في ظل مواجهات مسلحة وتوتر أمني خطير في لبنان.. ومفاوضات متعثرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وتصعيد عسكري متواصل لقوات الاحتلال في قطاع غزة، وملاحقة قضائية لرئيس الحكومة الاسرائيلية بتهم فساد.. تأتي زيارة الرئيس الامريكي للمنطقة لحضور احتفالات اغتصاب فلسطين.. واعلان نشأة دولة اسرائيل. وفي غمرة هذه الاحتفالات بذكرى اقتراف أبشع الجرائم في حق شعب.. على أيدي العصابات الصهيونية وتشريده للعيش في الشتات لم يتوان بوش على الإشادة بالتحالف الوثيق بين الولاياتالمتحدة واسرائيل في وجه «الارهابيين والطغاة» كما لم يبخل على الاسرائيليين بوصفه لهم «بالشعب الاسرائيلي الصديق جدا».. وقبل حوالي اشهر من انتهاء ولايته الثانية والأخيرة مازال الرئيس بوش يعتقد في امكانية تحقيق حل سلمي دائم بين الفلسطينيين والاسرائيليين وهي احدى المهام المطروحة على بساط البحث خلال هذه الزيارة للمنطقة. ومع العد التنازلي لانتهاء ولايته فإن شكوكا كبيرة تحوم حول جدوى هذه الزيارة والفرص المتاحة لاحراز اتفاق سلام حقيقي وقابل للاستمرار بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطييني. إن السياسة الأمريكية المنحازة كليا لاسرائيل برهنت على فشلها في تحريك المسار التفاوضي السلمي، بل وساهمت في تعميق التوتر في المنطقة بدءا بمجريات الاحداث في العراق مرورا بالأزمة اللبنانية الحادة ووصولا الى الحصار الاقتصادي المميت لسكان غزة، الأمر الذي ألحق اضرارا فادحة بصورة الولاياتالمتحدةالامريكية لدى الرأي العام العالمي وبرهن على الفشل الذريع للسياسة الخارجية الامريكية. إن خيبة الأمل الكبيرة التي عبر عنها الطرف الفلسطيني في أكثر من مناسبة تجاه سياسة المكيالين الامريكية تعكس موقف الفلسطينيين تجاه هذه الزيارة التي لا يعوّلون عليها كثيرا، بل يقولون أنها لا تتعدى إطارها البروتوكولي للتهنئة بعام اسرائيل الستين في قلب الوطن العربي.. وهي بالتالي إهانة تضاف للنكبة وتهنئة على اغتصاب وطن وتشريد شعب. وهذا الواقع المرير للشعب الفلسطيني المشرّد في الخارج والمحاصر في الداخل على مدى عقود في ظل صمت دولي مشبوه اختزلته المسيرات الحاشدة داخل المخيمات في سوريا ولبنان لنساء وأطفال ارتدوا الزي التقليدي الفلسطيني وثيابا بألوان العلم الفلسطيني، رافعين صورا للزعيم الراحل ياسر عرفات في مشاهد تعيد الى الذاكرة صور نزوح الفلسطينيين قسرا عن وطنهم سنة 1948.