تدخل تونس مرحلة جديدة صوب تطوير الاقتصاد وتسريع وتيرة جذب رؤوس الأموال من خلال القطع مع سياسات تواصلت لعقود طوال اعاقت تطوير البيئة الاستثمارية خاصة وأن الوضع يقتضي النظر إلى القطاع بأكثر انفتاحا ومرونة والبناء للمستقبل بفاعلية. تسعى الحكومة التونسية بكل جهد لترسيخ سياسة جديدة للاستثمار تكون فيها البيروقراطية الإدارية ضربا من الماضي ضمن خططها الواعدة لجعل بيئة الأعمال أكثر جذبا لرؤوس الأموال في السنوات المقبلة حيث تم مؤخرا اتخاذ عدة قرارات لتجاوز المقاربة التقليدية في التجاوب مع طلبات الاستثمار التي تتطلب وقتا طويلا لتحسين البيئة الاستثمارية وذلك بالتخلص من عدة قيود ادارية تعرقل تنفيذ المشاريع. تبسيط الإجراءات الإدارية في هذا الصدد، أوصى المجلس الوزاري المضيق المنعقد، الخميس 13 نوفمبر الجاري، بإشراف رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري والمخصّص للنظر في تطوير منظومة الاستثمار، بالعمل على تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليص التراخيص وحذفها في عديد المجالات واعتماد مبدأ حرية النفاذ إلى السوق والتسريع في تنفيذ مختلف المشاريع المشمولة بتطوير منظومة الاستثمار وفق رزنامة مضبوطة. كما أوصى المجلس، حسب بلاغ لرئاسة الحكومة، باعتماد مجلّة موحّدة تشمل مختلف الإجراءات المتعلقة ببعث المشاريع في مختلف القطاعات الاقتصادية وإعداد أدلة توجيهية ومدونة للممارسات الجيدة للاستثمار تبين للمستثمرين المسارات الإجرائية والمعايير المطلوبة والآجال وبإعداد تصوّر شامل لإعادة هيكلة المنظومة المؤسساتية للاستثمار من خلال تجميع جميع وظائف وخدمات الاستثمار على مستوى نافذة وحيدة لمخاطبة المستثمر. وبيّنت رئيسة الحكومة في هذا الاطار، أنّ تطوير منظومة الاستثمار يقوم على رؤية وطنية شاملة منها مراجعة الإطار التشريعي للاستثمار في اتجاه تبسيط الإجراءات ورقمنتها بالكامل وتحسين بيئة الأعمال والعمل على تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، مشيرة إلى أنّ الدولة انطلقت في جملة من الإصلاحات لتعزيز البنية التحتيّة وتقليص آجال معالجة الملفات وتبسيط الإجراءات والخدمات الموجّهة للمستثمر ورقمنتها وضمان شفافية المعاملات ورصد ومتابعة مؤشّرات الاستثمار على المستوى القطاعي والجهوي. الإدارية الفاعلة أساس التنمية هذا وتعدّ الأجهزة الإدارية العمومية الفاعلة أساس التنمية الشاملة، وقوام التقدّم في الدول الصاعدة، وعليها التعويل في تنفيذ السياسات العامّة للدولة، وتحقيق برامجها الإصلاحية، وتأمين خدمات ذات جودة عالية للمواطنين، وتيسير نفاذهم إلى المعلومة في وقت قياسي. ومن خصائص الإدارة الناجعة الدينامية والتجديد والشفافية والحوكمة، والقدرة على التكيّف مع تحوّلات العصر، والانخراط بحيوية في أقضية العولمة والثورة الرقمية، حتّى إنّ دولاً كثيرة أصبحت تعتمد نظام الحوكمة الإلكترونية والإدارة الذكية في قرن غدا الذكاء الاصطناعي من علاماته الواسمة، وهي إدارة سريعة، دقيقة، فعّالة، حريصة على تعميم الرفاه والازدهار في ربوع الدول التقدّمية. والواقع في تونس، بحسب مراقبين، أنّ الإدارة العمومية، في الغالب، ما زالت تقليديةً محكومة بوطأة البيروقراطية، ولا تضطلع بدور طليعي في تحقيق النهضة الشاملة، وتلبية انتظارات المواطنين وشوقهم إلى غد أفضل. ولذلك تجلّيات عدّة وأسباب جمّة وتداعيات شتّى. من المفيد الإشارة إلى أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد دعا مراراً إلى ضرورة إصلاح الإدارة، وأن تضطلع بدور حيوي في خدمة المواطن، وتيسير تحقيق مطالبه، وتأمين وصوله إلى خدمات في أقرب وقت ممكن، قائلاً: "على كل مسؤول، أن يستبطن آمال الشعب التونسي، ويشعر بتطلّعاته، ويسعى إلى إيجاد الحلول العاجلة، وأن يعمل على تذليل الصعاب، ويُبادر باقتراح الحلول، ويعمل على تحقيقها في أقرب الآجال، وأن يشعر أنّه يعمل من أجل الانتصار للثورة وأن يبادر بتذليل العقبات ويعمل على إزالتها… والدّولة بمؤسّساتها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام كلّ من يُعطّل السير الطبيعي لدواليبها وتحقيق انتظارات شعبها". وفي ذلك إدراك لحتمية تحرير الإدارة العمومية من قيود البيروقراطية، وتطوير أدائها على نحو يستجيب لتطلّعات المواطنين والمؤسسات.
اشترك في النشرة الإخبارية اليومية لتونس الرقمية: أخبار، تحليلات، اقتصاد، تكنولوجيا، مجتمع، ومعلومات عملية. مجانية، واضحة، دون رسائل مزعجة. كل صباح. يرجى ترك هذا الحقل فارغا تحقّق من صندوق بريدك الإلكتروني لتأكيد اشتراكك. تعليقات