تستمر تونس في تطبيق سياسات الدعم، رغم تعرضها لضغوط من هيئات مالية لإلغائها بهدف تقليص عجز الميزانية. وكان من المفترض أن توقّع تونس مع صندوق النقد الدولي اتفاقاً مالياً بقيمة 1.7 مليار دولار عام 2022، مشفوعاً ببرنامج إصلاح اقتصادي يشمل خفض دعم السلع الغذائية والطاقة، غير أن رئيس الدولة قيس سعيّد رفض تنفيذ أي إصلاحات يطلبها الصندوق تُرهق القدرة الشرائية للمواطنين. تنوي السلطات المالية مواصلة دعم الغذاء والكهرباء لعام جديد، في إطار خطة للحد من تداعيات التضخم على القدرة الإنفاقية للأسر. وتظهر بيانات مشروع الميزانية للعام المقبل أن نفقات الدعم ستتجاوز، بشكل عام، 9.7 مليارات دينار، من بينها 4 مليارات دينار لدعم الغذاء، و5 مليارات دينار لدعم المحروقات والكهرباء، إلى جانب تخصيص 700 مليون دينار لدعم النقل. مواصلة الدعم والحد من التضخم وتُقدّر الزيادة المتوقعة في نفقات دعم الغذاء، وفق وثيقة مشروع الميزانية لعام 2026، بنحو 278 مليون دينار لتصل إلى 4 مليارات دينار، مقابل 3.8 مليارات دينار خلال العام الحالي. ووفق برنامج الحكومة، سيتواصل العمل خلال سنة 2026 على تحسين نجاعة منظومة الدعم وتشجيع الإنتاج الفلاحي الوطني لتحقيق الأمن الغذائي، عبر تكثيف عمليات المراقبة الاقتصادية والتصدي للممارسات غير المشروعة، مثل التهريب والمضاربة والاستعمال غير القانوني للمواد المدعّمة والتجارة الموازية. كما تنوي الحكومة تحديث منظومة التصرف في المواد المدعّمة، من خلال تفعيل منصات معلوماتية تُمكّن من تتبّع مبيعات المطاحن، ومراقبة توزيع الزيت المدعّم بشكل حيني، إضافة إلى مكافحة تبذير الغذاء. ومن المتوقع أن يستأثر دعم الغذاء على نحو عام في السنة القادمة بنسبة 41.7% من مجموع النفقات الشاملة للدعم المقدّرة ب9.7 مليارات دينار. مراقبة مسالك التوزيع وتمثل النفقات المخصصة لدعم المواد الأساسية نحو 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة ذاتها المتوقعة لعام 2025. ويُعدّ الارتفاع النسبي لأسعار ببعض المواد الغذائية من المسائل التي شكلت ضغطاً على معيشة المواطنين، رغم تراجع نسب التضخم وفق البيانات الرسمية الاحصائية، إذ انخفض بنحو نقطة مئوية على أساس سنوي منذ بداية العام الحالي ليصل إلى 5% نهاية سبتمبر الماضي، مقابل 6.2% في مطلع السنة الجارية. في المقابل، تُظهر بيانات مشروع الميزانية للعام القادم أن السلطات المالية تخطط لخفض دعم المحروقات والكهرباء، مدفوعة بتراجع سعر النفط في الأسواق العالمية. وتتوقع البلاد العام القادم توفير ما لا يقل عن 726 مليون دينار من نفقات دعم المحروقات والكهرباء مقارنة بالعام الجاري، باعتماد فرضية سعر برميل النفط في حدود 63 دولاراً. ومن المتوقع أن تبلغ نفقات دعم المحروقات والكهرباء لسنة 2026 نحو 5 مليارات دينار، مقابل 5.7 مليارات دينار منتظرة لسنة 2025، من بينها 3.1 مليارات دينار دعم لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز. ووفق مشروع الميزانية، لا تنوي السلطات إجراء أي تعديل على أسعار المحروقات والكهرباء، مقابل وضع خطة لتحسين التحكم في الاستهلاك ومراقبة مسالك توزيع قوارير الغاز المنزلي، التي تدعم الحكومة 71% من كلفتها. ويبلغ معدل دعم المحروقات 27% من الكلفة حسب البيانات الرسمية، في حين تصل نسبة دعم قوارير الغاز للاستخدام المنزلي إلى 71%، ليستفيد منه مختلف الشرائح الاجتماعية، وخاصة ذات الدخل الضعيف والمتوسط. ومنذ إبرام حكومة الحبيب الصيد الاتفاق المالي مع صندوق النقد الدولي سنة 2016، تحثّ مؤسسة التمويل الدولية السلطات التونسية على تخفيض الدعم عن الكهرباء والانتقال تدريجيا إلى الأسعار الحقيقية، بهدف تقليص عجز الميزانية وتحسين التوازنات المالية للدولة. وتقوم الحجة الأساسية لصندوق النقد الدولي باشتراط تخفيض الدعم عن المحروقات على أن نظام الدعم الحالي غير عادل، لأنه يفيد الأسر الأكثر ثراء والمالكة للسيارات على حساب الفئات الهشة، غير أن الوقود يُعدّ منتجاً حيوياً يؤثر في عدة قطاعات من النشاط الاقتصادي. تعليقات