ما إن تفتح الجامعات أبوابها لاستقبال الطلبة من مختلف الجهات، حتى تبدأ رحلة من المعاناة للآلاف منهم من الجنسين والذين اضطرتهم دراستهم الجامعية للابتعاد عن عائلاتهم.. وهل هناك معاناة أكبر من السكن؟ فمع الغلاء الفاحش للمساكن الخاصة وانعدامها في بعض الجهات لا يجد الطالب او الطالبة من خيار سواء اللجوء الى المبيت الطلابي ومن هناك تنطلق المشاكل. تذمرات كثيرة تسمعها على لسان الطلبة حول انعدام الظروف المحفزة على الدراسة وغياب المستلزمات الضرورية التي تضمن الراحة وطلبات لا تنتهي بوجوب تحسين بيئة السكن الجامعي ومتابعة اوضاع الطلبة داخله.. فهل وجدت الطلبات آذانا صاغية؟ الاجابة تأتينا من خلال هذه الجولة التي قادتنا الى بعض الجهات.. رحلة تنطلق في جزئها الاول من نابلومنوبة والشمال الغربي.. في نابل: بنية مهترئة.. أشغال تحرم 200طالب من السكن.. ضجيج وصعوبات في النقل غرف ضيقة بعضها بأبواب لا تغلق أكد طلال رمضان ممثل طلبة المبيت الجامعي بالمرازقة (نابل) أن الوضعية سيئة للغاية وقد تعددت الإخلالات وتنوعت النقائص التي يشكو منها المبيت الجامعي مما أثر على الطلبة من كلا الجنسين والقادمين من داخل الجمهورية. فالمشاكل تنوعت بين بنية تحتية مهترئة وغرف ضيقة ومرافق يحتاجها الطالب غير متوفرة وخدمات مفقودة.. نقائص بالجملة وإصلاحات غير ممكنة دورات مياه في حالة رثة وأبواب لا تغلق وتجهيزات مفقودة داخل الغرف من كراسي وطاولات وخدمات أنترنات لا تصل للغرف.. تلك هي أبرز النقائص التي حددها ممثل الطلبة طلال رمضان قائلا: "قضيت 3 سنوات بالمعهد التحضيري بنابل قبل أن أنتقل مع مطلع السنة الجامعية الحالية لمواصلة الدراسة بإحدى المؤسسات الجامعية بالمهدية مع مواصلة الاحتفاظ بصفتي كممثل للطلبة بمبيت نابل إلى غاية شهر نوفمبر2017 وأنا دائم التردد على مبيت نابل والمشاكل هي نفسها، فالطلبة يعانون من كثرة النقائص والظروف الصعبة بسبب تردي البنية التحتية التي تمس الوحدات الصحية وحالة الأبواب وقد اتصلت بالإدارة منذ العام الفارط لكن كان الرد بضعف الميزانية وبالتالي تصعب عملية التدخل لرفع الاخلالات والقيام بالصيانة فمثلا هناك غرف ضيقة لا يمكن أن تأوي شخصين في نفس الوقت وقد نبهنا لذلك لكن دون جدوى، فضلا عن غياب الطاولات والكراسي ببعض الغرف وكذلك خدمات الأنترنت.. وكلها مشاكل تؤثر على الطالب في الوسط الجامعي". إصلاحات حرمت الطلبة من الإقامة أفاد محدثنا وأن إصلاحات تجري حاليا على حوالي100 غرفة مما حرم قرابة 200 طالب من الإقامة بالمبيت علما وأن طاقة الاستيعاب للمبيت في حدود 1200 طالب وطالبة، يقيم حاليا 1000 طالب من كلا الجنسين منهم 800 طالبة و200 طالب. هذه الأشغال شارفت على نهايتها رغم أنها ليست في موعدها وكان من المفروض أن تتم خلال العطلة حتى لا يحرم الطلبة المنتفعون بالسكن الجامعي من حقهم في الإقامة المريحة قرب المؤسسة الجامعية التي يدرسون بها وتجنب مشاق التنقل . ضجيج سببه الطالبات أكد ممثل طلبة المبيت الجامعي بنابل أن الطالبات على كثرتهن يتسببن في إحداث الضجيج ليلا بالزغاريد والعزف على الآلات الإيقاعية (الدربوكة). هذه الأجواء الاحتفالية والتنشيطية من طرف الطالبات اللائي نتفهم وضعهن