الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    خطير/ العالم الهولندي يحذّر من مشروع لحجب الشمس.. يدعمه بيل غيتس!!    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    أداة ذكاء اصطناعي تحول صورة ومقطعا صوتيا ل"وجه ناطق" بتوقيع مايكروسوفت    اليوم غلق باب الترشحات لإنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم    القصرين: وفاة 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين في إصطدام سيارة نقل ريفي بشاحنة    بطولة إفريقيا للتنس: التونسيتان لميس حواص ونادين الحمروني تتوجان بلقب الزوجي    كأس تونس: برنامج مواجهات اليوم من الدور السادس عشر    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    يستقطب قرابة نصف اليد العاملة.. مساع مكثفة لإدماج القطاع الموازي    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    نقابة الثانوي: محاولة طعن الأستاذ تسبّبت له في ضغط الدم والسكّري    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الغنوشي ورشيد عمار وسيك سالم وقريرة والسرياطي وفريعة يتحدثون عن 14 جانفي : كيف هرب بن علي وكيف نجت البلاد من حمام دم ؟؟

على امتداد عام كامل تعددت الروايات والتأويلات لما حصل يوم 14 جانفي 2011 وخاصة الطريقة التي غادر بها الرئيس السابق البلاد وكذلك كيفية تعامل النظام والمسؤولين مع ما حصل يومها من احداث انحصر أهمها بين شارع بورقيبة ووزارة الداخلية والقصر الرئاسي ومطار تونس قرطاج.
وحتى تصريحات الوزراء والمسؤولين السابقين الذين كانوا يباشرون مهامهم ذلك اليوم لوسائل الاعلام او اثناء استنطاقهم في بعض القضايا، فقد كانت غامضة ولم توضح بطريقة تشفي غليل التونسيين ما حصل يومها.. وفي الواقع فان اولى الروايات جاءت على لسان آخر وزير دفاع في عهد بن علي رضا قريرة في تصريح مثير ل«الشروق» نشرناه اول شهر فيفري الماضي.
وبمناسبة احيائنا اليوم ذكرى 14 جانفي 2011، ارتأينا جمع اهم تصريحات التي أدلى بها ابرز الوزراء والمسؤولين الامنيين الذين باشروا العمل ذلك اليوم حول ما حصل منذ الصباح والى حين الليلة الفاصلة بين 14 و15 جانفي، على غرار رضا قريرة ورشيد عمار وعلي السرياطي وأحمد فريعة وسامي سيك سالم وسمير الطرهوني.. وذلك اعتمادا على تصريحات صحفية سبق ان نشرتها «الشروق» وعلى معطيات حصلنا عليها بوسائلنا الخاصة.
ونورد كل ذلك دون أية تأويلات ونترك للقارئ استنتاج ما يمكن استنتاجه، في انتظار ان يأتي يوم يكتشف فيه التونسيون حقيقة ما حصل بالضبط ذلك اليوم.. لكن المتمعن في كل التصريحات تقريبا يلاحظ ان اصحابها كانوا جميعا وراء تجنيب البلاد حالة من الفراغ على مستوى القيادة وما قد كان سيترتب عنها من فوضى وانخرام.
رشيد عمار : بن علي سألني من الطائرة «شنوة الوضع «مون جنرال» ؟ انجّم نرجع الليلة؟»
حسب الجنرال رشيد عمار فانه في صباح يوم 14 جانفي كان يتابع الوضع بشارع بورقيبة كبقية الهياكل الامنية. وقد اتصل به السرياطي آنذاك وكان متخوفا من الوضع ومن امكانية توجه المتظاهرين الى القصر الرئاسي فطمأنه. ويضيف الجنرال عمار انه علم فيما بعد بحرق بعض منازل الطرابلسية وقد طلب منه السرياطي ارسال الجيش لحمايتها لكنه رد عليه بأن مهام الجيش هي حماية مؤسسات الدولة وليس المؤسسات الخاصة . وبعد ذلك تلقى مكالمة من وزير الدفاع آنذاك رضا قريرة يستفسره عن حقيقة وجود مروحية عسكرية تحلق فوق قصر قرطاج (حسب ما اعلم به الرئيس المخلوع وزير الدفاع) فنفى الامر.
