تستعد الولاياتالمتحدة هذا السبت لموجة احتجاجات غير مسبوقة: حركة أطلق عليها اسم «لا ملوك» (no kings)، ويؤكد منظّموها أنها ستمتد إلى آلاف الفعاليات عبر 1,700 مدينة، بل إلى أكثر من 2,500 حدث وفق بعض المصادر المحلية. وتأتي هذه التعبئة في مناخ سياسي متوتر أصلًا بسبب المأزق القائم على مستوى الحكومة الفدرالية، المغلقة جزئيًا منذ 1 أكتوبر. احتجاج على ما يصفه المتظاهرون بتغوّل السلطة يعتزم المحتجون التصدي لما يرونه نزعة سلطوية لدى الرئيس دونالد ترامب، ولا سيما في سياساته المتعلقة بالهجرة ومساسه بالحريات المدنية. وكان حراك «لا ملوك» قد برز في جوان الماضي عبر تجمعات حاشدة — تحدث المنظمون يومها عن 5 ملايين مشارك في أكثر من 2,100 مدينة. هذه المرة، تتأجج الغضبة الشعبية بفعل تزايد حضور القوات الفدرالية في بعض المدن — أحيانًا بعناصر مقنّعة — وهو ما تبرّره الإدارة بضرورات حفظ النظام، فيما يراه المواطنون تصعيدًا سلطويًا مقلقًا. المطالب الرئيسية يرفع المتظاهرون جملة مطالب محورية، من أبرزها: * إنهاء الانتشار المفرط للقوات الفدرالية أو العسكرية داخل المدن، استنادًا إلى أحكام قضائية حديثة تحدّ من استخدام الحرس الوطني لقمع المظاهرات السلمية؛ * ضمان تعريفٍ واضح لمنتسبي أجهزة إنفاذ القانون، بحيث يكون كلّ عنصر قابلًا للتعرّف ومنسوبًا إلى مؤسسة معترف بها؛ * تقييد عمليات الترحيل الجماعي والمداهمات العدوانية بحق المهاجرين، خصوصًا من قبل الوكالات الفدرالية، وهو مطلب تتبناه أيضًا «الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية». ويرى أنصار الحراك أنه يمثل «مقاومة ديمقراطية» في وجه إدارة تسعى — بحسب وصفهم — إلى التحايل على المؤسسات الدستورية وتركيز السلطة. حركة ذات تنظيم راسخ تتولى التنسيق الوطني مجموعة تحمل اسم «50 ولاية... احتجاج واحد» (اختصار: 50501). وتنضم إليها منظمات مدنية كبرى مثل Indivisible وPublic Citizen، حيث تتكفّل باللوجستيات والتوعية وتوفير المساعدة القانونية للمحتجين. ومن الداعمين نقابات كبرى، بينها اتحاد المعلمين واتحاد الاتصالات، إلى جانب «الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية». ويقول إيريك رايس، وهو معلم وناشط: «ما يجري لم يعد مجرّد سجال سياسي، بل صراع على الكرامة الإنسانية. عندما تُكسر العائلات، وعندما تجوب قوى مسلّحة الشوارع، يجب أن نملأ الساحات لنقول: لا». ظلال الإغلاق الفدرالي أدت حالة الشلل الجزئي للحكومة الفدرالية، المستمرة منذ 1 أكتوبر بسبب تعثر الاتفاق على الموازنة في الكونغرس، إلى إحالة أكثر من 700,000 موظف فدرالي إلى إجازة قسرية. فيما يواصل آخرون العمل في الخدمات الأساسية دون تقاضي رواتب فعلية. وفي موازاة ذلك، تم تسريح 4,100 موظف موزعين على 7 وكالات فدرالية، رغم أن قضاة علّقوا هذه القرارات بانتظار البتّ القانوني فيها. ويُنظَر إلى هذا الإغلاق باعتباره أداة ضغط سياسية تؤجّج الغضب الشعبي وتزيد الدعوات إلى الاحتجاج اتساعًا. تفاعل سياسي وانتقادات جمهورية فيما يدعو كثير من الموظفين والمواطنين إلى التظاهر — ولو على حساب أمنهم الوظيفي أحيانًا — تصعّد شخصيات الحزب الجمهوري لهجتها لتجريح الحركة. فقد وصف رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، التجمعات بأنها «مسيرة كراهية ضد أمريكا». واتهم النائب توم إيمر المنظمين بترويج «أيديولوجيا مناهضة للوطن»، بينما قال السيناتور تيد كروز إن الحركة «مدبّرة» من جهات مثل جورج سوروس بهدف زعزعة المؤسسات. أما ترامب فسبق أن نعت المموّل جورج سوروس بأنه «المموّل الأول للتطرف في الولاياتالمتحدة»، مضيفًا أنه يعتزم تحييد ما سماه «أدواته». تعليقات