بمحاولة منهن لخلق أجواء من الفرحة لنسيان البعد عن عائلاتهن فإن ما يصدر عنهن غير مقبول. وقد نبهت إدارة المبيت لهذا السلوك لكن دون جدوى مما دفعني ونزولا عند رغبة زملائي الطلبة إلى رفع الأمر إلى وزير التعليم العالي منذ العام الفارط عن طريق مدير المعهد التحضيري بنابل ولكن دون جدوى وأعتقد أن الحالة متواصلة ولن تتوقف إذا ما لم يتم التصدي وردع الطالبات المخالفات للقانون وفرض الانضباط باحترام الغير لأن الطالب يحتاج إلى الهدوء والسكينة ليلا للقدرة على المراجعة والنوم في كنف الراحة. كمال الطرابلسي اشكاليات **يعاني بعض الطلبة المقيمين بالمبيتات المسوغة من طرف الدولة من مشاق التنقل، فمثلا يتنقل الطالب يوميا 14 كلم ذهابا وإيابا عبر الحافلة التي تأتي بتأخير مما يؤثر على الطالب ويوتر أعصابه. **. بعض المبيتات تشهد اكتظاظا في الغرف التي تأوي ما بين 3 و4 طلبة وهذا غير مقبول أبدا. ** غياب الفضاءات الترفيهية، فمثلا ملعب أشغال تعشيبه لم تنته منذ عامين، زد على ذلك الفضاءات الخضراء المفقودة. في منوبة: اكتظاظ.. صيانة مفقودة... وطلبة بلا حماية المبيتات الخاصة... أسعار مشطة.. خصومات وتردي الخدمات تعتبر منوبة قطبا جامعيا هاما لعدد المؤسسات الجامعية مختلفة الاختصاصات المتواجدة بها وللعدد الهائل من الطلبة الآخذ في الارتفاع من سنة لأخرى وهو ما يجعلها أهم الوجهات المحبذة للسكن الجامعي لضمان ظروف طيبة لمزاولة الدراسة الجامعية، وقد انتبهت الدولة الى ذلك بإحداث مبيتات عمومية تتلاءم وحاجيات الطالب والطالبة غير ان ذلك لم يكن كافيا أمام ارتفاع الطلب من سنة لأخرى وتمسك الطلاب من ذكور واناث بالسكن بالقرب من المركب الجامعي وهو ما فتح المجال لظهور المبيتات الخاصة المنظمة والعشوائية الامر الذي زاد في الحركية وأفرز نشأة أنشطة تجارية مختلفة في محيط هذه الفضاءات لكن أنتج في المقابل تناميا في الصعوبات وظهور النقائص وعلى رأسها ما يتعلق بالصيانة والسلامة الأمنية للطالبات على وجه الخصوص . نقائص ومخاطر تحف بالحياة الطلابية تشهد مدينتا منوبة والدندان طلبا متزايدا للمساكن الجامعية الخاصة سيما من طرف الطالبات اللاتي استوفين حقهن في المبيتات العمومية المقدر بمدة سنتين وذلك للقرب من المركب الجامعي بمنوبة وسهولة التنقل إليه وهو ما أنتج توجه عديد المستثمرين إلى احداث مثل هذه الاقامات الخاصة ويبقى الاشكال القائم حسب ما أدلت به عدد من الطالبات خلال لقائهن أمام أحد المبيتات الخاصة في منطقة منوبة الوسطى هو ارتفاع أسعار خدمة السكن بهذه الفضاءات الخاصة اذ يرتفع سعر السرير الواحد الى حدود 200د، أسعار مشطة ومجحفة يتواصل اكتواء شريحة عريضة من الطالبات المنحدرات من عائلات فقيرة ومتوسطة الدخل بنارها، إضافة الى الاكتظاظ الحاصل في الغرفة الواحدة التي تجمع في حدود 4 اسرة في غياب مرافق ضرورية كالحمام والمطبخ لكل رواق وهو ما يتسبب في كثير من الاحيان في نشوب الخلافات بين الطالبات ليظهر بذلك وفي أغلب الاحيان البون الشاسع بين السعر المقترح ونوع الخدمات المسداة وذلك دون التطرق الى غياب تعهد الحشايا ومكونات الغرف الى الصيانة والتجديد وهو ما تستوجبه شروط السلامة الصحية.. غياب الحراسة الامنية الجيدة