الهاتف.. والملوخية! ادارة عمومية معروفة لها خطان هاتفيان معروفان للعموم.. وفي الاشهر الاخيرة صادف ان حاولت الاتصال بأحد مسؤوليها اكثر من عشرين مرة فلم احصل عليه الا في مناسبتين اثنتين لا غير. اما السبب فهو ان احد الخطين تحول الى فاكس على الدوام رغم أنه خط هاتفي بالأساس.. والثاني دائما مشغول أي بنسبة 7 على 8 ساعات عمل في اليوم..!! وذات مرة ذهبت الى تلك الادارة لمقابلة المسؤول الذي طلب مني انتظاره قليلا.. بقيت في انتظاره حوالي 20 دقيقة عرفت خلالها لماذا كان أحد الخطين مشغولا على الدوام.. فقد كانت احدى الموظفات ممسكة بالسماعة؟ وهي على عكس كافة زملائها وزميلاتها واقفة.. وكان واضحا انها تحكي مع والدتها من كثرة ما رددت كلمة امي.. حدثتها عن كل شيء.. عن البرامج التلفزية التي شاهدتها في الليلة الماضية.. عن اشياء عديدة اخرى.. ولم تنس أن تحكي لها عن «الملوخية» التي تناولتها بالشفاء والهناء..؟! وهل تساوي مصالح الناس شيئا أمام الملوخية؟! «ارجعلي بعد جمعة»!! دائما مع هذه الموظفة التي تستحق جائزة العامل المثالي ليس في تونس فحسب وانما في العالم كله فعندما خرجت من مكتب المسؤول حضرت مشهدا زاد من «احترامي» لهذه الموظفة.. فقد ناولها شخص ملفا وطلب منها انجازه ودون ان تلتفت اليه قالت له: «أرجعلي بعد جمعة»..! المواطن الذي كان واعيا بأن انجاز ما طلب لا يستدعي غير ربع ساعة على اقصى تقدير طلب منها أن تقوم بواجبها فأصرت على موقفها المتعنت.. وصادف ان مر رئيسها المباشر فحسم الأمر اذ تناول الملف من المواطن وقام بالواجب في حوالي خمس دقائق .. فمتى يتخلص بعض الناس من مرض «أرجع غدوة» أو «أرجع بعد جمعة»!؟ «ضربة في غير جنبك»؟ يبدو ان برج هذا الركن في هذا الاسبوع كان بالهاتف لكن هذه المرة ليس هاتفا في ادارة بل هاتفا في الشارع.. لقد شاهدت يوم الاثنين الماضي لقطة تعبّر بكل صدق عن مثلنا الشعبي الذي يقول: «ضربة في غير جنبك كأنها في حيط» ظاهريا كان عونان من اتصالات تونس بصدد اصلاح عطب بأحد مجمعات الخطوط بجهة «لافايات» بالعاصمة احدهما كان «يبربش» والثاني يتكلم من خلال جهاز هاتف قار مجعول خصيصا لفريق الصيانة.. لقد مررت بالقرب منهما في منتصف النهار و45 دقيقة.. وعندما عدت في الواحدة و45 دقيقة بالضبط وجدت ان الوضع لم يتغير!! وقفت حذوهما وتظاهرت باجراء مكالمة عبر الجوال عسى ان اعرف هذا السر الذي جعل العونين يعجزان عن صنع صاروخ في ساعة كاملة فسمعت.. وعرفت ان الرجل كان يتحدث في كل شيء الا في صلب عمله.. واعود الى المثل الشعبي لابين لكم علاقته بما رأيت وما سمعت فهل استعمل هذا الشخص الذي تكلم ساعة كاملة خطا على ملك ادارته؟ الكرة تهزم الدراسة! في المدة الاخيرة طغت على الشوارع والساحات والمدارس ووسائل النقل اغاني المدارج بكل ما فيها من كلام مقبول وكلام بذيء ايضا.. المصيبة الاكبر ان اغلب من يرددون هذه الاغاني تلاميذ صغار اراهم قد حفظوا اهازيج الملاعب اكثر من حفظ دروسهم فقد سألت احدهم ممازحا مختبرا في الان نفسه: «هل تعرف متى جاء حنبعل الى تونس؟» (وطبعا تعمدت وضع فعل جاء) فقال: «عندها ثلاثة سنين» وكان يقصد قناة حنبعل او هكذا اراد ان يجيب لانه ببساطة قد لا تكون لديه اية فكرة عن القائد القرطاجني حنبعل!! وعندما اقول ان الكرة قد هزمت الدراسة بالضربة القاضية عليكم ان تسألوا ابناءكم عن اسماء اللاعبين والفرق وعن النتائج وسوف ترون انهم يعرفونها عشر مرات اكثر من التاريخ والجغرافيا والايقاظ العلمي والتربية التشكيلية. رصد: جمال المالكي