضخيم عبر الإنترنت بواسطة شبكات ناشطين، مزارع نقرات أو جهات تأثير أجنبية. الإسناد الجدي يقوم على أدلة تقنية (بنى رقمية مشتركة، تزامن زمني، إعادة استخدام صور، أنماط انتشار)، لا على الحدس. المهم في هذه المرحلة هو تجفيف النتائج، مهما كان مصدرها. دلائل تكشف حملة منسقة يُستدل على وجود تنسيق عندما تتوالى الأحداث بدقة مريبة. ففي عدة مدن، تظهر كتابات ورموز متطابقة في الوقت نفسه تقريباً، كما لو استجابت لتعليمات خفية. وعلى الشبكات، تبدو قنوات النشر متشابهة أيضاً: حسابات أنشئت حديثاً، تنشر بوتيرة آلية، تردد الشعارات والوسوم نفسها، وكأنها أصداء مصطنعة تهدف لإعطاء الانطباع بوجود حركة عفوية. أما الصور المتداولة، فكثيراً ما تكشف مصدرها الحقيقي: لقطات قديمة من أماكن وأزمنة مختلفة، أعيد توظيفها لبث الالتباس وتضبيب الحدود بين الواقع والتلاعب. ولا يلبث التضخيم أن يلتحق: حسابات سبق رصدها في حملات أخرى تعيد نشر الرسائل نفسها، تكرر الخطاب ذاته، وتستنسخ موجات غضب مصطنعة. في هذا التكرار والتقليد المشبوه يظهر الخيط الخفي الذي يحاول تحويل التضليل إلى «حقيقة» متصورة. الرهان الأساسي: صون دولة القانون والوحدة التحذير الرئاسي لا يهدف إلى التهويل، بل إلى قطع الطريق أمام السيناريو المراد من قبل المخرّبين: انفعال → تصعيد → مواجهة. وأفضل رد هو الجمع بين الحزم القضائي، والصحة المعلوماتية، ورباطة الجأش الجماعية. هذا الثالوث — مؤسسات يقظة، منصات تتحمل المسؤولية، مواطنون متنبهون — هو ما يحول دون تحول سلسلة من الاستفزازات إلى أزمة وطنية. تعليقات