بحضور ممثلين عن العديد من الوزارات والهيئات والبنوك والمجتمع المدني، قدم شوقي قداس رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية ومحمد الهادي الوسلاتي القاضي الاداري عضو الهيئة أمس خلال ورشة عمل انعقدت بالعاصمة مشروع القانون الجديد لحماية المعطيات الشخصية.. مشروع حسب ما أكده منذر بوسنينة رئيس ديوان وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان كان موضوع استشارة وطنية انطلقت منذ 7 جويلية 2017 وسيكون جاهزا عما قريب وستقع احالته على الحكومة في غضون شهر وسيتم عرضه على مجلس نواب الشعب نهاية شهر جانفي القادم أو بداية شهر فيفري. وبين قداس أنه ليس هناك من خيار أمام تونس إذا أرادت مواصلة التعامل مع الاتحاد الاوروبي سوى الترفيع في درجات حماية المعطيات الشخصية، وعليها أن تسرع الخطى وتصادق على القانون الجديد في أقرب وقت لأن المنطقة الأوروبية ستتخذ بداية من الخامس والعشرين من ماي 2018 تدابير صارمة للغاية بخصوص نقل اي معطيات من وإلى أي دولة عضوة بالاتحاد الأوروبي. وباستفساره عن المعطيات الشخصية المعنية بالحماية الصارمة قال إن كل المعطيات الشخصية كالاسم واللقب والبصمة والعنوان وتاريخ الميلاد والوضعية الاجتماعية والمهنة وعدد بطاقة التعريف ورقم الحساب البنكي ورقم الانخراط في الصناديق الاجتماعية ورقم الهاتف وحتى العنوان الالكتروني فهو من المعطيات الشخصية واي معطى آخر مهما كان نوعه يسمح بالتعرف على الشخص بطريقة مباشرة او غير مباشرة، واستنكر قداس التجاوزات التي ترتكبها العديد من الادارات التونسية والمؤسسات العمومية الخاصة وقال ان هناك معطيات شخصية تباع وتشترى في خرق فاضح للقانون. وذكر ان الهيئة تفطنت مؤخرا لشركة تبيع معطيات شخصية وتولت إعلام النيابة العمومية بالأمر. ولدى تقديمه مشروع القانون الجديد بين قداس ان القانون الاوروبي يقول ان الدول الاوروبية يجب ان لا تكون لها علاقات مع دول اخرى اذا هي لا ترفع من درجات حماية المعطيات الشخصية وبالتالي ستكون تونس امام خيارين اما ان لا تهتم بالقانون الاوروبي وعندها ستغلق اوروبا امامها باب المعاملات الاقتصادية أو ان تقبل بالأمر الواقع خاصة وان ثمانين بالمائة من معاملاتها الاقتصادية تتم مع الفضاء الاوروبي. وذكر أنه يجب ادراج المعايير الدولية الجديدة لحماية المعطيات الشخصية في القانون التونسي وأن يكون القانون التونسي مطابقا للقانون الاوروبي وتتمثل المعايير الدولية التي يجب تطبيقها في اطار حماية المعطيات الشخصية في ما يلي: تعميم واجب الحماية على كل الاشخاص على الهياكل العمومية والخاصة موافقة المعني بالأمر على معالجة معطياته تكون صريحة تطوير محتوى الاعلام بالمعالجة اذ يجب ان نعلمه قبل موافقته متى وكيف ستقع معالجة معطياته الشخصية. توفير تطبيقات جديدة للحق في اعدام المعطيات تكريس محمولية المعطيات الشخصية حماية المعطيات في مرحلة التطور واجب الاعلام عند حدوث حوادث وجوب تعيين مسؤول مكلف بالحماية والقيام بدراسة المخاطر واصدار مدونات سلوك وضع قواعد ومعايير لسلامة المعطيات وجوب تركيز سجل المعالجة وجوب اثبات احترام قواعد الحماية تطوير الحق في النسيان تطوير مسؤولية المناولين استقلالية هيئة الرقابة ترفيع في مبالغ الخطايا محاور واستعرض القاضي محمد الهادي الوسلاتي عضو الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية