إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    الاحتجاجات تمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    حالة الطقس هذه الليلة    بتهمة التمييز... أربع صحافيات يقاضين "بي بي سي"    أسعار المعادن في العالم: الذهب والفضة الملاذات الآمنة والنحاس مقياس للصحة الاقتصادية    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    تونس تحي اليوم الوطني للدبلوماسية    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    ما قصة هروب افارقة من حافلة متجهة إلى ولايتي جندوبة والكاف ؟    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    جندوبة: 6 سنوات سجنا وغرامة مالية لممثّل قانوني لجمعية تنموية    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه.    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    قرعة كأس تونس 2024.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوجه الجديد للصين
رسالة بيكين: تحوّلات اجتماعية طريفة... والنّمو الاقتصادي خط الأمان في سياسة الانفتاح
نشر في الصباح يوم 04 - 05 - 2008

بيكين - «الصباح»: كثيرة هي التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يشهدها المجتمع الصيني وهي تحولات لايستهان بها ولا يمكن ان تخفى على ملاحظ وقد بدات هذه التحولات تثير اهتمامات الغرب وتسبب انزعاجه وقلقه العلني في احيان كثيرة لاسيما امام النمو الاقتصادي المتسارع للصين
وما افرزه من امتداد للعملاق الصيني لا يكاد يستثني قارة من العالم. وكما ان لهذا النمو مزاياه الكثير على احد اكثر المجتمعات انغلاقا وعزلة خلال الحرب الباردة فان له ايضا انعكاساته على خصوصيات هذا المجتمع الذي يشكل ربع سكان العالم ... وقد لا نذيع سرا اذا اعتبرنا ان افضل طريق لرصد بعض من هذه التحولات لن تكون عبر اللقاءات الرسمية او الاجتماعات الكثيرة المغلقة في مكاتب المسؤولين من مختلف القطاعات ذلك انه وان كانت هذه اللقاءات على درجة من الاهمية من حيث الحصول على المعلومة المطلوبة المرتبطة بلغة الارقام والاحصائيات والمواقف الرسمية لاحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي ازاء القضاء الاقليمية والدولية فانها تبقى بعيدة عن اشفاء الفضول الصحفي والرغبة في الاطلاع ومعاينة الواقع.
ولا شك ان افضل طريق لاستكشاف المتغيرات الحاصلة في المجتمع الصيني تمر عبر وسائل النقل العمومي وليس سيارات الاجرة التي تظل اسعارها مرتفعة كما عبر الشوارع القديمة والازقة الصينية والمطاعم الشعبية والاسواق الشهيرة التي تبقى نبض الشارع لا سيما لمن خبر احوال الصينيين وعايشهم بعض الوقت وحمل في رصيده بعضا من لغتهم ومفتاح التخاطب معهم. والحقيقة ان ما يمكن ان يدفع بالزائر الى التوغل بين الاحياء الصينية ودروبها والوقوف على سحر الشرق الذي بدات بيكين الجديدة تفتقده ما ادركته ايام الدراسة بمعهد بيكين للغات عن طباع الصينيين وصفاتهم واخلاقهم وفلسفتهم في الحياة فهم مسالمون الى درجة مثيرة طالما انهم لم يتعرضوا للاستفزاز او الاهانة فهم اذا ما تعرضوا للاساءة او جرحت مشاعرهم فعليك ان تتوقع منهم كل شيء وهم فوق كل ذلك يقدرون الاجانب ويحسبون الف حساب للقانون ولايمكن بالتالي ان يسببوا الاذى للزائر اينما كانوا وفي أي وقت كان.
