تابعت تدخلات بعض أعضاء مجلس المستشارين المنشورة بجريدة «الصباح» بتاريخ 7 ماي الجاري حول ضعف المستوى التعليمي وانحدار اللغات فكانت أغلبها متجهة إلى ضرورة الاصلاح الفوري للمنظومة التربوية ووسائلها التعليمية عملا بالقول المأثور من لا يصلح على الفور لن يصلح أبدا وكذلك عدم رضانا جميعا بنشر تعليم هو أقرب إلى الأمية لهذا فإني كمربّ ومطلع بعمق على التعليم في بلادنا أدعو وبكل إلحاح إلى ضرورة اعادة النظر في الشأن التربوي والوسائل العلمية والالتحاق بالعصر وعلومه من طرف مختصين في الميدان وأيضا من كافة أطياف المجتمع لأن التعليم يهم الجميع ويمس جميع الميادين حتى يبتعد عن الارتجال والاستقطاب الفوقي والوهم أيضا ومن هذه الآراء: 1) تسمية الأمور بأسمائها إذ لا توجد اطلاقا مدارس ومعاهد نموذجية فهي كالمدارس والمعاهد الأخرى باستثناء التلاميذ الذين يمكن إفراد أقسام خاصة بهم في المعاهد، أما البرامج والاساتذة والاطار فهي مثل بقية المعاهد مع المحافظة على المال العام والمصداقية فعلى سبيل الذكر لا الحصر اهدار 500 ألف دينار من المال العام لبناء مرقد ومطعم في اعدادية بنزرت حتى يتغير اسمها فقط الى نموذجية اذ ليس بها سوى أقل من عشرين تلميذا في المبيت وللمحافظة على الاسم وقع النزول في شرط 17 معدل الى أقل بكثير إذن فحتى التلاميذ أصبحوا في النموذجية كبقية المدارس وصرفت أموال دون جدوى ولمزيد التدليل على أن هناك معاهد عادية أرفع مستوى من المعاهد النموذجية فإنّ معهد الحبيب ثامر ببنزرت الذي تشرفت بالتتلمذ فيه ثم بإدارته سنوات طويلة، تحصل على أول معدل في الجمهورية وفي الجهة طبعا في مادة الاقتصاد وتسليم السيد الرئيس جاهزة للتلميذة ماهر العداد أي فاق جميع المعاهد «النموذجية». 2) إعادة النظر في نوع الشعب والاختصاصات ومدى ملاءمتها للعصر وانفتاحها على المحيط وتلبيتها لمتطلباته حتى نضمن التشغيل للخريجين. 3) الغاء 25% من امتحان الباكالوريا حتى يعتمد التلميذ على نفسه ومقدرته ومؤهلاته ويعزف من تلقاء نفسه عن الدروس الخصوصية التي ينبغي تحديدها ثم حصرها في الحرم المدرسي وابعادها عن المتاجرة والغش أحيانا فكثير من التلاميذ تكون أعدادهم في امتحان الباكالوريا أقل بكثير من أعدادهم في نفس المواد في امتحانات الثلاثيات وغايتنا من هذا هو رفع المستوى والحصول على نتائج حقيقية تضمن الجودة الغائبة الآن بسبب ما ذكرت سالفا. 4) الجمع بين التربية والتكوين والابتعاد عن الشكلية وعن الشعب التي لا آفاق لها أو التقليل من الموجهين اليها في الثانوي والعالي. 5) ضرورة الاعتناء ببرمجة التقنيات الحديثة ودعم تدريس اللغات الذي يشهد ضعفا فادحا. 6) ان برنامج 1990 من الأسباب الرئيسية في تراجع المستوى مع بعض الأسباب الأخرى كالارتجال في أخذ القرارات الهامة (منشور امتحانات السنوات الرابعة والتراجعات فيه) التي أوصلتنا إلى ضعف المستوى وانسداد آفاق التشغيل اذ لخّص التعليم في خمس شعب فقط (الرجوع الى برنامج نابليون) بينما كانت الشعب في عهد العملاق المسعدي 12 شعبة بما فيها التكوين المهني وهو عكس ما ذهب اليه السيد عامر اسماعيل في تمجيده «لاصلاح» 1990 (جريدة الصباح 7 ماي 2007 ص6). 7) الغاء مناظرة الكاباس التي صارت كابوسا وتعويضها بالانتدابات الشفافة المعتمدة على أقدمية التخرج والسن والامتياز فكيف يمكن المحافظة على التكتسبات العلمية وهي ضعيفة في الأصل وهناك الآلاف أقول جيدا عشرات الآلاف متحصلون على شهاداتهم منذ أكثر من عشر سنوات (عربية تربية تاريخ الخ...) وكيف نضمن العدالة وهؤلاء الغلابة يشاركون في الكاباس وغيرها مع من تحصل على الشهادة هذه السنة ولا يزال يحتفظ «بمعلوماته» كاملة دون نقصان بينما زميله المشارك معه يعمل منذ سنوات في حضيرة بناء أو بيع الغلال الخ... والخلاصة أنني لم أذكر الا بعض الجوانب المتسببة في ضعف التعليم وبطالة اصحاب الشهادات بعدم ملائمة الاختصاصات لمتطلبات المجتمع وهذا يدعو إلى ضرورة اعادة النظر جذريا في الشأن التربوي والمسألة التعليمية والتكوين والتشغيل والحفاظ على المال العام.