منع التخييم على الملك العمومي البحري بشواطئ هذه الولاية..#خبر_عاجل    عاجل/ رئيسة الحكومة تشرف على مجلس وزاري..وهذا فحواه..    في مواجهة الإضراب: اللواج والنقل الريفي في الخدمة بترخيص استثنائي    حجز كمية من قوارير المياه معروضة تحت أشعة الشمس ومواد غذائية غير صالحة للاستهلاك بولاية نابل    الكتلة البرلمانية "لينتصر الشعب"تطالب السلطات التونسية بالتحرك والضغط من أجل إطلاق سراح حاتم العويني المحتجز مع طاقم سفينة "حنظلة"    تونس تحرز الميدالية الفضية لبطولة افريقيا لكرة الطاولة صغريات    تعريفات منخفضة وخدمات متطورة: التونسية للملاحة تُؤمّن عودة الجالية دون زيادات    بنزرت: فرق المراقبة تُطيح بالمخالفين على الشواطئ وتسجيل 251 مخالفة في شهر واحد    بين سيدي حسين والزهروني: محاولة قتل بشعة في الطريق العام والقبض على الجاني    منوبة :" المايسترو" لبسام الحمراوي عمل مسرحي يشد جمهورا غفيرا    أدوية السرطان تُصنَّع في تونس: ثلاث شركات محلية تدخل المجال الحيوي    مصر ترفض مقترح " الرباعية" لإنهاء الحرب في السودان    حادث أليم ببوعرقوب: قطار يصدم سيارة ويودي بحياة كهل ويصيب ابنه بجروح خطيرة    الخطوط التونسية تسجّل ارتفاعًا ب4 بالمائة في العائدات رغم تراجع عدد المسافرين في النصف الأول من 2025    باذن من رئيس الجمهورية: قرار بجدولة ديون الجمعيات الرياضية لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    عاجل : آخر نهار للتوجيه الجامعي... ما تفيقوش كي يفوت الفوت!    شجار بين شابين ينتهي بجريمة قتل..وهذه التفاصيل..    في المتلوي: سرقوا كل شيء... وتركوا الكتب!    نادي النصر السعودي يتعاقد مع اللاعب البرتغالي جواو فيليكس    وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي تحت مجهر البرلمان: مساءلة حول الفساد، المشاريع المعطلة، ودعم الفضاءات الثقافية    انتقدت تحويل المسلسلات الى عروض : عبد الحميد بوشناق يرد على النائبة بسمة الهمامي    الترجي يتوصل الى اتفاق مع هذا اللاعب لفسخ عقده..#خبر_عاجل    بالفيديو - نائبة لوزيرة الثقافة :مهرجانات ''بالوراثة''و هل نختزل الافتتاحات في شعبية المسلسلات؟ ؟    افتتاح الدورة 43 لمهرجان بوقرنين الدولي:زياد غرسة يقدم سهرة استثنائية امام شبابيك مغلقة    مجموعة " نحب نغني ..." في عشق الموسيقى !    استعد لراحة مؤقتة: حرارة الطقس معتدلة حتى نصف شهر أوت!    مذيعة عربية تحوّل شقتها لمعمل تصنيع مخدرات    مباراة ودية: تركيبة طاقم تحكيم مواجهة النادي البنزرتي والمنتخب العراقي    يهم الراغبين في الحصول على سيارة شعبية..بشرى سارة..    الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة تدعو الى الغاء تجريم الشيك بدون رصيد    عاجل: انتهاء جلسة التفاوض دون اتّفاق...والنتيجة إضراب وشلل تامّ في وسائل النقل    إنتقالات: "خميس المعواني" يعود إلى الرابطة الأولى من بوابة فريقه السابق    تونس: اختبارات الكحول والمخدّرات ستقتصر على السائقين فقط'    عاجل - مفاجأة في مطار القاهرة: إيقاف نجم منتخب مصر بسبب قضية تزوير    قابس: كلاب ''بيتبول'' تهاجم مواطناً وتتسبب له في إصابات خطيرة    السياحة التقليدية تتلاشى.. نحو بدائل جديدة بتسويق عصري.    بطولة العالم للرياضات المائية بسنغفورة - احمد الجوادي يتاهل الى نهائي 800م سباحة حرة بافضل توقيت في التصفيات    مهرجان قرطاج الدولي 2025: عرض "سهرة تونسية" فسيفساء أصوات تحيي الذاكرة وتثمن الموروث الموسيقي "    رئيس الجمهورية: الانقطاعات المتكرّرة للماء والكهرباء تقف خلفها أطراف تسعى لخدمة اللوبيات    احذر الحزن القاتل... العلماء يدقّون ناقوس الخطر    30 قتيلا في بكين وإجلاء أكثر من 80 ألف شخص بسبب الفيضانات    عاجل/ بعد الإفراج عنه..