طالعت بكل اهتمام وفي نفس الوقت بشيء من الاستغراب المقال الصادر بجريدتكم يوم السبت 31 ماي 2008 بعنوان كبير: «ينبغي التخلّي عن ملاعب "الغولف" حفاظا على الماء». فرأيت من المناسب أن أنتهز هذه الفرصة لمحاولة تسليط الاضواء على هذا النوع من المنتوج السياحي وإبراز منافعه. فالغولف، كما يعلم الجميع لعبة أنقليزية الاصل، يتم انجازها في مساحات هامّة ما بين 70 و80 هكتارا من الاراضي غير الخصبة والخصبة، تتم تهيئتها من قبل مهندسين مختصين في تصميم وتهيئة المساحات والفضاءات الخاصة بهذه اللعبة. ومما يجب ملاحظته أن ملاعب الغولف لا تستهلك المياه الصالحة للشراب بل تستعمل مياه الامطار في فصول نزول الامطار وتستهلك المياه المستعملة التي يتم تزويدها بها عن طريق الديوان الوطني للتطهير بدل من أن يلقى بها في البحر. ومن أهم الاكتشافات الحديثة في هذا الميدان ما قامت به مجموعة من العلماء في أمريكا في إفراز نوع جديد من العشب (GAZON) يتم سقيه بماء البحر. أما عن منافع ملاعب الغولف فهي عديدة، منها: ملاعب الغولف تعتبر المنطقة الخضراء والمتنفس للمتساكنين واللاعبين. هذا المنتوج السياحي مُكسِب ومُربح من الناحية التجارية ويساعد على إيجاد مواطن شغل. لعبة الغولف تجلب نوعية ممتازة من السياح ويقدّر الاختصاصيون أن مليون لاعب غولف يعادل 4 ملايين سائح عادي. وهذا ناتج عن حرص لاعبي الغولف في تنويع ملاعب الغولف لمزيد التمتع بالمواقع الطبيعية ولتقدير عقبات كل ملعب. لعبة الغولف تساعد على إنشاء وتنمية نوع خاص من العقارات حول الملاعب كالفلل أو الشقق. ويجدر التذكير بأن منطقة البحر الابيض المتوسط تمثل أكثر الوُجهات جَذبا للسياح في العالم، وهذا راجع لتغاير وتباين طبيعة مناطق البحر الابيض المتوسط التي تختلف من الناحية التاريخية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والجغرافية والتي يمثل البحر الابيض المتوسط القاسم المشترك بينها. إن بعض الظواهر مثل حركية السوق العالمية للسياحة والقرب أو الاندماج في أوروبا، ونوعية الموارد المحلية (المناخ، تنوّع المشاهد الطبيعية، التراث الثقافي) أو التصوّر الايجابي للبحر الابيض المتوسط، كل هذا يُوحي بتزايد نمو النشاط السياحي في المنطقة وتثبيت دعائمه في المستقبل كمركز من أهم مراكز جلب السياح في العالم. وفي هذا المجال فإن حظوظ بلادنا من حصص السياح الوافدين على منطقة البحر الابيض المتوسط تبدو وافرة لما تمتاز به من أمن واستقرار وأمان ونوعية طبيعتها الخلابة واعتدال مناخها. وحسب التوقعات العالمية للمنظمة العالمية للسياحة الصادرة في تقريرها "بانوراما 2020" فان معدل نسبة النمو السنوي لدخول السياح في بلدان البحر الابيض المتوسط قد تبلغ 3% الى حدود 2020. وحسب نفس المصدر يقدر أن يبلغ عدد السياح سنة 2020 حوالي 346 مليونا. إن سياحة الغولف في تطور مستمر بحيث يتوقع أن يكون عدد اللاعبين في العالم سنة 2020 حوالي 120 مليونا أي ضعف العدد الحالي. أهم مراكز الغولف بمنطقة البحر الابيض المتوسط كالاتي: وبصفة عامة فإن التدفق السياحي المتعلق بهذا الجانب يخضع لحوافز البحث عن العوامل المناخية المثالية وعن تجمّع ملاعب الغولف التي تعرض أكثر تنوعا وسهولة في اللعب، وهو ما يساعد بالنسبة لأوروبا، على تدفق اللاعبين القادمين من مناطق الوسط وشمال أوروبا نحو وجهات الجنوب والجنوب الغربي خصوصا في فترة الشتاء تبعا لسوء الاحوال الجوية التي تعوق ممارسة الغولف في مناطق إقامتهم. أثبتت الدراسة التي قامت بها "مجموعة قايشة في2005 بعنوان : تحقيق حول عادات لاعب الغولف" أن لاعب الغولف يسافر 9 مرات في السنة للّّعب. وبالفعل فإن نسبة 43,75% من اللاعبين يحققون أكثر من 9 سفرات سنويا تطابق في الغالب فترات فصول الربيع والخريف. كما أثبتت الدراسة أنه في حوالي 50% من الحالات يتم السفر مع القرين. وأن المتعاطين لرياضة الغولف هم من الحرفاء ذوي الانفاق العالي. وان فترة إقامة لاعب الغولف عادة ما تكون بمعدل4 ليال، مما يساعد على تنمية نشاطات إضافية على عين المكان. إن أهم عناصر اختيار وجهة السفر بالنسبة للاعب الغولف تتمحور حول خصوصيات المحيط، وعروض الترفيه وتسهيلات الدخول وعدد دوريات السفر بالطائرة ونوعية الاقامة. وفي هذا الاطار فإن إنجاح ملاعب الغولف مرتبط بما توفره تلك البلاد من الحاجيات الخصوصية للاعبي الغولف حسب نوعية السكن التي ترتاح لها كل فئة. فالدراسة أثبتت أن احتياجات سياح الغولف في مجال السكن تكون حسب المعدلات التالية: 32% يمتلكون عقارات محاذية لملعب الغولف 18% يفضّلون تأجير عقارات خارج النزل 20% يحبّذون استعارة العقارات من أصدقاء أو من اللاعبين المالكين للشقق 20% يستعملون النزل. ويجدر التذكير في الختام، أن المخطط المقبل للسياحة في بلادنا أخذ بعين الاعتبار المتطلبات والحاجيات المتطورة والمتغيرة للسياحة بصفة عامة ولسوق الغولف بصفة أخص، وهذا نظرا للمردودية الايجابية التي يسجلها هذا القطاع. كما أخذ بعين الاعتبار المنافسة الشديدة التي تدور على مستوى البحر الابيض المتوسط وعلى جميع القارات في العالم. ولعل التجربة الاسبانية هي أقرب مثال بالنسبة لبلادنا لنستفيد منها في تطوير سياحتنا على مستوى المنتوج وخاصة طريقة تسويقه لتكون تونس إحدى منارات البحر الابيض المتوسط. (*) الرئيس الشرفي للجامعة التونسية للنزل