وفي حدود الساعة الثالثة مساء توجه لمقر وزارة الداخلية للاشراف على عملية التنسيق بين الوحدات الامنية والعسكرية في ادارة حالة الطوارئ بالبلاد وفق ما امره به وزير الدفاع بناء على تعليمات من الرئيس السابق. وفي حدود الساعة 16 و 25 دق تلقى مكالمة اخرى من وزير الدفاع يعلمه فيها ان الرئيس غاضب من وجود «مندسين من الخوانجية» تابعين لفرقة مكافحة الارهاب منعوا افرادا من عائلته (عائلة الرئيس) من السفر ومنع طائرتهم من الاقلاع ويجب حسب بن علي القضاء عليهم بالرصاص ان اقتضى الامر. ويقول الجنرال عمار انه استغرب من مثل هذا الكلام ومن كلام آخر راج ذلك المساء حول استهداف قصر قرطاج بزوارق حربية وكانت كلها في رأيه تهديدات وليست معلومات ثابتة ، لذلك خير التصرف بتريث وهدوء تفاديا لوقوع مجزرة بالمطار الذي يعج بالمسافرين العاديين آنذاك، على حد قوله.ويواصل عمار قائلا انه اتضح فيما بعد ان من قام باحتجاز افراد عائلة بن علي في المطار هو المقدم سمير الطرهوني ولم يتضح له من اعطى التعليمات للطرهوني للقيام بذلك لكنه يرجح ان وراء ذلك شخصا آخر يجهله.
وأكد الجنرال رشيد عمار من جهة اخرى أنه ظل يجهل مغادرة بن علي وزوجته وابنيه البلاد الى حدود الساعة 18 تقريبا عندما اتصل به العقيد بادارة امن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية سالم سيك سالم وكان يتكلم بطريقة مضطربة للغاية وقال له «مون جينرال إيجا للقصر توه» فرد عليه عمار بانه لا يمكنه المجيء الا بتعليمات من وزير الدفاع. وقد استغرب عمار عدم اعلامه بهروب الرئيس السابق ولا بكل الترتيبات التي حصلت للاعداد لذلك (اعداد الطائرة الرئاسية وتوجيهها الى القاعدة العسكرية بالعوينة) لانه كان من المفروض ان يقع اعلامه بذلك بوصفه المنسق للعمليات الامنية.
ثم علم في ما بعد عن طريق وزير الدفاع انه تم ايقاف علي السرياطي بالمطار دون ان تقع استشارته في ذلك . وبعد ذلك تولى الجنرال عمار اعطاء تعليمات بتوجيه حافلة عسكرية صغيرة الى المطار لتأمين نقل «الطرابلسية» المحتجزين الى ثكنة العوينة. كما اكد انه لم يكن على علم بتحول الغنوشي والمبزع والقلال الى القصر الرئاسي وانه شاهد داخل مكتبه بوزارة الداخلية الكلمة التي قالها الغنوشي في التلفزة كبقية التونسيين.
وحوالي الساعة 20 و20 دقيقة اتصل به بن علي على هاتفه الجوال وساله عن الوضع في البلاد وان كانوا يحكمون السيطرة عليه وان كان بإمكانه العودة في تلك الليلة ام لا فرد عليه الجنرال عمار بانه لا يمكنه ان يقول له شيئا في ذلك الوقت لان الوضع غير واضح، فقال له بن علي انه سيعيد الاتصال به من الغد لكنه لم يتصل به.وبعد ذلك حل الغنوشي وقريرة بوزارة الداخلية وعقدوا اجتماعا طارئا بحضوره وبحضور فريعة، وفي الاثناء اتصل بن علي بالغنوشي على هاتفه الجوال وعبر له عن استغرابه من الاجراءات التي تم اتخاذها فاجابه الغنوشي بانها اجراءات دستورية وان هناك فراغا والدولة لا تحتمل الفراغ.
