بيكين «الصباح»: غير بعيد عن ساحة "تيان ان مين" بوابة السلام السماوي التي كانت مسرحا لاشهر الاحداث والتحولات الصينية خلال النصف الثاني من القرن الماضي تحول فندق الغاردن بالعاصمة الصينية الى مركز حوار عربي صيني مفتوح هو الاول من نوعه بين العالم العربي والعملاق الصيني حيث شهد الفندق افتتاح ندوة الاعلام العربي الصيني بمشاركة عدد مكثف من مسؤولي الاعلام العرب والديبلوماسيين المعتمدين في الصين اضافة الى ممثلين عن جامعة الدول العربية ومجلس السفراء العرب في بيكين واتحاد الاذاعات العربية الى جانب عدد من ممثلي الصحف والقنوات العربية فيما وصف بانه اكبر وفد اعلامي عربي من نوعه تستقبله الصين تحت اشراف وزارة الخارجية الصينية. وياتي هذا اللقاء قبل ثلاثة اشهر على موعد افتتاح دورة اولمبياد بيكين وفي خضم ضغوطات وانتقادات متفاقمة من جانب الغرب بسبب الاحداث التي اهتزت لها التيبت في شهر مارس الماضي والتي اعتبرتها السلطات الصينية محاولة لعرقلة جهودها في احتضان الدورة المقبلة. وخلال افتتاح اشغال الندوة قال السيد وانغ تشين مسؤول ادارة الاعلام الصيني في مداخلة مطولة عن العلاقات العربية الصينية في الماضي والحاضر ان شعار الندوة الذي يدفع الى التعاون الاعلامي من اجل تعزيز الصداقة الصينية العربية يعكس رغبة الشعبين الصيني والعربي في تطوير علاقات التعاون في مختلف المجالات. وشدد المسؤول الصيني في كلمته على العلاقات والروابط التاريخية بين الصين والدول العربية مضيفا ان العالم العربي يعد ثامن اكبر شريك اقتصادي للصين واعتبر ان مرور ثلاثين عاما على تنفيذ سياسة الاصلاح والانفتاح في الصين تحمل في طياتها مغزى خاصا بالنسبة للصين ولمرحلة التحديث والانفتاح على العالم الخارجي بما ساهم في دفع الاقتصاد الصيني ومستوى العيش لدى الصينيين... نائب وزير الخارجية الصيني ووخونغ بوwu hong bo : "الصين كانت وستبقى مؤيدا للقضايا العربية العادلة" من جانبه اعتبر نائب وزير الخارجية الصيني ان هذا المنتدى يعد حوارا لحضارتين تركتا بصماتهما على الانسانية ويهدف للاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين مختلف الشعوب وقد دعا المسؤول الصيني الى مزيد تنسيق المواقف بين الصين والدول العربية ازاء القضايا الدولية واعتبر ان مثل هذا اللقاء من شانه ان يعطي دفعا قويا لبناء منتدى صيني عربي.. وشدد المسؤول الصيني على عراقة العلاقات التاريخية بين الصين والعالم العربي منذ عصور قديمة.. وقال ان حجم التبادل التجاري الصيني العربي بلغ سنة 2007: 86 مليار دولار واضاف بان الصين كانت ولاتزال داعما ومؤيدا للجهود من اجل السلام في الشرق الاوسط والى جانب القضايا العربية العادلة وشدد على ضرورة استخلاص من دروس الماضي ما يحقق التقدم بين الشعوب العربية والشعب الصيني.. الندوة كانت بدورها مناسبة من الجانب الصيني مع بدء العد التانزلي لموعد الاولمبياد للتنديد بالحملة المعلنة على الصين وتوجيه رسالة مفتوحة الى مختلف الانتقادات الموجهة للصين بسبب ملف التيبت بان بين يديها اكثر من سلاح للرد واول تلك الاسلحة مقاطعة البضائع القادمة من الدول المعنية بعد تنظيم