في محيط مثل هذه المبيتات عامل آخر يزيد في معاناة تلك الطالبات اذ تقتصر العملية على تكليف عامل في أقصى الحالات للتواجد في مكتب الاستقبال ما يجعلهن عرضة دائمة للمضايقات والتحرش والنشل خاصة عند الفترة المسائية وفي هذا الباب طالبت من تحدثنا إليهن بتكثيف الدوريات الامنية مثلما هو الحال في محيط المبيتات الجامعية العمومية ولما لا الزام أصحاب المبيتات الخاصة بتحمل جزء من المسؤولية وادراجها في كراس الشروط المنظم لهذه الانشطة.. نفس الوضع تعاني منه المبيتات العمومية ولعل بأكثر حدة في غياب الاعتمادات اللازمة للصيانة واعادة التهيئة رغم تدخل ادارات هذه المبيتات في كل سنة وبتظافر الجهود الداخلية للعملة والموظفين والطلبة في عمليات التنظيف واصلاح التجهيزات، أما في الجانب الامني فتبقى هذه المبيتات رغم تواجد الدوريات الأمنية اليومية المستمرة عرضة للانتهاك من حين لآخر بسبب امتداد الحي السكني وتشابك مسالكه ولعل ما تعرض له كل من المبيت الجامعي البساتين بمنوبة في سبتمبر 2012 والمبيت الجامعي ابن زهير في فيفري 2017 من اقتحام ومحاولة للاعتداء على الطالبات في غرف اقامتهن من قبل عدد من المنحرفين ابرز دليل على هذه المخاطر التي تحيط بطالباتنا .. نقص في الأسرة في انتظار انجاز قادم حسب ما أدلى به إلينا مسؤول بديوان الخدمات الجامعية للشمال فإن منوبة تحتاج اليوم الى اضافة 500 سرير جديد لاحتواء النقص الحاصل في طلبات السكن الجامعي الموجه للطالبات والطلبة وهو ما تعكف عليه المصالح المختصة بالديوان بالاشتراك مع السلط الجهوية في ولاية منوبة الى انهائه بالاسراع في احداث مركب سكني طلابي كبير بالقرب من المركب الجامعي بمنوبة اثر تجاوز العقبات العقارية التي اعاقت احداثه منذ سنوات.. قطاع المبيتات الجامعية جدير بالاهتمام في منطقة منوبة لاعتبارات مختلفة يستوجب مزيدا من التنظيم والمراقبة والتفقد حتى تكون له اضافات تخدم الاهداف التي وجد لأجلها وعلى رأسها توفير الظروف الانسانية والمعيشة الملائمة لأبنائنا الطلاب الهادفة لإحراز النجاح في الحياة الجامعية.. عادل عونلي في الشمال الغربي.. معاناة ومتاعب.. وعائلات تدفع الثمن تعرف ولايات الشمال الغربي تطورا ملحوظا في الخارطة الجامعية اذ تضم جامعة جندوبة الى حد الآن 13مؤسسة جامعية، ولئن خففت هذه المؤسسات عبء التنقل الى ولايات أخرى للدراسة فإنها ولدت العديد من الاشكاليات خاصة تلك المتعلقة بالسكن الجامعي، فمع بداية كل سنة جامعية تنطلق معاناة الطلبة في الحصول على سكن جامعي عمومي أو خاص أو تسويغ شقة .. رحلة السكن الجامعي تنسي الطالب فرحة الحصول على شهادة الباكالوريا ليصبح همه الوحيد الحصول على غرفة يرتاح فيها الجسد المنهك الذي قطع مسافات طويلة للحصول على سكن جامعي، فبين الانتظار وبصيص من الأمل يقضي بعض الطلبة أياما عصيبة في الظفر بقائمة نهائية ومن ثمة الشروع في الدراسة، لتبقى مسألة السكن الجامعي من الأولويات بالنسبة لأغلب الطلبة. فالمؤسسات الجامعية بجهة الشمال الغربي تشكو من نقص كبير في المبيتات الجامعية العمومية والتي لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة بكل ولا ية(مبيتان فقط)ما أدى الى صعوبة في استيعاب كل