سالم سيك سالم : شاهدت اطارات عاملة بالقصر تهرب فانتابني الرعب.. ثم اتصلت بالغنّوشي وبالجنرال عمّار ورجوتهما إنقاذ البلاد
قال العقيد بادارة امن رئيس الدولة والشخصيات الرسمية سالم سيك سالم انه صباح يوم 14 جانفي راجت عبر جهاز اللاسلكي معلومات عن اعتزام متظاهرين قادمين من الكرم مداهمة قصر قرطاج فتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة طوال النهار حول محيط القصر وتمكين اعوان الامن الرئاسي من اسلحة فردية وذخيرة وامرهم بارتداء ازياء القتال عوضا عن الزي المدني.
وتواصل الامر على ذلك النحو الى حدود الساعة 16 مساء عندما علم عبر جهاز اللاسلكي بمغادرة موكب الرئيس السابق قصر قرطاج في اتجاه قصر سيدي الظريف ..لكن بعد ذلك بلحظات علم ان الموكب لم يتوجه نحو قصر سيدي الظريف بل نحو المطار الرئاسي حيث تنتظره الطائرة الرئاسية. وينفي سيك سالم مشاركته في تامين مغادرة الرئيس السابق للبلاد.
وبعدها علم عبر الاجهزة اللاسلكية بان المتظاهرين من المرسى والكرم سيداهمون قصر قرطاج وان بارجة حربية متجهة من جهة البحر نحو القصر وان مروحية عسكرية تحلق فوقه وعندما استفسر عن الامر لم يتلق اجابة واضحة. وبعد ذلك اتصل به السرياطي ليطلب منه الحضور حالا بالمطار ولكن عندما حاول هو الاتصال به في ما بعد وجد هاتفه مغلقا فخاف نسبيا واتصل بمسؤول آخر بالامن الرئاسي ليطلب منه توضيحا فاعلمه ان السرياطي غير موجود وطلب منه الاحتماء مما قد يحصل .وهو ما زاد في شعوره بالخوف على حد قوله خاصة بعد ان لاحظ ان اطارات عاملة بالقصر كانت بصدد مغادرة القصر جراء الخوف .
عندئذ حاول الاتصال بالجنرال عمار فلم يعثرعليه بوزارة الدفاع فاتصل بمحمد الغنوشي و اعلمه ان بن علي «هرب» مع عائلته وان تونس امانة بين يديه ولا يجب ان تضيع ويضيع معها الجميع، ثم ارسل له سيارة مصفحة لتنقله الى قصرقرطاج وفعل نفس الشيء مع رئيس مجلس المستشارين عبد الله القلال ورئيس مجلس النواب فؤاد المبزع وتعذر جلب رئيس المجلس الدستوري لطفي عبد الناظر بعد ان اغلق هاتفه .
واثناء الاعداد للشروع في تسجيل الكلمة المتلفزة التي من المفروض ان يتولى إلقاءها فؤاد المبزع نهض هذا الاخير من الكرسي الموضوع امام الكاميرا ورفض تولي الرئاسة بسبب المرض واقترح عبد القلال لذلك. لكن سيك سالم رفض قائلا ان توليه الرئاسة سيزيد في اشعال البلاد عندئذ تدخل محمد الغنوشي و اقترح ان يتولى هو الرئاسة بناء على الفصل 56 من الدستور مستظهرا بنسخة من الدستور، وهو ما تم فعلا وتم تسجيل الكلمة وارسل الشريط لمقر التلفزة التونسية واتصل بالمنسق بين التلفزة والقصر الرئاسي وطلب منه بث الكلمة فورا.
