أصدرت محكمة فيدرالية أمريكية حكمًا بالسجن أربعين عامًا على المهرّب الباكستاني محمد بهلاوان بعد إدانته باستخدام قارب صيد لنقل أجزاء صواريخ باليستية إيرانية الصنع إلى جماعة الحوثيين في اليمن. عملية بحرية انتهت بمأساة ألقت القوات الأمريكية القبض على بهلاوان في يناير 2024 خلال عملية عسكرية في بحر العرب، أسفرت عن مقتل جنديين من قوات النخبة البحرية الأمريكية (نايفي سيلز) غرقًا أثناء محاولة الصعود إلى القارب الذي كان يحمل اسم "يونس". ووفق التحقيقات، كان بهلاوان يعمل ضمن شبكة تهريب معقّدة تموّلها وتنسّقها جهات إيرانية مرتبطة ب الحرس الثوري الإيراني، الذي تصنّفه واشنطن منظمةً إرهابية. الصيد غطاء لتهريب الصواريخ كشف أفراد الطاقم، وهم جميعًا من باكستان، أمام المحكمة في ولاية فرجينيا أنهم خُدعوا واعتقدوا أنهم يعملون في الصيد، قبل أن يكتشفوا أنّ القارب محمّل بصناديق ضخمة تحتوي على مكوّنات صواريخ باليستية وصواريخ كروز مضادة للسفن، بالإضافة إلى رؤوس حربية. وعندما سأل أحد البحّارة القبطان بهلاوان عن محتوى الشحنة، أجابه بحدة: "لا تتدخل في ما لا يعنيك". قبل الرحلة، أرسل بهلاوان رسائل مؤثرة إلى زوجته كتب فيها: "ادعي لي أن أعود سالمًا... هذه طبيعة العمل يا عزيزتي". واعتبرت النيابة هذه الرسائل دليلاً على معرفته الكاملة بخطورة المهمة. تهديدات وصمت على متن "يونس" بحسب شهادة أحد أفراد الطاقم، حاول بهلاوان تضليل الأمريكيين بعد توقيفهم، وطلب من رجاله الكذب والقول إن القبطان فرّ من السفينة. وعندما رفضوا، هدّدهم بأذى قد يطال عائلاتهم. وقال شاهد آخر إن بهلاوان كان يمضي أغلب وقته في مقصورته، يشاهد الأفلام على هاتفه، ويتحدث أحيانًا عبر هاتف يعمل بالأقمار الصناعية بلغة لم يفهمها أحد. حكم قاسٍ ورسالة سياسية واضحة أدانت المحكمة بهلاوان بخمس تهم، بينها نقل أسلحة دمار شامل وتقديم دعم لجماعات إرهابية. وحُكم عليه بالسجن 240 شهرًا (20 عامًا) في تهمتين تُنفّذان بالتوازي، و240 شهرًا إضافية في ثلاث تهم متتالية، ليصل المجموع إلى 480 شهرًا أي 40 عامًا. وصرّح الادعاء الفيدرالي أن "المكوّنات التي تم ضبطها تُعد من أكثر أنظمة الأسلحة تطورًا التي تصدّرها إيران إلى جماعات إرهابية". تهريب السلاح عبر بحر العرب بيّنت وزارة الدفاع الأمريكية أن الرحلة كانت جزءًا من شبكة إيرانية أكبر يديرها الشقيقان يونس وشهاب ميركزي، وهما على صلة مباشرة بالحرس الثوري. وقد وُجّهت إليهما اتهامات رسمية، لكنهما ما زالا فارّين ويُعتقد أنهما في إيران. وأشارت تقارير الأممالمتحدة إلى أن القوات الأمريكية وحلفاءها صادروا بين عامي 2015 و2023 نحو 2.4 مليون طلقة ذخيرة و365 صاروخًا موجّهًا وأكثر من 29 ألف قطعة سلاح من قوارب صغيرة في بحر العرب، تُستخدم لتهريب الأسلحة إلى اليمن عبر سواحل الصومال. نهاية "الرجل الميت" قبل رحلته الأخيرة، وصف محمد بهلاوان نفسه في رسالة لزوجته بأنه "رجل ميت يمشي". تلك الجملة، التي تحوّلت إلى عنوان رمزي في المحكمة، تلخّص مصير رجل غامر بحياته في خدمة شبكة تهريب عابرة للحدود — فابتلعته أمواج السياسة، والبحر، والعدالة الأمريكية. تعليقات