الطلبة الذين بلغ عددهم بالآلاف في بعض المؤسسات منها خاصة جندوبة . هذا الوضع دفع بمئات الطلبة الذين لم يحصلوا على سكن جامعي للقيام بوقفة احتجاجية يوم 22سبتمبر المنقضي أمام مقر الادارة الجهوية لديوان الخدمات الجامعية بجندوبة طالبوا خلالها بضرورة توفير مبيتات للطلبة وحل أزمة السكن في القريب العاجل. مدير الديوان شكري العكرمي أكد لوسائل اعلام بالجهة الصعوبات التي اعترضت الديوان خلال هذه السنة الجامعية منها خاصة عدم توفر بناءات خاصة لاكترائها وإيواء الطلبة وخاصة بولايتي جندوبة وباجة رغم التنسيق المسبق مع السلط الجهوية منذ الصائفة الفارطة لكن دون جدوى فبعض الولايات تفتقد لمبيتات خاصة من شأنها أن تخفف ظاهرة الاكتظاظ بالمبيتات العمومية مشيرا الى أن طاقة الاستيعاب ببعض المبيتات بلغت حدها الأقصى (400طالب أو طالبة)، علما وأن الجهود مبذولة لإيواء الطلبة الذين لهم الحق في السكن الجامعي لكن تبقى الاشكالية مطروحة خاصة للطالبات نظرا لعددهن الكبير والذي يفوق عدد الذكور، وقال العكرمي بأن الجهود مبذولة في هذا المجال لحل هذه الأزمة خلال الأيام القليلة القادمة. رحلة المتاعب وفي ظل الأبواب المسدودة بالمبيتات العمومية أو الخاصة بعد اعطاء الأولوية للوافدين من الولايات الأخرى، يواجه طلبة ولايات الشمال الغربي اشكالا آخر لا يقل معاناة عن لحظات انتظار رد ديوان الخدمات الجامعية بالشمال ففي ولايات الشمال الغربي تحدد اغلب العائلات التي ترغب في تسويغ شققها للطلبة شروطا مجحفة وأحيانا منفرة فمنهم من يختار الجنس ويحدد العدد ومنهم من يضع توقيتا أثناء العودة الليلية ويشدد المراقبة على الوافدين الجدد وفق ما أكده لنا بعض الطلبة الى جانب الارتفاع الكبير في الأسعار مقارنة بالسنوات الفارطة، كما ترفض بعض العائلات الطالبات المحجبات أو أصحاب اللحى خوفا من تحول بعض الشقق الى ما لا يحمد عقباه، وهذه الشروط وغيرها تضع الطلبة بين خيارات أحلاها مر فإما القبول بها أو البحث عن فضاءات أخرى فيها بصيص من الحرية... ثمن أزمة السكن في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي يعيشها الطالب بولايات الشمال الغربي، فان عددا كبيرا منهم التجأ الى النقلة الى مؤسسات جامعية بولايات تونس الكبرى وفق ما أشار اليه بعض الطلبة أين تتوفر المبيتات الخاصة وكذلك الشقق دون قيود أو شروط كما أن العديد من العائلات فضلت الانتقال مع أبنائها الطلبة الى العاصمة أين يجتمع شمل العائلة وغادرت مسقط الرأس، الى جانب ذلك فان طلبة أرياف ولايات الشمال الغربي يواجهون أيضا صعوبات عدة في الظفر بسكن جامعي والذين يبقون دائما في قائمات الانتظار الى جانب عدم توفر وسائل النقل بين المؤسسات الجامعية وسكناهم. لئن تطورت خارطة المؤسسات الجامعية بولايات الشمال الغربي واعتقد البعض أنها وضعت حادا للتنقل الى ولايات أخرى إلا أن السكن الجامعي لم يكن في مستوى تطلعات الطلبة والأولياء في ظل عزوف بعض المستثمرين على احداث مبيتات خاصة الى جانب ندرة الشقق المعدة للكراء ومحدودية طاقة الاستيعاب بالمبيتات العمومية ما يستدعي ضرورة أن تتماشى الاحداثات مع حلول جذرية للسكن الجامعي والذي عادة ما يؤرق الطلبة مع كل مفتتح سنة جامعية جديدة.