عندما يكشف الرئيس الامريكي بانه اضطر للتخلي عن ممارسة لعبة الغولف احتراما منه لمشاعر امهات الجنود الامريكيين الذين سقطوا في العراق وعندما يقر سيد البيت الابيض بان اخر مرة تمتع فيها بممارسة لعبته المفضلة كانت يوم تفجير مقر الاممالمتحدة في بغداد الحدث الذي اعاد اليه وعيه وجعله يدرك انه من غير المناسب ان ترى امهات الجنود القتلى قائد الجيش يمارس رياضة الغولف فان الاكيد ان في ذلك ما يكفي ليكشف مفهوم التضحية ومعاني التضامن في قاموس الرئيس الامريكي الثالث والاربعين الذي وجه بهذه الاعترافات اكبر صفعة يمكن ان يوجهها سيد البيت الابيض الى فئة لايستهان بها من الشعب الامريكي كانت ولاتزال تنظر بكثير من الاستياء والغضب لاخبار وتطورات الحرب القادمة من العراق ولا شك ان الرئيس الامريكي بمثل هذه الاعترافات انما يحن الى ملعب الغولف الذي كان مسرحا لاتخاذ الكثير من القرارات المصيرية الخطيرة والتي كان احدها قرار الحرب على العراق.. اكثر من سبب من شانه اليوم ان يدعو للتوقف عند كلمات الرئيس الامريكي المثيرة للاستفزاز في كثير من جوانبها والحقيقة انه اذا كان لا احد بامكانه ان يلوم الرئيس الامريكي على ممارسة رياضته المفضلة اوالاهتمام بليقاته البدنية وحرصه على الاعتناء بحسن مظهره فان ما لا يمكن ان تغفل عنه استطلاعات الراي في رصدها لتراجع شعبية الرئيس الامريكي في هذه المرحلة انه وفي الوقت الذي كانت الحرب الملتهبة في اول جولاتها في العراق تلتهم ضحاياها كان الرئيس الامريكي يتلهى بلعبة الغولف وهوما سيحسب بالتاكيد على مسيرته وسجله في هذه المرحلة الاخيرة من ولايته الثانية قبل توديعه البيت الابيض.. ولعل من تتبع تصريحات الرئيس بوش بالامس ووعوده بالدعم والولاء امام الكنيست الاسرائيلي في الذكرى الستين لاعلان قيام الكيان الاسرائيلي واصراره المبالغ فيه في كثير من الاحيان على اظهار تعاطفه مع الشعب الاسرائيلي انما يتنزل في نفس اطار تصريحاته التي اتصفت بالصبيانية حول رياضة الغولف وعندما كان الرئيس بوش يعلن بان سكان اسرائيل السبعة ملايين سيصبح ثلاث مائة مليون عندما تكون اسرائيل في مواجهة الشر والارهاب فقد اختار بوش ان يجدد وعده السابق لمصاص الدماء ارييل شارون بل وان يتجاوز ما كان وعد بلفور نفسه منحه لليهود وقد استهان الرئيس الامريكي بكل حدود اللياقة الديبلوماسية وتعمد جرح واهانة ملايين الفلسطينيين المنكوبين في ارضهم وانسانيتهم وكرامتم...لقد اخطا الرئيس بوش في تقديراته وعوض ان يسعى وهو الذي طالما ادعى انه افضل من يتولى دفع ورعاية مسار السلام الى الاستفادة من احداث النكبة التاريخية واعادة بعض الثقة المفقودة بين اطراف النزاع فقد تعمد ان يعود الى المنطقة كمن يعود الى ملعب الغولف وكما اهان بوش مشاعر امهات الجنود الامريكيين فانه لم يحترم مشاعرالفلسطينيين الذين وثقوا ذات يوم بوعوده التي اطلقها من اجل قيام دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع اسرائيل... لقد نسي الرئيس بوش في ذكرى النكبة حقيقة واحدة وهي انه اذا كان الاسرائيلي يحتل الارض المغتصبة ويستوطن البيت الفلسطيني المسلوب ويصادرالحلم فان الفلسطيني من يحتل فكر المحتل وينغص احلامه ويفرض عليه ان تخضع كل مخططاته الاقتصادية والسياسية وحتى الديموغرافية مرتبطة بالوجود الفلسطيني.. مفارقة غريبة ما في ذلك شك ولكنها تبقى قائمة طالما بقي الاحتلال الاسرائيلي...