يعدّ الاقتصاد الدائري البديل الأفضل للاقتصاد الخطي الذي نتج عنه استنزاف للموارد الطبيعية، ومصادر الطاقة، وتدهور البيئة، حيث يمثل الاقتصاد الدائري مدخلا هاما لتحقيق التنمية المستدامة وتلبية احتياجات الأجيال الحاضرة من الموارد الطبيعية، والحفاظ على حقوق الأجيال المستقبلية. كما أن الاقتصاد الدائري يساهم بشكل كبير في حماية البيئة والحد من استنزاف مصادر الطاقة غير المتجددة والقضاء على التلوث وخفض حجم النفايات، علاوة على ذلك يساعد الاقتصاد الدائري في الحد من البصمة البيئية والحد من التأثيرات و الممارسات السلبية على البيئة . مشاريع كبرى في الافق تتضمن مشاريع الاقتصاد الدائري في تونس العديد من المبادرات في مجالات تثمين النفايات (مثل النفايات المنزلية والعضوية ومخلفات البناء)، وتطوير الطاقة المتجددة، ودعم الصناعات المستدامة . وتشمل الأمثلة إنشاء وحدات نموذجية لتثمين النفايات، ومشروع إكوفيد لتحويل النفايات العضوية إلى أعلاف حيوانية، وإنشاء أول وحدة لإعادة رسكلة نفايات البناء. كما تدعم البلاد نشر الوعي البيئي وتعزز الاقتصاد الدائري من خلال مشاريع وطنية وشراكات دولية. في هذا الصدد، أعلنت سلطات الاشراف أنها ستطلق قريباً مناقصات لإنشاء وحدات جديدة لتثمين النفايات (عملية تحويل النفايات من مشكلة بيئية واقتصادية إلى مورد ذي قيمة)، في إطار خطة لاحتواء أزمة انتشار المصبات العشوائية والتحوّل نحو الاقتصاد الدائري. وأوضحت وزارة البيئة أنها باشرت إعداد كراس شروط لإنجاز اربع وحدات لتثمين النفايات في ولايات تونس الكبرى (تونس وأريانة ومنوبة وبن عروس)، واقتربت من نشر المناقصات الخاصة بهذه المشاريع، في إطار مقاربة اجتماعية واقتصادية خضراء ودائرية. واختارت وزارة البيئة إطلاق مشاريع وحدات رسكلة النفايات ضمن إقليم تونس الكبرى الذي ينتج أكثر من 25% من مجموع النفايات في تونس. رهانات وتحديات والعام الماضي اكد وزير البيئة حبيب عبيد في جلسة بمجلس نواب الشعب بأن البلاد تواجه تحدي التصرف في كمية 290 مليون متر مكعب من المياه المستعملة سنوياً، و3.3 ملايين طن من النفايات المنزلية، وقال: "أحصت أجهزة وزارة البيئة نحو 3200 مصب عشوائي تصل مساحتها الى هكتارات، مقابل إشراف الوزارة على 16 مصباً مراقباً تعالج 7600 طن من النفايات يومياً". ومن المنتظر ان يُساعد هذا التمشي في الحدّ من أزمات التلوث البيئي التي خلفها انتشار المصبات العشوائية، وشبه خروج المصبات التي تخضع للمراقبة من الخدمة. كما أن نظام معالجة النفايات القائم على الردم استنزف الأراضي ولوّث المياه الجوفية وأيضاً الهواء الناجم عن الانبعاثات الغازية مما خلق اشكالات متكررة عند امتلاء مواقع الردم بحصول حرائق أو تسربات. وتقدر إحصاءات محكمة المحاسبات كمية النفايات الخطيرة التي تلقى في المحيط البيئي ب142 ألف طن سنوياً، علما ان تكاليف إزالتها تقدّر ب670 مليون دينار سنوياً. وكشف التقرير السنوي لهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية لعام 2022 أن ولايات تونس الكبرى تنتج 25% من الكميات السنوية للنفايات التي تستقبلها مصبات مراقبة وشبه مراقبة، بينما تستوعب منطقة برج شاكير نسبة 46.5% من إجمالي النفايات المنقولة إلى المصبات المراقبة. وكانت السلطات أحصت في إطار خطة للقضاء على المصبات العشوائية عام 1994 وجود نحو 1300 مصباً، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 3200 مصب بعد 30 عاماً. واظهرت التجارب الناجحة في مجال رسكلة النفايات أن مشاريع معالجة الفضلات تقلل مساحة الأراضي المُستخدمة للردم. كما تسرّع مشاريع الرسكلة جهود إغلاق وإعادة تأهيل المصبات المصنّفة بعد استقرار الغازات، ومعالجة المياه الجوفية، ويمكن تحويل المساحات المسترجعة إلى خضراء أو مناطق صناعية خفيفة، وهو ما يقلل مخاطر الصحة العامة ويحسّن جودة المياه. تعليقات