وبعد بث الكلمة في التلفزة وردت مكالمة هاتفية على محمد الغنوشي وهو لا يزال بالقصر وكانت من بن علي الذي لام الغنوشي على الكلمة التي القاها وهدده بانه سيعود فجرا الى تونس .ويؤكد سيك سالم انه قام بكل ذلك بناء على دوافع شخصية ودون اية تعليمات من اي كان حيث كان هدفه حماية الدولة والوطن.
علي السرياطي : بن علي قال لي وهو يصعد في الطائرة «ردّ بالك على الدار يا علي»
جاء في تصريحات علي السرياطي المدير السابق للامن الرئاسي على لسان محاميه أنه في حدود السّاعة الثالثة والنصف تقريبا علم بأن الرّئيس السّابق يطلب منه الحضور إلى مكتبه بقصر قرطاج حيث أعلمه بأنه وبالنظر للوضع السّائد فإنه قرّر إرسال أفراد عائلته لأداء مناسك العمرة وأنه كلّف المدير العام للتشريفات بالرّئاسة بالقيام بالاتصالات اللاّزمة في الغرض وطلب منه إعداد جوازات السّفر لهؤلاء واتخاذ ما يلزم من إجراءات ليرافقهم في سفرته وأعلمه بأن السّفر سيكون على السّاعة السّادسة مساء. وفي حدود السّاعة الرّابعة والرّبع تقريبا من يوم الجمعة المذكور تمّ إعلامه من طرف أعوانه بأن ركب أفراد عائلة الرّئيس السّابق والمتكوّن من زوجته ليلى الطرابلسي وابنه محمّد وابنته حليمة وخطيبها مهدي بلقايد والخدم المرافقين لهم يستعدّون للمغادرة فتم اعلامه ان مروحية عسكرية تحوم فوق القصر.
ثمّ تمّ إعلامه أن مركبين تابعين للحرس الوطني متجهان نحو ميناء القصر الرّئاسي ثمّ أن جموعا من المتظاهرين يقدّر عددهم بحوالي 5000 نفر قادمون من جهة الكرم الغربي نحو القصر الرّئاسي.كلّ تلك المعطيات تضافرت لدى السرياطي لتجعله يتوقّع خطرا على حياة الرّئيس السّابق ولتجعله يتوجس خيفة من خطورة الموقف.
وهو الأمر الذي دعاه إلى إعطاء التعليمات لقاعة العمليات لفتح النار على الطائرة المروحية في صورة دخولها إلى الفضاء الجوّي لقصر قرطاج باستعمال الذخيرة عيار 12,7 كما أنه أعطى التعليمات لأعوانه بوضع مخازن الذخيرة بالأسلحة استعدادا لكل طارئ.
ويضيف أنه في خصوص التّصدي للمتظاهرين إذا ما اقتربوا من القصر الرّئاسي فإنه أعطى تعليماته بالتّصدي لهم بالقنابل المسيلة للدموع.
وفي نهاية المطاف وتأمينا لمسار الرّكب الرّئاسي أمر قاعة العمليات للأمن الرّئاسي بضرورة عدم الإعلام عن تحرّكه في اتجاه المطار العسكري بالعوينة.إثر كلّ ذلك وبعد أن أعطى التعليمات التي رآها صالحة لتوفير الأمان لرئيس الدولة السّابق وبطلب من هذا الأخير قرّر الانطلاق إلى المطار العسكري وابتعد عن مطار قرطاج وذلك تأمينا لحياة الرّئيس واعتقادا منه أن المطار العسكري هو أكثر أمانا.وكان السرياطي في مقدّمة الركب المتكوّن من حوالي عشر سيّارات في اتجاه القاعدة الجوية بالعوينة وبمجرّد الوصول إلى المطار اتجه الجميع إلى القاعة الشرفية هناك وبوصولهم إليها أعلمه الرئيس بأنه يرغب في التحول مباشرة إلى الطائرة وهو ما تمّ فعلا..
