أدى رئيس الحكومة التّونسيّة يوسف الشّاهد زيارة رسميّة إلى ألمانيا دامت يومين (14 و 15 فيفري الجاري)، بدعوة من المُستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، وتضمّن برنامج الزّيارة لقاء مع المستشارة الألمانيّة وعدد من المسؤولين تناول فيها رئيس الحكومة التونسيّة وسائل تحسين مجالات التّعاون وتوطيد العلاقة بين تونس و ألمانيا. و مثّل التطرق إلى ملفّ الهجرة السريّة والإرهاب وترحيل المُهاجرين التّونسيين غير الشرعييّن أهم مطالب الجانب الألماني في هذه الزّيارة. و تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أنّ المحرّك الأساسي لهذه المطالب، العمليّة الإرهابيّة التي نفّذها طالب اللجوء التونسي " أنيس العامري" في إحدى أسواق العاصمة برلين وخلّفت أنذاك 12 قتيلا 49 وجريحا في شهر ديسمبر الماضي. فماهي تفاصيل لقاء يوسف الشاهد بأنجيلا ميركل ؟ وكيف سيتمّ حلّ مشكل ملفّ المهاجرين التونسيين غير الشرعيين بألمانيا؟ حول تداعيات زيارة رئيس الحكومة إلى ألمانيا و أهدافها الرئيسيّة، اعتبر المحلّل والخبير في الجماعات الإسلاميّة "عليّة العلاّني" أنّ الهدف الجوهري من الزّيارة حلحلة الملفّ الأمني الذي طفى على السطح إثر العمليّة الإرهابيّة ل "أنيس العامري" و التي عكست صورة سلبيّة للمهاجرين التونسيين في أوروبا عموما و ألمانيا على وجه الخصوص و ساهمت في تعبئة الشعب الألماني ضدّ المهاجرين غير الشرعيين وهو ما أدى بدوره إلى تسليط ضغط شعبي مضاعف على ميركل.. بالإضافة إلى ملفّ المُهاجرين الذين لم يتم منحهم اللّجوء السّياسي،هناك مسائل أخرى من ضمها طلب إنشاء مُخيّم للمُهاجرين الأفارقة و غيرهم بتمويل ألماني وإغراءات ماليّة كبيرة كانت ستُقدّمها ألمانيا في حال قبول فكرة إنشاء المُخيّم و الإهتمام بهؤولاء العائدين. ويقول العلاّني أنّ الحُكومة التّونسيّة اتّعظت من تجربة مُخيّم الشّوشة الذي أُقيم للمُهاجرين في ولاية مدنين بالجنوب التّونسي في شهر فيفري 2011، و الذي تسبّب أنذاك في عدّة مشاكل أبرزها تشبّث المُهاجرين بالمكان و ترحيلهم بالقوّة من قبل القوات الأمنيّة التونسيّة.. وهو نفس السبب الذي دفع السلطات التونسية إلى عدم السماح بإقامة مخيّم للمُهاجرين الأفارقة على أراضيها. و في الحديث عن آليات التّعاون بين الطّرفين، إعتبر مُحدّثنا أنّ قرار التّرحيل قد تمّ اتّخاذه بين الطّرفين على مراحل دون شكل مكثّف و تقديم مُساعدات ماليّة لهم قصد تمكينهم من إنشاء مشاريع خصوصًا و أن عددهم لا يتجاوز ال1500 مُهاجرا تونسيًّا،حسب تعبيره. التكتّم عن الموضوع من الجانب التونسي،يمكن تفسيره بإقناع الجانب الألماني على إتمام الإجراءات المُتعلّقة بالملفّ دون ضجّة إعلاميّة و في كنف السريّة حتى لا تنتقل العدوى إلى بقيّة الدول الأوروبيّة و من أبرزها فرنسا و إيطاليا..علاوة عن هشاشة الوضع الوطني و صعوبات المرحلة الرّاهنة.. كل ما أرجف و قيل، يصبّ في خانة تطوير التّنسيق الإستخباراتي بين البلدين و تطوير المنظومة الإستعلاماتيّة التّونسيّة، لاسيما أن من بين المهاجرين التونسيين الذين تعتزم ألمانيا ترحيلهم من يُشتبه في إنتمائهم لتنظيمات إرهابيّة و أنّ منهم من له علاقة بعمليّة باردو الإرهابيّة. هذا وبيّن عليّة العلاني أن عمليات التّرحيل ستتم الصّائفة القادمة وستخضع إلى عملية مراقبة مشددة لفرز من تعلقت بهم شبهات إرهابية أو تورطوا في أعمال إرهابية. زيارة الشّاهد إلى ألمانيا كانت بهدف تعزيز العمل الإستخباراتي و تطوير التّعاون الأمني،إلاَّ أنّها حملت في طيّاتها اتّفاقًا يقضي بعودة المُهاجرين التّونسييّن من ألمانيا بدعم ألماني..إجراء ستليه زيارة مُرتقبة للمُستشارة "أنجيلا ميركل" لتونس الأسبوع القادم.