حدثان اساسيان ترسخا في الذاكرة هذه المرة قبل حتى ان تبدا الزيارة وعلى متن الطائرة كانت تجلس الى جانبي طفلة اوروبية في الثانية عشرة يبدو انها كانت تتجه لقضاء عطلة مع والديها في الصين وقد كانت الطفلة تحرص خلال الرحلة على مراجعة بعض العبارات التي تعلمتها بالصينية استعدادا للحدث اما الثانية فقد ارتبطت بمسافر اوروبي متقاعد ايضا كان سعيدا بعودته الى الصين مع مجموعة من اصدقائه لاستكشاف الجنوب وكان يردد انه يخطط للعودة مجددا في الصين صيفا على متن دراجة نارية وهو ما يعكس حقيقة باتت واضحة وهي ان العملاق الصيني بدا يثير اهتمام الجميع وان البعد الجغرافي كما الحاجز اللغوي لم يعد يشكل عائقا ان هذا الاهتمام لن يتوقف قريبا لا سيما بعد ان تحولت الصين الى مصنع اقتصادي عالمي للبضائع التي غزت الاسواق والبيوت. ويبدو ان السلطات الصينية قد ادركت من جانبها هذا الاهتمام فحرصت على مضاعفة عدد المنح الممنوحة للطلبة الاجانب في مختلف الاختصاصات العلمية والطبية والهندسية للدراسة في الصين في السنوات القليلة الماضية وحسب مصدر مطلع في وزارة التعليم فان حكومة بيكين تتجه هذا العام مجددا الى تقديم المزيد من المنح التي ترتفع سنويا بثلاثة الاف منحة وهو رقم من شانه ان يعكس الكثير بشان الخيارات المستقبلية لهذا البلد وقد بلغ الرقم العام الماضي حجما قياسيا بارتفاعه الى 195 الف منحة من 188 بلدا يتوزعون في ثلاث وثلاثين مقاطعة صينية ولعل الملاحظ ان 72 من هذه المنح ترصد للطلبة الاسيويين تليها اوروبا بثلاثين بالمائة ثم امريكا بعشرة في المائة فافريقيا بثلاثة في المائة فقط...
والحقيقة ان حجم هذه التحولات في المجتمع الصيني انما تبدا من مطار بيكين العملاق في بنائه وتجهيزاته كما في طاقة استيعابه واستعداداته المثيرة تحسبا للحدث القادم في الاولمبياد فقد اقيم ليعوض المطار السابق الذي كان يطغى عليه البؤس وتلك الصبغة الشيوعية الداكنة التي من شانها ان تؤثر على النفوس وتدعو الى النفور ومطار بيكين اليوم يعكس الوجه الجديد للعاصمة الصينية بكل متغيراتها الحضارية التي لم تعد تجعل منها مجرد متحف مفتوح للاثار والكنوز التاريخية بل منارة اقتصادية تجارية وحتى ثقافية ولولا اللافتات التي تذكرك بين الحين والاخر انك في بلاد الكونفيشيوس لخلت انك في نيويورك او طوكيو او غيرها من المدن العالمية فقد امتد زحف البناءات العملاقة وناطحات السحاب والورشات القائمة والاستعدادات الجارية لاحتضان الالعاب الاولمبية بما في ذلك الملعب الاولمبي الذي شيد على شكل عش العصفور الى جانب مختلف المباني الرياضية الاخرى ليؤكد ان الصين اليوم مولود سياسي واقتصادي متجدد يحسب له الغرب الف حساب وحساب وذلك رغم اصرار المسؤولين الصينيين على ان بلادهم لا تزال دولة نامية امامها طريق طويل وصعب.
من بيكين الى شانغهاي... عندما تستفيق الصين
بين العاصمة السياسية بيكين والعاصمة الاقتصادية شانغهاي اكثر من مشهد مشترك لا سيما عندما يتعلق الامر بالتحولات المثيرة المسجلة في حياة المجتمع الصيني يعد شارع وانغ فوتين في بيكين القلب النابض للعاصمة الصينية فهذا الشارع المشرف على" ساحة تيان ان من" وقصر الشعب لم يكن به قبل عقد ونصف من الزمن غير فندق واحد وهو فندق بيكين الا انه اليوم يجمع سلسلة من الفنادق الفاخرة الممتدة على جانبيه وقد اختفت منه تلك المحلات الصينية التقليدية لتحل محلها سلسلة من المحلات التجارية الفاخرة الممتلئة حتى اخر الليل والماركات العالمية