ولمزيد تأمين مسار الطائرة الرئاسية طلب من قائد الطائرة تغيير مخطط الطيران وذلك بتعويض المخطّط المعلن وهو (تونس جدّة) بمخطط داخلي وهو (تونس جربة) لأن هذا النوع لا يستوجب إعلام أية جهة فنيا حسب قوانين الطيران حتى يبقى الأمر سرّا على أن يقوم القائد لاحقا بعد إقلاع الطائرة بطلب تغيير المخطط والحصول على التراخيص اللازمة.
وفي الأثناء صعد أفراد عائلة الرئيس السّابق ومرافقوهم على الطائرة الرّئاسية وعلى حين غفلة وبصفة مباغتة أعلم الرئيس السابق السرياطي بأنه غيّر رأيه وبأنه سيتولى بنفسه مرافقة أفراد عائلته في رحلتهم وسيعود على نفس الطائرة بمجرّد إيصالهم و أشار عليه بالبقاء وعدم إصطحابه وخاطبه الرئيس السابق بقوله حرفيا «يا علي، يا علي ردّ بالك على الدّار» وأقلعت الطائرة ثمّ وبعد حوالي الربع ساعة تلقى مكالمة هاتفية من الرئيس السابق وهو في الطائرة ليسأله ويتأكّد من إتمام الترتيبات مع السلطات السعودية في خصوص استقباله بالمطار.
ولم تمض الرّبع ساعة تقريبا على إنتظار قدوم الطائرة العسكرية حتى تقدّم نحوه عقيد بجيش الطيران وطالبه بتسليمه سلاحه الفردي وهاتفه الجوّال ذاكرا له بأن له تعليمات من القيادة في هذا المعنى دون أيّة توضيحات فامتثل لهذا الأمر ثمّ تمّ عزله عن باقي المتواجدين بالقاعة لفترة تواصلت حوالي العشر دقائق.
رضا قريرةرضا قريرة : خفت على الغنوشي من دخول قصر قرطاج ليلة 14 جانفي
يقول رضا قريرة انه في حدود الساعة الثامنة من ليلة 13 جانفي علم عن طريق أحد الضباط العسكريين أن بعض أعوان الشرطة والحرس بصدد تسليم أسلحتهم للثكنات العسكرية... ومن الغد في حدود السابعة والنصف صباحا (من يوم 14 جانفي) اتصل بالرئيس المخلوع وأعلمه بمسألة تسليم السلاح وبتخوفه من إمكانية حصول مؤامرة فحاول تهدئته وقال له لا تهوّل الأمور إن أعوان الأمن فعلا خائفون ولم يكن كلام بن علي انذاك يوحي حسب قريرة بأن أمرا غير عادي يحدث صباح ذلك اليوم .
في حدود منتصف نهار 14 جانفي، اتصل به بن علي هاتفيا وكان شبه مرتبك ليسأله عن سر طائرة الهليكوبتر التي ستأتي إلى قصر قرطاج وتقتل من فيه بالقنابل ويقودها أعوان أمن ملثمين... فراجع قيادة جيش الطيران للتثبت واتضح أن ذلك غير صحيح، وأعاد الاتصال مجددا ببن علي لينفي له هذه الرواية... عندئذ أجابه بالحرف الواحد «شبيه السرياطي يخلوض مَالاَ» في إشارة إلى أن السرياطي قد يكون هو من أعلمه بحكاية هذه الطائرة... وبعد ذلك بحوالي ربع ساعة اتصل بي مجددا وطلب مني إرسال الجنرال عمّار إلى مقر وزارة الداخلية ليتولى هو مهمة التنسيق الأمني بين الداخلية والدفاع في حفظ الأمن، وهو ما تم فعلا في ذلك اليوم.
