شهدت أسواق العملات الرقمية في 2025 تراجعًا مفاجئًا صدم المستثمرين وأثار قلق الحكومات حول القدرة على تنظيم هذه الأسواق، وسط خسائر بمليارات الدولارات وتأثير مباشر على الثقة العالمية في الأصول الرقمية. في أكتوبر 2025، وصلت العملات الرقمية إلى مستويات قياسية، حيث تجاوزت القيمة السوقية الإجمالية 4.4 تريليون دولار، وارتفع سعر البيتكوين إلى 125 ألف دولار. وكانت الأسواق تتوقع استمرار الارتفاع، حتى جاءت صدمة منتصف أكتوبر، حين أعلن الرئيس الأمريكي رفع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، ما أدى إلى موجة بيع جماعية أدت لانهيار السوق. هذا الانهيار لم يؤثر فقط على المستثمرين الأفراد، بل امتد ليطال المؤسسات المالية الكبرى، ما أعاد التساؤل حول استقرار أسواق الأصول الرقمية على المدى الطويل حيث تشير تقارير إلى أن السوق يمر بما يمكن تسميته ب"الشتاء الرقمي"، مؤكدين أن الانهيارات الحادة تعتبر جزءًا من دورة نمو وتراجع طبيعية لهذه الأسواق. ويؤكد البعض أن اعتماد قواعد تنظيمية صارمة وتطوير آليات حماية المستثمرين يمكن أن يحد من الخسائر المستقبلية ويعزز الثقة في السوق. تونس في منأى عن مخاطر العملات الرقمية لا تظهر آثار الهبوط القياسي في عملة بيتكوين في تونس بسبب القيود القانونية التي تفرضها السلطات النقدية على هذه التعاملات، رغم تصاعد اهتمام بعض الفئات لا سيما من الشباب في السنوات الأخيرة بأنشطة التعدين. ورغم أنه لا وجود لنص قانوني واضح يمنع التداول الرقمي للأموال أو أنشطة التعدين في تونس، تواصل السلطات المالية مراقبة هذه النشاطات وحظر الاعمال المشبوهة في هذه المجالات، مستندة إلى قانون الصرف. وأغلب المستخدمين للعملات الرقمية في البلاد وفق بعض المؤشرات هم فئة قليلة من الشباب المهتم بالتكنولوجيا، ويتعاملون عبر منصات عالمية أو بورصات خارجية، ما يفسر عدم بروز أي ردة فعل في السوق على هبوط عملة بيتكوين. ويلجأ مستخدمو العملات الرقمية في تونس إليها في إطار مبادلات التعاملات الإلكترونية والمستقلين الذين لا يمكنهم قاونا تحويل العملات الاجنبية واستقبالها عبر القنوات المالية المعتمدة، لكنهم يواجهون المساءلة القانونية أو الاحتيال على المنصات غير الآمنة. اقبال عالمي متزايد على الاصول الرقمية رغم التراتيب الصارمة التي تطبقها البلاد في تداول العملات بمنع تعدين وتداول العملات الرقمية داخل الحدود، تظهر تونس في تصنيفات اعتماد هذه العملات خلال 2024–2025 حيث أظهر تقرير "تشين أناليسيس" السنوي السادس حول تبني العملات الرقمية عالميًا، حلول تونس في المرتبة ال52 على مستوى العالم على مستوى اعتماد هذه النوعية من الأصول والعملات. وأشار التقرير إلى أنه رغم الإقبال المتزايد على الأصول الرقمية عالميًا، إلا أن منطقة المغرب العربي تواجه تحديات تنظيمية وتشريعية تحول دون تسريع وتيرة التحول الرقمي فيها. فعلى سبيل المثال، لا يزال الغموض يكتنف الإطار القانوني الخاص بالعملات الرقمية، بما يؤثر مباشرةً بحجم الاستخدام والاستثمار. ورغم هذه التحديات، فإن ظهور تونس في تصنيف تبنّي العملات الرقمية يُعد مؤشرًا على وجود مستخدمين ومهتمين في القطاع الرقمي داخل البلاد حسب التقرير. ويبدو أن خصوصيات الدفع الدولي تحفز الإقبال على العملات الرقمية في صفوف بعض مستخدميها، علما أن هذه التعاملات تبقى محدودة جدًا ومنحصرة ضمن سوق مغلقة وخفية. هذا ولا يسمح القانون التونسي ولا يمنع صراحة تداول البيتكوين، لكن السلطات تتعامل بحذر شديد مع هذه العمليات. في جانب اخر، تستعد البلاد لتحسين قوانين الصرف وإصدار نصوص جديدة تضمنت لأول مرة إشارات إلى "الأصول الرقمية"، وتسمح من حيث المبدأ بالاحتفاظ بهذه الأصول وتبادلها، لكن ذلك مشروط بخضوع العمليات لأحكام قانون الصرف ولتعليمات البنك المركزي. ويطالب بعض المتعاملين في القطاع المالي بمواكبة التشريعات للتطورات التي يشهدها العالم في مجال استعمال المحافظ الرقمية، معتبرين أن مواصلة اعتماد تراتيب صرفية غير ملائمة يحد من إمكانات تطوير بعض الانشطة الاقتصادية والانتقال الرقمي ويحرم فئات من الشباب من فرص عمل في بعض المجالات وجلب الخبرات إلى البلاد. تعليقات