التي كانت حتى وقت قريب محرمة في بلد ماوتسي تونغ او حكرا على الصينيين من هونغ كونغ او ماكاو والشارع يعد قبلة الصينيين الذين باتوا يقبلون على ملذات الحياة بنهم شديد ويسعون لتعويض سنوات الحرمان الطويل ولا يترددون في الاقبال على استهلاك الاطعمة المختلفة وارتياد المطاعم في عطلة نهاية الاسبوع واقتناء الملابس بنهم شديد وهو بالتاكيد امر مرتبط بالتطور الحاصل في مستوى المعيشة بالنسبة للصينيين خلال السنوات الماضية نتيجة النمو الاقتصادي المتسارع وسياسة الانفتاح التي اقرها الزعيم الصيني الراحل دنغ سياو بينغ والتي بدات تاتي ثمارها لتنعكس بوضوح على المجتمع الصيني الذي بدا يتجه اكثر فاكثر ولا سيما فئة الشباب منه نحو نمط حياة الغرب في مظهره كما في طباعه، ويبقى شارع الحرير الى جانب شارع الوانغ فوتين احد الاماكن التي ستثير حب الاطلاع لدى الزائر فهذا الشارع الذي يستقبل عشرين الف زائر يوميا وقد يصل العدد الى الستين الف في نهاية الاسبوع يبقى قبلة السياح بدون استثناء قبل سنوات كان شارع الحرير لسوق شعبية تجمع بعض المحلات التجارية المتواضعة التي اختفت اليوم لتفسح المجال لمحلات فاخرة وبناءات قد لا يكفي يوم باكمله لزيارة احد طوابقها فضلا عن مطاعم الاكلات السريعة التي اكتسحت الصين لتنافس المطاعم المحلية التي تعرض على زبائنها العقارب والافاعي والخنافس والبامبو. وفي كل ذلك تبقى الموسيقى الصاخبة وصرعات الحلاقة الغريبة والالوان الشقراء التي يميل لها الصينيون مثالا اخر على تاثيرات العولمة على اذواق الشباب في العالم. ولعله من المواقع الاخرى التي لا يمكن تجاهلها في بيكين الجديدة تلك المتعلقة بمبنى المسرح الوطني الجديد وهو تحفة فنية تعكس عمق الاهتمام الصيني بالمسرح والفن فهذا المعلم الذي افتتح العام الماضي يتربع في هيبة على مقربة من ساحة تيان ان من ويدعو الزائر للوقوف على ضخامته وقد تم تشكيل المتحف الوطني على شكل بيضاوي يصل عمقه تحت الارض اكثر من ثلاثين مترا تحيط به بحيرة اصطناعية لا تتاثر بالعوامل المناخية ولايمكن لمياهها ان تتجمد في الشتاء والمسرح يجمع ثلاثة مباني دار للاوبرا وقاعة سمفونية واخرى للعروض المسرحية وقد استعمل اكثر من ثلاثين نوعا من الحجارة الصينية في تزويقه ورغم كل مظاهر الفخامة والابداع الواضحة في كل جزء المبنى الذي يحتضن خمس مائة عرض سنوي فان تكاليفه لم تتجاوز الثلاثة مليار يان صيني ...
كان هذا قليل مما امكن رصده ونقله عن الوجه الجديد للعاصمة الصينية بيكين التي يعود بنائها الى اكثر من ثلاثة الاف سنة وتبقى كتابا مفتوحا يحوي من الاغراءات والاسباب ما لا يحصى ولايعد لاستكشاف المزيد وذلك قبل الانتقال الى العاصمة الاقتصادية شانغهاي ذات الثمانية عشر مليون نسمة والتي تحولت من مدينة لصيد الاسماك الى قطب مالي وصناعي عالمي ينافس الاقطاب المالية الكبرى ولعل في موقع المدينة التي تعد اكبر ميناء وموقع اقتصادي في الصين ما يجعلها تكتسي اهمية خاصة بفضل نهر اليانغتسي الذي يخترقها ونهر هوانغبه الذي يمتد على ثمانين كيلومترا وهي بالتاكيد تشهد على حجم النمو والتطور الحاصل في هذا البلد الذي طالما استفرد بالمكتشفات العالمية المشهورة عالميا وهي الابرة المغناطيسية والبارود والورق والطباعة التي اشتركوا فيه مع العرب ولاشك ان شانغهاي التي عرفت الكثير من التطورات في اعقاب مرحلة حرب الافيون في اربعينات القرن الماضي اصبحت اليوم مركزا ماليا تتدفق عليه رؤوس الاموال الاجنبية.