عشية 14 جانفي، كانت المظاهرة الحاشدة والتاريخية التي شهدها شارع بورقيبة بالعاصمة في أشد ذروتها خاصة أمام وزارة الداخلية... وبالتوازي مع ذلك، كانت تدور أشياء أخرى بقصر قرطاج، قال قريرة انه يجهل تفاصيلها.. حيث لم يعاود الرئيس المخلوع الاتصال به مجددا.
وفي حدود الساعة الخامسة والنصف مساء اتصلت به قيادة جيش الطيران لتعلمه أن بن علي غادر البلاد من المطار العسكري بالعوينة على متن الطائرة الرئاسية منذ حوالي دقيقةبعد ذلك مباشرة اتصل بضابط عسكري سام في المطار وسأله عن علي السرياطي، فأعلمه انه موجود رفقة مدير التشريفات بالمطار فطلب منه ايقافه فورا وتجريده من سلاحه ومن هاتفه الجوال واخلاء سبيل مدير التشريفات وهو ما تم فعلا.. يقول قريرة إنه بعد إيقاف علي السرياطي وبعد إقلاع الطائرة بحوالي 5 دقائق فوجئ بمكالمة هاتفية من الرئيس الهارب.. كان كلامه متقطعا وثقيلا على غير العادة.. كان شبيها بكلام شخص سكران او تحت تأثير مخدّر او اي شيء آخر... قال له في البداية «معاك الرئيس»ثم أضاف «أنا في الطيارة» وبعد ذلك انقطعت المكالمة وانقطع الخط تماما.اتصل قريرة بالوزير الاول محمد الغنوشي لإعلامه بمغادرة الرئيس البلاد فقال له انه على علم بذلك...
ثم أعلمته بإيقاف السرياطي فاستغرب، وسأله عن مكان وجوده فأعلمته أنه أمام الباب الرئيسي لقصر قرطاج. فقال له «...لا تدخل القصر... الوضع خطير وغامض ولا يمكنني ان أقول لك ماذا سيحصل داخل القصر رغم اتخاذي اجراءات احتياطية... أنا أنصحك بمغادرة المكان حالا ولا تغامر بالدخول...
غير أن الغنوشي أجابني بلهجة حادة وبشيء من الارتباك في الآن نفسه، سأدخل القصر مهما كانت التكاليف!» ويواصل قريرة قائلا: «بقينا على اتصال متواصل بالهاتف الى حين تسجيل الكلمة التي ألقاها عبر التلفزة رفقة المبزع والقلال في حدود السابعة مساء والتي أعلن فيها توليه الحكم طبقا للفصل 56 من الدستور، أي على اساس ان الرئيس السابق غادر البلاد وقتيا وسيعود...
و بعد مغادرة الغنوشي والمبزع والقلال قصر قرطاج، تم الاتفاق على عقد اجتماع عاجل وطارئ بمقر وزارة الداخلية، وقد أحضرت معي في ذلك الاجتماع الأعضاء الخمسة للمجلس الأعلى للجيوش... وحضر الاجتماع الوزير الأول محمد الغنوشي ووزير الداخلية احمد فريعة مرفوقا بالمسؤولين السامين في وزارته و تواصل ذلك الاجتماع الى حدود الثالثة من فجر 15 جانفي، استعرضنا فيه مطوّلا كل ما جدّ من تطوّرات، حسب ما عاينها كل من موقعه... بعد ذلك اتفقنا على أن يتم تفعيل الفصل 57 من الدستور، وقد تأكدنا آنذاك من أن مغادرة الرئيس المخلوع البلاد كانت نهائية.. وهو ما تم بالفعل في اليوم الموالي حيث تولى السيد فؤاد المبزّع الحكم».