مراسل "الجزيرة" محمد البقالي يكشف تفاصيل ما حدث مع سفينة "حنظلة"..    عاجل/ مذكرة ايقاف جديدة في حق بشار الأسد..    الثلاثاء: رياح قوية مع دواوير رملية بهذه المناطق    سجنان: إنقاذ مجموعة حراقة بالقرب من شاطئ كاف عباد    كركوان تستعيد صوتها من تحت الركام في عرض مسرحي متكامل على ركح مهرجان الحمامات الدولي    عاجل/ الحوثيون يحتجزون طاقم سفينة بعد اغراقها..    إخماد 129 حريقا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    اطلاق نار في حي مانهاتن بنيويورك    تاريخ الخيانات السياسية (29) خيانة القائد أفشين للمعتصم    استراحة صيفية    وزارة الصحّة : الاتفاق على إحداث لجنة وطنية للصحة الدماغية    تحذير من وزارة الصحّة: التهاب الكبد يهدّد التوانسة في صمت!    تنبيه هام لمستعملي هذه الطريق..#خبر_عاجل    صيف المبدعين ..الكاتب سامي النّيفر .. حقول اللّوز الشّاسعة وبيت جدّي العامر بالخيرات    مختصة: التغذية المتوازنة تقي من الإصابة بعدد من الأمراض النفسية..    عاجل/ التحقيق مع أستاذة في الفقه بعد اصدار فتوى "إباحة الحشيش"..    يوم غد السبت مفتتح شهر صفر 1447 هجري (مفتي الجمهورية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كركوان تستعيد صوتها من تحت الركام في عرض مسرحي متكامل على ركح مهرجان الحمامات الدولي
نشر في الشروق يوم 29 - 07 - 2025

ليست كل المدن قادرة على سرد حكاياتها، لكن كركوان تلك الحاضرة الفينيقية التي صمدت تحت رماد النسيان، وجدت صوتها في عرض مسرحي حمل عنوان "سيدة كركوان".وقد تم تقديم العرض الأول لهذا العمل في سهرة الاثنين 28 جويلية على ركح مهرجان الحمامات الدولي في دورته 59 أمام جمهور كبير عاشق للفن الرابع والتاريخ.
تستلهم "سيدة كركوان" أحداثها من لحظة مفصلية في التاريخ القرطاجي، وتحديدا خلال سنة 256 قبل الميلاد، حين شنّت القوات الرومانية بقيادة القنصلين "لوسيوس مانليوس فولسو لونغوس" و"ماركوس أتيليوس ريغولوس" هجوما ضاريا على مدينة كركوان، إحدى أهم الحواضر البونية الواقعة في الوطن القبلي (معتمدية حمام الغزاز بولاية نابل). وهذه المدينة التي صنّفتها منظمة اليونسكو ضمن التراث العالمي، لم تمسّها يد البناء منذ أن دمّرها الرومان، فبقيت شاهدة على براعة المعمار الفينيقي وثراء الحضارة البونية في شتى أبعادها الاقتصادية والسياسية والدينية.
اختار المخرجان وجدي القايدي وحسام الساحلي أن يعيدا إحياء هذه اللحظة التاريخية عبر بناء درامي يزاوج بين التوثيق الفني والتخييل المسرحي، معتمدين على شخصية محورية مستلهمة من تابوت أثري حقيقي، اكتُشف في كركوان خلال سبعينات القرن الماضي، لتصبح "السيدة" صوتا دراميا يروي التاريخ ويمثل الذاكرة النسوية المنسية.
وجاءت "سيدة كركوان" في تصور فرجوي يقوم على الجمع بين التمثيل والغناء والكوريغرافيا مدعوما بعناصر سينوغرافية رقمية مكنت من إعادة بناء الفضاء البونيقي بصريا. كما تمت الاستعانة بخلفيات متحركة أضفت عمقا على المشاهد من خلال تحولات الإضاءة وإيقاع الحركة المسرحية، وهو ما ساعد في إبراز الانتقال من مشاهد السلم إلى مشاهد الحرب. وقد تم توظيف اللغة الفينيقية في مشاهد كثيرة مع ترجمة فورية على الشاشة العلوية مما أضفى على العرض بعدا توثيقيا ومعرفيا نادرا في المسرح العربي.
وتوزعت مشاهد العرض بين فصول تصوّر المدينة في ذروة ازدهارها التجاري والثقافي والعقائدي الديني، وأخرى توثق انهيارها العسكري والسياسي نتيجة التدخل الروماني. وهذا التنقل بين حالتين متناقضتين زمنيا وإنسانيا، أسهم في بناء تصعيد درامي واضح بلغ ذروته في المشاهد الأخيرة حيث تتقاطع المأساة الجماعية مع المصير الفردي لشخصيات العمل.
