توصلت ايران والقوى الكبرى الثلاثاء 14 جويلية 2015 ,في فيينا الى اتفاق تاريخي يجعل صنع قنبلة ذرية من قبل طهران امرا شبه مستحيل خلال سنوات عدة، مقابل رفع العقوبات بشكل تدريجي لكن مع امكانية اعادة فرضها في حال انتهاك الاتفاق. ويحد الاتفاق بصفحاته ال109 من طموحات طهران النووية مقابل رفع العقوبات التي تخنق اقتصادها بصورة تدريجية. وهذا النجاح الدبلوماسي الذي يكلل مفاوضات ماراتونية حثيثة دامت نحو سنتين، يقفل ملفا يسمم العلاقات الدولية منذ اكثر من اثني عشر عاما. ورحب الاتحاد الاوروبي والامم المتحدةوطهران وايضا لندن والامين العام للامم المتحدة بان كي مون باتفاق « تاريخي » فيما عبرت موسكو عن « ارتياحها ». في المقابل نددت اسرائيل على الفور بالاتفاق واعتبرته « خطأ تاريخيا » سيسمح لايران ب »تزويد آلتها الارهابية بالوقود ». ويأتي الاتفاق في وقت تشهد فيه منطقة الشرق الاوسط نزاعات عدة لايران ضلوع فيها. ودعت باريسطهران الى اغتنام الفرصة ل »المساعدة على انهاء » النزاع في سوريا. وفي دمشق هنأ الرئيس بشار الاسد حليفه الايراني معتبرا الاتفاق « نقطة تحول كبرى » و »انتصارا عظيما ». وهذا الاتفاق يفتح الطريق امام تطبيع للعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين ايران والمجتمع الدولي في وقت تدور فيه نزاعات عديدة في منطقة الشرق الاوسط. كما انها المرة الاولى ايضا الذي يربط فيها اتفاق على هذا المستوى بين جمهورية ايران الاسلامية والولاياتالمتحدة منذ قطع علاقاتهما الدبلوماسية في العام 1980. وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما « ان هذا الاتفاق يعطينا فرصة للذهاب في اتجاه جديد »، لكنه نبه مع ذلك الى ان « هذا الاتفاق ليس قائما على الثقة، انه قائم على التحقق. المفتشون سيكونون قادرين على الوصول الى المنشآت النووية الايرانية الرئيسية 24 ساعة على 24 ساعة ». فبعد اسبوعين من المصالحة مع كوبا ينجز الرئيس الاميركي الديمقراطي نجاحا دبلوماسيا جديدا يطبع به نهاية ولايته الاخيرة. وهذه النتيجة تسجل نجاحا كبيرا ايضا للرئيس الايراني المعتدل حسن روحاني الذي عبر عن ابتهاجه لاستجابة « الله لصلوات امتنا » معتبرا ان الاتفاق من شأنه « ان يزيل انعدام الثقة تدريجيا » بين الاعداء التاريخيين. ووعد الرئيس الايراني بان بلاده لن تسعى « مطلقا » لامتلاك القنبلة الذرية. وقد تم انتزاع الاتفاق بعد سنتين من المفاوضات الشائكة، عقدت الجولة الاخيرة على مدى 18 يوما بدون توقف، لتكون الجلسة الختامية ماراتونية غير مسبوقة بطولها منذ تلك التي افضت الى اتفاقات دايتون التي انهت حرب البوسنة والهرسك في 1995. وقد تم تمديد المحادثات بين ايران ومجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا والمانيا) مرات عدة بسبب خلافات ذللت في نهاية المطاف. والاتفاق النهائي يؤكد على المبادىء الكبرى التي وضعت في لوزان في نيسان/ابريل، تلتزم بموجبها طهران بتقليص قدراتها النووية (اجهزة الطرد المركزي، مخزون اليورانيوم المخصب...) خلال سنوات عدة كما يسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقيام بعمليات تفتيش اوسع. والهدف هو قطع الطريق امام ايران لصنع القنبلة الذرية، مع الضمان لايران التي تنفي اي نية لديها في امتلاك القنبلة، حقها في تطوير طاقة نووية مدنية. وفي هذا الصدد اوضح وزير الخارجية الاميركي جون كيري انه مع تقليص المنشآت الايرانية سيتطلب صنع قنبلة من قبل طهران نحو سنة، مقابل شهرين الى ثلاثة اشهر حاليا. في المقابل سترفع العقوبات الدولية التي فرضتها الولاياتالمتحدة والامم المتحدة والاتحاد الاوروبي على ايران وتخنق اقتصادها بصورة تدريجية. ويمكن رفع اولى العقوبات اعتبارا من النصف الاول من العام 2016 ان التزمت الجمهورية الاسلامية بتعهداتها. وفي حال انتهاك الاتفاق يمكن فرضها مجددا. وهذا الشرط بامكانية اعادة فرض العقوبات سيعمل به لمدة خمس عشرة سنة.