محمد الغنوشي : بن علي قال لي من الطائرة «شنية العملة إلّي عملتها... كذب إلّي قلتُو في التلفزة»
يقول الغنوشي انه يوم 14 جانفي بادر منذ الصباح بالتنسيق مع الوزراء حول تفعيل ما جاء بخطاب الرئيس السابق ليلة 13 جانفي ، ثم علم فيما بعد بقرار بن علي اعلان حالة الطوارئ و وحل الحكومة لكن دون ان يتصل به بن علي مباشرة لذلك استغرب من الامر واغتاظ وقرر مغادرة الوزارة بعد ان اقتنع ان الظروف لم تعد تسمح ببقائه على رأس الحكومة. وفي الاثناء كان يتصل من مكتبه بالوزارة الاولى بالقصبة بوزير الداخلية احمد فريعة لمتابعة احداث شارع بورقيبة، وقال ان وزير الداخلية السابق (الحاج قاسم) كان لا يتصل به ولا ينسق معه في شيء.
وواصل الاستعداد لمغادرة الوزارة نهائيا على الساعة 14 والنصف لكن اعوان المرافقة نصحوه بالترقب في ظل عدم وجود مسلك آمن لايصاله الى منزله . استشار الغنوشي احد خبراء القانون في الوزارة حول الوضعية فقال له الخبير انه يمكن اعتماد الفصل 56 كحل وقتي ظرفي ليتولى الوزير الاول رئاسة البلاد في ظل غياب الرئيس الاصلي. ثم حلت سيارة مصفحة من رئاسة الجمهورية ونقلته الى القصر، وفي الطريق جرت بينه وبين رضا قريرة وزير الدفاع مكالمات عديدة ونصحه قريرة بتوخي الحذر وبالاحتياط من علي السرياطي وطمانه بان الجيش جمهوري وسيساند الشرعية وبان الجنرال عمار على علم بكل شيء وله الثقة فيه .
وفي القصر وجد المبزع والقلال والفريق التلفزي وتم تسجيل الكلمة المتلفزة ثم اتصل به قريرة واعلمه انه اذن بايقاف السرياطي لشكوكه فيه، ولم يسمح لهم اعوان القصر بالمغادرة الى حين انتظار ردود الفعل الشعبية بعد بث الكلمة في التلفزة. وفي الاثناء وردت عليه مكالمة من بن علي والذي كان حسب الغنوشي متلعثما وقال له «شنية العملة الي عملتها ..شنوة هذا.. كذب الي قلتو.. خرج بلاغ تكذيب .. باش نوصل العائلة ونرجع» فرد عليه الغنوشي بان خروجك المفاجئ والوضع الاستثنائي حتما ذلك ومرر الهاتف للمبزع الذي قال له الكلام نفسه. ثم عاد الى منزله والتحق فيما بعد بوزارة الداخلية وعقد اجتماعا مع وزيري الداخلية والدفاع ونجحوا بالتعاون مع حامد القروي في اقناع فؤاد المبزع بضرورة تولي رئاسة الجمهورية من الغد رغم الرفض الشديد الذي ابداه المبزع آنذاك وفي ظل الاجماع التام على عدم تولي عبد الله القلال ذلك.
احمد فريعة : أنا آخر من علم بفرار بن علي
قال أحمد فريعة، وزير الداخلية الأسبق، انه كان داخل مقر الوزارة يوم 14 جانفي يتابع رفقة المديرين الامنيين (منذ الصباح والجنرال عمار (بداية من س13 والنصف) ما يحدث بشارع بورقيبة وقد اعطى تعليماته بعدم استعمال الذخيرة الحية . واتصل في الاثناء بعبد السلام جراد وبعبد الرزاق الكيلاني وبأحمد نجيب الشابي وطلب منهم دعوة المتظاهرين لعدم اقتحام مقر وزارة الداخلية.