ويمثل هذا العرض تجربة فنية نادرة في المسرح التونسي من حيث بنيته الفرجوية المتكاملة. فقد وُظفت فيه الفنون المسرحية والغنائية و الكوريغرافية بشكل متناغم، حيث اجتمع الأداء التمثيلي مع التعبير الجسدي والرقص والغناء في انسجام تام مع العناصر السينوغرافية الأخرى ما خلق جمالية مشهدية متكاملة.
وما شدّ انتباه المتفرّج منذ اللحظة الأولى هو دقّة الأزياء وتطابقها مع الحقبة التاريخية التي تنتمي إليها المسرحية. فقد استعان فريق العمل بمراجع تاريخية لإعادة تصميم اللباس الفينيقي من أزياء الجنود إلى الأثواب المزخرفة لرجال الدين والنبلاء وملابس التجار والعامة من الشعب الباحث عن لقمة العيش، وصولا إلى الزينة النسوية التي عكست أناقة المرأة الفينيقية ومكانتها في الحياة الاجتماعية. وقد كان اللباس عنصرا دراميا فاعلا في العرض، إذ عبّر عن الفروقات الطبقية والمعتقدات والمناخ العام الذي ساد هذه المدينة في تلك المرحلة.
استند النص إلى سيناريو صاغه باحثون في التراث هم خولة بن نور وشادية الطرودي وأمين خماسي. أما الأداء فقد شارك فيه أكثر من أربعين ممثلا وراقصا ومغنيا من ولاية نابل، منهم بالخصوص مريم العريّض في دور "سيدة كركوان"، إلى جانب منتصر بزّاز وعزيز بوسلام ونور عوينات وعز بن طالب وديما الساحلي وآخرين.. وتأسست الحبكة الدرامية على تقاطع بين حدث تاريخي موثق (اجتياح كركوان) وقصة تخييلية ذات بعد عاطفي وتتمثل في علاقة حب مستحيلة بين شخصيتين تنتميان إلى طبقتين أرستقراطيتين متنازعتين كرمز للصراع الطبقي والاجتماعي في تلك الحقبة. أما ما يستحق الإشارة هو أن الحب، في هذا السياق، لم يقدّم كخلاص وإنما كحالة إنسانية مهددة تعكس هشاشة الحياة داخل منطق الصراع والانهيار. ولذلك تفادى العرض الخطاب العاطفي السطحي لصالح مقاربة واقعية تنطلق من مشاعر الشخصيات لتفكيك بنيات أعمق تتعلق بالمقاومة والهزيمة والخيانة والتحالفات المتغيرة.
وتطرح المسرحية قضايا متعددة دون أن تعتمد على خطاب مباشر. فالصراع بين كركوان حليفة قرطاج وروما لا يعرض كمواجهة بين خير وشر وإنما كتصادم بين نماذج حضارية ومصالح اقتصادية وجغرافية. أما الجانب الاقتصادي فكان واضح في تصوير كركوان كميناء استراتيجي ومورد طبيعي غني وقطب تجاري تهافتت عليه الإمبراطوريات. وقد برزت الهندسة المعمارية من خلال مشاهد رقمية واستحضارات بصرية لأحياء المدينة عكس التنظيم الفينيقي للفضاء والعلاقة بين الوظيفة والجمال في التخطيط العمراني.
وظلّت شخصية "السيدة" التي أدّتها مريم العريّض محور هذا العرض. فكانت رمزا متجذرا في الثقافة التونسية لامرأة تقف على تقاطع التاريخ والأسطورة وهي صورة المرأة التي لا تنهزم مهما اشتدت المحن والتي تحوّل الحب إلى ذاكرة والخراب إلى شهادة والموت إلى حياة تروى.
ونجح العرض في أن يوقظ الذاكرة البونية ويعيد قراءة التاريخ من زاوية إنسانية ونسوية وجمالية. وقدّم للمسرح التونسي تجربة غير مسبوقة في المزج بين الشعرية والبحث وبين الرؤية الإخراجية والعمق السينوغرافي.
وللتذكير فإن الموعد يتجدد مع الموسيقى الشبابية والغناء في سهرة اليوم الثلاثاء 29 جويلية، في عرض يحييه الفنان السوري "الشامي" أمام شبابيك مغلقة، حيث يؤدي للجمهور باقة من أشهر أغانيه على غرار "دكتور" و"جيناك" و"تحت سابع أرض" و"دوالي" و"وين".
الأخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.