تؤكد مؤشرات عديدة أن المشاورات المكثفة التي تجري منذ مدة بين الرئيس الفلسطيني عباس ورئيس الحكومة الاسرائيلية اولمرت واعضادهما بقيادة احمد قريع وليفني ورعاية امريكية قد تؤدي الى تسوية سياسية فلسطينية اسرائيليةتشمل جل الملفات الخلافية ما عدا حق ملايين اللاجئين الفلسطينين في العودة إلى اراضيهم وديارهم وعروبة القدسالمحتلة، اي ان التسوية المقترحة لا تعني سلاما شاملا بل هدنة طويلة المدى تؤدي إلى حقن الدماء والى انفراج سياسي تستفيد منه كل الاطراف بدءا من قوى المقاومة الوطنية للاحتلال الاسرائيلي. لقد سبق للزعامات التاريخية للمقاومة الفلسطينية مثل ياسر عرفات واحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي ان عرضت على اسرائيل هدنة تمتد 10 اعوام يتواصل معها التفاوض حول التسوية النهائية لكن تل ابيب في عهد شارون رفضت العرض وراهنت على الخيار العسكري وعلى توسيع المستوطنات لاغتصاب مزيد من الارض فكشفت الاحداث ان لا بديل عن الخيار السياسي في معالجة الملفات ذات الصبغة السياسية طال الزمن او قصر.. مهما كان ميزان القوى مختلا.. ومهما كان صاحب الحق الشرعي ضعيفا.. ولا شك ان عامل الوقت لا يخدم حاليا الجانبين الفلسطيني والعربي بحكم الركود السياسي الذي يقترن بالعام الاخير من حكم الرئيس الامريكي المغادر والاشهر التي تلي انتخاب خليفته.. فضلا عن استفحال تشرذم المواقف بين العواصم العربية بما في ذلك حول المسلّمات ومن بينها الدعم المالي والسياسي للشعب الفلسطيني المحاصر والجائع ولسوريا التي لاتزال ارضيها في مرتفعات الجولان محتلة وللبنان الذي يتعرض مع سوريا منذ عقود إلى انتهاكات صارخة لسيادته واجوائه من قبل القوات الاسرائيلية. لكن في كل الحالات من المفيد دعم براغماتية الرئيس عباس وتوجهات اولمرت نحو التسوية بالرغم من كون الفارق بينها ان عباس مستعد للتضحية بموقعه السياسي من اجل السلام بخلاف اولمرت الذي يضحي بالسلام من اجل تجنب اسقاط حكومته وتحالفها الهش مع قوى متطرفة مثل شاس التي تهدده كل مرة بالانسحاب اذا قبل النقاش حول مستقبل القدس العربية. ويعلم اولمرت ان اقصى اليمين الاسرائيلي الذي قتل الزعيم التاريخي الاسرائيلي اسحاق رابين قادر على اغتياله بدوره او على اسقاط حكومته، لذلك فان واشنطن والاتحاد الاوروبي وموسكو والاممالمتحدة وكل شركاء اسرائيل سياسيا وعسكريا واقتصاديا مطالبون بممارسة ضغوطات حقيقية على حكام اسرائيل الحقيقيين من قيادات الجيش والمال والكنيست لاجبارهم في ذكرى النكبة على احترام مقررات الاممالمتحدة وعلى راسها القرار 181 الذي يدعو إلى قيام دولة فلسطينية في نصف فلسطين ويرفض احتلال القدس ويقر بحق كل اللاجئين في العودة.. ولا سلام دون نظرة شاملة للحل.. ولا سلام شامل قبل اتفاقات تحترمها كل الاطراف تقوم على اساس تسويات سياسية بالتدرج.