وقال ان بن علي اتصل به على الساعة منتصف النهار ليعلمه بتكليف الجنرال عمار بمهمة التنسيق الامني بين الدفاع والداخلية. وسارت الامور بعد ذلك الى العشية عندما اتصل به وزير الدفاع رضا قريرة ليعلمه بمسألة احتجاز الطرهوني واعوانه لعائلة الرئيس المخلوع فحاول معرفة من كان وراء ذلك وارسل مدير عام الامن الوطني جلال بودريقة الى المطار لكن دون جدوى. وعلى الساعة 17 و50 دق علم بخبر مغادرة الرئيس البلاد ثم شاهد عبر التلفزة انتقال السلطة الى محمد الغنوشي.
ثم اتصل به الغنوشي وطلب منه الحضور لعقد اجتماع بمقر وزارة الداخلية ليلا. واتفقوا على ضرورة تكثيف الدوريات المشتركة بين الجيش والامن لتامين الممتلكات العامة والخاصة والاشخاص بداية من تلك الليلة.
سمير الطرهوني : أوقفت «الطرابلسية» بدافع الوطنية... ولو بقي بن علي في الحكم لأعدمني
يقول المقدم سمير الطرهوني رئيس فرقة مقاومة الارهاب انه في يوم 14 جانفي في حدود الساعة 14 بعد الزوال من يوم 14 جانفي 2011، أكد سمير الطرهوني أنه تم الاستنجاد بفرقة مكافحة الإرهاب لتعزيز الأمن داخل وزارة الداخلية في ظل الاحتجاج الشعبي. وقال الطرهوني إن فرقته تلقت تعليمات بالتأهب للرماية لقتل المتظاهرين الذين امتلأت بهم شوارع العاصمة وخصوصا أمام مقر وزارة الداخلية. الا إنه رفض تنفيذ الأمر بإطلاق النار، وأعطى تعليمات لفرقته باستخدام الغاز بدلا عن الرصاص وهو ما جنب تونس على حد قوله كارثة وحمام دم .
ويقول الطرهوني انه لا يعلم مصدر تلك التعليمات التي وردت على فرقته . ويواصل قائلا انه تلقى معلومات بعد ذلك حول وجود افراد من عائلة الطرابلسي بمطار تونس قرطاج فقال لوكيل امني عامل بفرقة حماية الطائرات بمحافظة المطار « شدهم هاني جيت». وبعد ذلك اتصل بزوجته العاملة ببرج المراقبة بالمطار و تاكد من وجود طائرة خاصة ستقلع بعد دقيقتين فامرها بمنعها من الاقلاع لكنها خافت وقالت له ان تعليمات «من فوق» تدعو الى تسهيل اقلاعها .
عندئذ توجه رفقة 10 من اعوان فرقته المجهزين بالمسدسات وبالبنادق الرشاشة على متن سيارتين الى المطارواعطاهم التعليمات بعدم اطلاق النار داخل المطار . وعند الوصول الى المطار دخلوا جميعا القاعة الشرفية التي يستعملها عادة المقربون من بن علي للسفر .
وقد حاول اعوان امن بالزي المدني اعتراضهم ومنع دخولهم لكن خاطبهم قائلا «الاولاد خليونا وخيان وما نسيبو حتى كرطوشة» فسمحوا لهم بالدخول الى مدرج الطائرات وهناك تمكنوا من ضبط «الطرابلسية» على متن حافلة تابعة للمطار كانت ستقلهم للطائرة وتم تسليمهم لقوات الجيش الوطني لنقلهم الى ثكنة العوينة.
ويعترف الطرهوني انه قام بكل ذلك دون اية تعليمات من أي طرف كان، بل بدوافع شخصية لاعتقاده الراسخ ان « الطرابلسية « هم وراء كل ما جرى في البلاد وان القاء القبض عليهم ومنعهم من السفر سيهدئ الوضع العام في البلاد، واكد في هذا الصدد انه لم يكن على علم تماما بان بن علي وزوجته وابنيه كانوا يستعدون للسفر آنذاك وان ما قام به كان يمكن ان يكلفه غاليا وكان يمكن ان يُعدم لو بقي بن علي في الحكم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.