في عام 2023، قفزت أسعار فائدة حقوق السحب الخاصة (SDR) لدى صندوق النقد الدولي إلى +4,14%. وبوجه عام بلغت تكاليف الاقتراض بالنسبة للدول الأفريقية مستويات قياسية؛ إذ تراجعت الثقة بين كبار المموّلين الدوليين والقارّة لأسباب عديدة (وفي مقدمتها السياسات العمومية والفساد المستشري). لكن الزمن يتغيّر. فالدول الأفريقية، المدفوعة بارتفاع أهمية المواد الأولية أكثر من أي وقت مضى وبحصولها على تحسينات في التصنيفات من وكالات التصنيف الدولية، عادت لتتصدر اهتمام المستثمرين. لم تكن شروط الإقراض بهذه الجاذبية منذ عام 2019؛ وقد أدّى انكماش فوارق العائد «spreads» إلى تشجيع عدد من الدول الأفريقية على العودة إلى أسواق الدين الدولية بعد سنوات عجاف. و بالنسبة لمن يرغب من الدول (فالجزائر مثلًا تملك بدائل أخرى)، فهذا توقيت مثالي لرفع التمويلات من الأسواق العالمية... تراجع الفارق بين عوائد السندات السيادية الأفريقية وسندات الخزانة الأمريكية، وفق مؤشر JPMorgan Africa NexGem، إلى أدنى مستوى له منذ 2019. و هذه إشارة ثمينة : فالتواقيع الأفريقية، التي صُنّفت طويلًا على أنها عالية المخاطر، تستعيد ثقة المستثمرين الدوليين. و وفق بيانات مؤشر Cbonds Africa Sovereign USD T-Spread، بلغ فارق العائد نحو 388 نقطة أساس في مطلع أكتوبر 2025، مقابل قرابة 900 نقطة أساس في 2023. و لم يهبط إلى هذا المستوى منذ ما قبل الجائحة، ما يثبت أن المموّلين باتوا يطلبون الآن علاوة مخاطرة أقل بكثير لتمويل الدول الأفريقية. و كانت «بلومبرغ» قد أفادت، في يوليو 2025، بأنه لا توجد أي دولة أفريقية تسجّل «سبريد» بأربعة أرقام على دينها السيادي، و هو أمر غير مسبوق منذ 2015. و يعني هذا التراجع أن البيئة المالية باتت أكثر ملاءمة لمصدّري الديون في القارة، بعد أعوام من قفزات في تكاليف الاقتراض إلى مستويات مُنهِكة و تنامي حالة عدم اليقين بسبب الصدمات الظرفية (الجائحة، التضخم العالمي، والتشديد النقدي). تبدّل المشهد بوضوح : اليوم نتحدث عن انحسار التضخم، واستقرار نسبي في العملات الأفريقية، وبوادر دورة تيسير نقدي عالمي. وهذا يجعل العوائد في الأسواق الناشئة أكثر إغراءً. العامل الآخر المحرّك هو موجة التحسينات في التصنيفات السيادية؛ فقد رفعت Fitch Ratings وMoody's هذا العام تصنيف نيجيريا، فيما أخرجت S&P Global غانا من فئة التخلّف عن السداد، بينما عادت جنوب أفريقيا، أكبر اقتصاد في القارة، إلى التقاط أنفاسها مع نظرة مستقبلية إيجابية... بل إن «فيتش» أكدت أن وتيرة الرفع في تصنيفات اقتصادات الأسواق الناشئة تتجاوز حاليًا وتيرة الخفض، وذلك لأول مرة منذ 2018. لذا، ترمي دول أفريقية عدة بثقلها في الأسواق. فبعد نيجيريا، التي تخطط لإصدار يصل إلى 2,3 مليار دولار، تتجه أنغولا إلى الأسواق الدولية بإصدار يوروبوندز بقيمة 1,5 مليار دولار، في أول عملية لها منذ 2022. الجميع متحمّس لشروط الاقتراض. وجمهورية الكونغو الديمقراطية (الكونغو الديمقراطية)، التي تبنّت استراتيجية أكثر جرأة لتمويل مشاريعها الكبرى، تُحضّر بدورها لإصدار يوروبوندز أولي في 2026... باختصار، الحراك واسع وأحيانًا متسارع. غير أن المحللين يدعون إلى التروّي وترشيد الاستدانة، مُذكّرين بشَهية الاقتراض التي أغرقت كثيرًا من الدول الأفريقية في محيط من الديون. كما يحذّر الخبراء من تقلبات أسعار السلع الأساسية ومن مخاطر تحوّل نقدي عالمي محتمل. فالحذر من «السمّ الحلو» للدَّيْن. تعليقات