في إطار سعي متحف التراث بمنطقة قلالة بمعتمدية جربة أجيم - المشهورة عالميا بالفخار والموجود على أعلى هضبة عدلون لإثراء برنامج العرض وتنويع مجموعته المتحفية افتتح بهذا الفضاء (فتح أبوابه سنة 2001) خلال الفترة القريبة الماضية جناحان جديدان الغاية منهما هي جعل المتحف حاضرا في أذهان الزوار حسب ما أفاد به الأستاذ حسين الطبجي حافظ المتحف ورجل الثقافة بجزيرة جربة لان كل زائر سبق له أن اكتشف المتحف ليس هناك داع ليعود إليه ثانية إن لم يكن هناك جديد وهذه قاعدة تسير عليها اغلب متاحف العالم. أما من حيث المحتوى وتأثيث الجناحين فقد كان على النحو التالي: الجانب الجديد الأول خصص لتقديم مجسمات لمساجد جربة، فالجزيرة حسب محدثنا عرفت منذ القدم لدى المؤرخين والرحالة بأنها جزيرة المساجد فقد تجاوز عدد المساجد بها 300 وهي كثافة استثنائية إذا أخذنا بعين الاعتبار المساحة الجملية للجزيرة. وكان المقياس لاختيار عينات ونماذج من هذه المساجد يرتكز على مبدإ تقديم أروع المساجد من الناحية المعمارية والأخرى التي تتمتع بقيمة أثرية وتاريخية فريدة اكتسبت منها شهرة تتجاوز حدود الوطن وكل المجسمات حسب الأستاذ الطبجي مصحوبة بجذاذات ومعلقات تقدم المعلم وتعطي للزائر أدق التفاصيل حول تاريخه ومكانته الحضارية. مظلة المرأة «الجربية» أما الجناح الثاني فقد خصص لتقديم تظاهرة تراثية وطريفة وفريدة من نوعها بكامل البلاد التونسية وهي مظلة المرأة «الجربية» (أصيلة جزيرة جربة) وشريطها الملون. فنساء جربة يضعن على رؤوسهن مظلة ذات مواصفات مميزة من حيث الشكل ومن حيث طريقة وضعها على الرأس ومن حيث الشريط الذي يعلق عليها ولهذا الشريط قصة حسب حافظ المتحف تنطوي على دلالات عديدة وتحمل رمزية ثرية فالمرأة المتزوجة تضع شريطا احمر اللون بينما الفتاة العذراء فان لون شريط مظلتها يكون ابيض أما التي زوجها في ديار الغربة خارج الجزيرة فإنها تثبت على المظلة شريطا وردي اللون وان الغاية من هذه الإشارات الرمزية هو جعل المرأة تعلن عن وضعيتها المدنية والاجتماعية. فالمجتمع القديم حسب الأستاذ حسين الطبجي كان مجتمعا متماسكا ومتضامنا ويعيش في جو عائلة كبرى وكان يتبني منظومة قيم أخلاقية بتنظيم المجتمع وحمايته. فالرسالة التي تصله من خلال هذه الأشرطة إنما هي دعوته وتذكيره بان هؤلاء النسوة من خلال اختلاف وضعياتهن وحالاتهن المدنية هن أمانة بين يديه فهو مسؤول عنهن باعتباره فردا من المجتمع ومسؤوليته تقتضي أن يتعامل مع هؤلاء النسوة كأنهن أختا أو أما أو زوجة. وجاءت هذه الإضافات اثر دراسات في تراث جزيرة جربة قام بها حافظ المتحف وركز فيها علي شهادات الكبار الذين توارثوا هذه التقاليد وكانوا ملّمين الماما كاملا بوظيفتها والتي كان «المجتمع الجربي» حريصا على تحقيقها طلبا لإرساء علاقات اجتماعية تقوم بالأساس على الاحترام والتوازنات بين كل أفراد المجتمع خاصة على أساس قيمة كبرى تتمثل في خلق التضامن والمسؤولية والاحترام الكامل للحرمات.