الصينيين عدد من المظاهرات الاحتجاجية امام المحلات الاجنبية لاسيما الفرنسية وهو ما ساهم في جعل الرد الفرنسي يصدر بسرعة بعد قرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التحرك بعجل لتطويق بوادر ازمة قد لا تقدر المؤسسات الفرنسية على تحمل انعكاساتها والبحث عن راب الصدع الذي اثاره مرور الشعلة الاولمبية في العاصمة باريس وتلميحات رئيسها بمقاطعة الاولمبياد... كلمة السفراء العرب في المنتدى تولى ألقاءها عميد السلك الديبلوماسي في بيكين السفير السوري محمد خير الوادي الذي شدد على اهمية الندوة في دعم العلاقات الصينية العربية مستقبلا والتمهيد لمزيد التعاون المثمر في مختلف المجالات واكد على ضرورة بعث مركز اعلامي عربي صيني مشترك والتفكير في انتاج برامج اعلامية تؤرخ لمسيرة العلاقات الصينية العربية منذ طريق الحرير... ويشارك في هذه الندوة التي تستمر الى نهاية الاسبوع ممثلون عن جامعة الدول العربية بينهم السفير محمد الخمشيلي وممثلون عن مجلس وزراء الاعلام العرب بينهم عبد الله محمد الشريف الى جانب وزير الاعلام اللبناني السيد غازي العريضي وممثلين عن اتحاد الاذاعات العربية... وقد ألقت الندوة في جانب منها الاضواء عن الاستعدادات للاولمبياد والتجهيزات والاتفاقات الحاصلة مع الدول العربية بشان التغطية والبث لنقل فعاليات حفلي الافتتاح والاختتام وحقوق النقل للدول العربية وفق مشاركاتها في الاولمبياد. وتاتي هذه الندوة قبل ثلاثة اشهر على موعد اولمبياد بيكين وفي خضم سباق التحضيرات الصينية المستمرة وعمليات التجميل التي تخضع لها مختلف احياء العاصمة على مدار الساعة استعدادا للحدث الذي يجمع الصينيون على وصفه بالاختبار التاريخي بسبب الضغوطات الكثيرة والانتقادات التي تواجهها الصين من الدول الغربية بسبب ازمة التيبت واحداث لاسا الشهر الماضي فيما تسعى السلطات الصينية لتوسيع حملتها الدعائية وكسب تاييد الراي العام الدولي واعداد الراي العام الصيني لاستقبال الحدث... ولعل المثير انه برغم كل ما تواجهه الصين من انتقادات ومن حملات سلبية لم يكن ليحد من التوافد الهائل والمثير للوفود الاجنبية الافريقية والغربية منها الى الصين الى جانب الحضور الواسع في مختلف مواقع العاصمة للسياح الاجانب المتوافدين على بلاد الكونفيسوس والراغبين في فك رموز اسرارها وكنوزها الاثرية والتاريخية دون اعتبار للمستثمرين الاجانب والباحثين عن فرص بعث المشاريع في بلد المليار والنصف الذي يبقى حسب كبار الاقتصاديين سوقا استهلاكية واعدة ومتفائلة بسبب التغييرات المتسارعة التي طرات على الاقتصاد الصيني والشعب الصيني الذي لم يعد في معزل عن الغرب وبات يتوق الى نفس مستوى العيش الذي تنعم به شعوب الدول الغربية. ولا شك ان في افتتاح اول معرض للسيارات من نوعه امس بالعاصمة الصينية بيكين ما يؤكد ان الصين ستبقى وجهة كبار المستثمرين في العالم خلال السنوات القادمة وفي كل ذلك لايبدو حتى الان ان الازمة الغذائية التي تهز العالم وارتفاع اسعار الارز والقمح تزعج السلطات الصينية او تثير مخاوفها حيث يردد كبار المسؤولين في الصين بان بلدهم تنتج ما يكفي شعبها من الطعام.