شانغهاي لم تتخلف بدورها عن موجة التحديث التي شملت العاصمة بيكين كما غيرها من المدن واذا كان للعاصمة بيكين اكثر من مرصد يمكن متابعة التغييرات الحاصلة فيها فان الاكيد ان شارع تيان تجين بدوره يبقى مراة العاصمة شانغهاي وهو ليس اكثر من تجسيد مصغر للمدينة التي تعيش عصرها الجديد بمختلف منشاتها وطرقاتها وبناءاتها واضوائها التي لا تقل اهمية عما تشهده بيكين من عمليات تجميل واعادة ترتيب لملامحها... ولعل ما يمكن تسجيله في مدينة شانغهاي ما تقدمة المدينة للزائر من طرائف مثيرة هي بلا شك من افرازات التحولات المتسارعة في المدينة فقد باتت تربية الحيونات الاليفة من المظاهر المنتشرة بين الصينيين من مختلف الاجيال وقد كان الصينيون من هواة اكل القطط والكلاب وهم اليوم يسعون بالظهور بمظهر المهتم بالحيوانات الاليفة والعناية بها اسوة بالغرب بما يمكن ان يعكس فراغا جديدا في حياة الصينيين لم يكن له موقع من قبل بسبب متغيرات الحياة الكثيرة وتاخر سن الزواج او كذلك ربما بسبب الاكتشافات المرتبطة بامراض سارس الذي هدد الصين قبل سنوات,,, ومن الطرائف ايضا ما وجده اهل المدينة في العادات الطبية الصينية التقليدية ما يمكن ان يوفر فرصا كبيرة للعمل والكسب لذلك فليس من الغرابة في شيء ان تعترضك محلات التدليك او "الماساج" اينما ذهبت في مختلف شوارع المدينة بل ان بعض المحلات التجارية الكبرى افردت مساحات واسعة منها للزبائن للاستراحة والتمتع بساعة استرخاء مقابل اسعار متفاوتة حسب مواقع المحلات وخدماتها اضافة الى ذلك فان شانغهاي تشهد انتشارا واسعا للمحلات الخاصة للتدليك للساقين ويعتمد اصحاب هذه المهنة لاقناع زبائنهم على جذور الفلسفة الصينية القديمة والتاكيد على اهمية القدمين في حمل ثقل الجسم كامل اليوم وحاجتهما بالتالي للعناية لمواصلة متاعب الحياة وهي طريقة ذكية جعلت من التدليك صناعة عصرية مربحة ومن المظاهر الاخرى التي ترتبط بشنغهاي ذلك الاقبال والجراة لدى فئة واسعة من الشباب على عرض خدماتهم للاجانب والمتمثلة في الاستعداد لمصاحبتهم في جولة عبرالمدينة مقابل تبادل الحديث معهم باللغة الانجليزية كطريقة للتدرب على اللغة مما لا يمكن لزائر شانغهاي ان ينسى عمليات "القرصنة" التي يمكن ان يتعرض لها في وضح النهار على يد 'تجار الشنطة' الذين يملؤون الشوارع ويلهثون وراء الاجانب لزيارة محلاتهم الصغيرة المتخفية في الازقة الملتوية او في دهاليز العمارات القديمة وخلف البناءات العملاقة الحديثة ولهؤلاء قدرة فائقة في استدراج السائح واستقراء ملامحه ومدى رغبته في التسوق واذا كان هؤلاء يثيرون بعض مشاعر الاستنفار في البداية فانك لا تلبث ان تدرك ان غايتهم ليست اكثر من تسويق بضاعتهم المكدسة وتحقيق الربح المادي وستجد ان هناك الكثير ممن سبقوك الى تلك المحلات يدفعهم الى ذلك حب الاطلاع او كذلك البحث عن التسوق باسعار زهيدة لبضائع تملا اسواق العالم... وهؤلاء تمتلئ بهم شوارع شانغهاي وهم من الجنسين واذا ما اقتنعت بخدماتهم فانهم سياخذونك الى محلاتهم السحرية وهي اشبه بمغارة على بابا حيث وما ان تفتح بابا حتى ينفتح امامك اخر واخر من خلال جدار متحرك يخفي ما في المحل من بضائع من مختلف الماركات العالمية وهي على درجة من الدقة في التقليد بحيث يصعب التمييز بينها وبين الاصلي وسيبدا هؤلاء بتقديم اسعار خيالية لبضائعهم قبل ان يدخلوا مع الزبون في مساومة تنتهي بقبول السعر الذي تريده وانت تعتقد في قرارة نفسك انك الرابح والحال ان الحقيقة هي العكس تماما وحكاية هؤلاء معروفة في شانغهاي فهم يمارسون لعبة التجارة الموازية ولا يسددون الضرائب ويحققون الارباح الطائلة.
تلك اذن بعض من مشاهد وصور علقت بالذاكرة وهي بالتاكيد تحمل في طياتها الكثير من التناقضات والمفارقات التي يعيش على وقعها المجتمع الصيني بعد عشرين عاما على احداث تيان ان من التي اهتز لها العالم والتي كانت وراء تغيير وجه الصين الذي طالما ارتبط بالبدلة الزرقاء او بدلة الرفيق ماو التي جمعت بين كل فئات المجتمع الصيني طويلا وبين صحفة الارز التي كان الصينيون يتجمعون من حولها قبل ان تتغير احوالهم ويتحولوا الى قوة بشرية واقتصادية وعسكرية لا مجال لتجاهلها او غض الطرف عن طموحاتها السياسية والتجارية وغيرها بدات تثير مخاوف الغرب وتستاثر باهتمامه ليبقى السؤال المطروح لماذا يخاف الغرب استفاقة المارد الصيني وهل ان هذه المخاوف مبررة؟ وهو السؤال الذي سنحاول البحث عن مختلف جوانبه في العدد المقبل من هذه الورقات حول تحولات المجتمع الصيني....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.