المحاور الرئيسية لمشروع القانون الاساسي المتعلق بحماية المعطيات الشخصية وهي: النظام العام لمعالجة المعطيات الشخصية الانظمة الخاصة لمعالجة بعض الاصناف من المعطيات الهيئة الوطنية لحماية المعطيات تركيبتها ومشمولاتها وطرق سيرها العقوبات الادارية والمالية والجزائية وبين ان الاستشارة الموسعة التي اجريت حول المشروع افرزت جملة من المقترحات والتوصيات بلغ عددها خمس مائة واربعون تنقسم الى ملاحظات شكلية من قبيل التخلي عن عنونة الفصول وتلافي تكرار بعض الاحكام والتخلي عن الاحكام الفرعية والتفصيلية واحالتها للنصوص التطبيقية للقانون وتم اخذ اغلب هذه الملاحظات بعين الاعتبار. اما الملاحظات التي تتعلق بالأصل فهناك ما تم اخذها بعين الاعتبار وادراجها في المشروع لأنها تستجيب لفلسفته العامة على غرار الاستثناءات فوزارة الدفاع اقترحت اضافة مقتضيات الدفاع الوطني لقائمة الاستثناءات ولكن في المقابل تم رفض مقترح يرمي الى اضافة المصالح العمومية لقائمة الاستثناءات وهناك مقترحات تتعلق بتوضيح مصطلحات مثل المعطيات الحساسة وملاحظات حول تحجير معالجة المعطيات الشخصية الحساسة. واخضع المشروع تحويل المعطيات الشخصية الى الخارج الى اذن مسبق من قبل الهيئة، وهناك من اقترح حذف شرط الترخيص عند تحويل المعطيات لدول موقعة على الاتفاقية 108 لمجلس اوروبا المتعلقة بحماية الاشخاص وتم اخذ هذا المقترح بعين الاعتبار. كما ضبط مشروع القانون مدة حفظ التسجيلات البصرية بثلاثين يوما واقترحت وزارة الداخلية التمديد فيه الى ستين يوما وتم اخذ مقترحها بعين الاعتبار مع سحبه على وزارة الدفاع. وعرض ممثل الهيئة مسائل أخرى تم طرحها من قبل المشاركين في الاستشارة الوطنية وقال انها تتعلق بمسائل جوهرية لذلك تقرر نقاشها خلال ورشة أمس وتتعلق بمسك الذوات العمومية للسجلات اليدوية او الالية المتضمنة للمعطيات الشخصية ونص المشروع انه لا يمكنهم مسك اي سجل الا بعد الحصول على ترخيص في الغرض. اي انه سيقع اخضاع جميع الهياكل العمومية وكذلك الذوات الخاصة للمعايير الموجودة في القانون وهناك من اعتبر أنه في صورة التنصيص على ان مسك السجل لا يكون الا بأمر حكومي فذلك سيعقد عمل الادارات العمومية ويعطلها. ومن المسائل الاخرى نجد واجب الاعلام بوقوع الخروقات والاقتحامات التي تطال المعطيات الشخصية وهناك من لاحظ ان هذا الواجب محمول على وكالة السلامة المعلوماتية، وتعلقت بعض الملاحظات الاخرى بالسلطة التقريرية الممنوحة لهيئة حماية المعطيات الشخصية، وتتخذ الهيئة قرارات ترتيبية وقرارات على التراخيص وقرارات على التصاريح، وعقوبات. ويكون الطعن في هذه القرارات وجوبا امام المحكمة الادارية بدرجات التقاضي الثلاثة. واثارت الاحكام المتعلقة بالصبغة القضائية للهيئة بدورها بعض الملاحظات فمشروع القانون جعل منها محكمة درجة اولى في ما يتعلق بالخروقات المتعلقة بالعطيات الشخصية التي تستدعي عقوبة ادارية او مالية. اما الجرائم الخطيرة والمخالفات الجسيمة التي تتطلب تسليط عقوبات سالبة للحرية مثل معالجة معطيات حساسة دون ترخيص او نقل معطيات للخارج دون تصريح فيقع تحويلها الى وكيل الجمهورية المختص. وكانت تركيبة الهيئة بدورها محل العديد من الملاحظات وهي في مشروع القانون تتكون من مجلس الهيئة وفيه ستة اعضاء ومجلس عقوبات وادارة ويمارس الاعضاء الستة مهامهم كامل الوقت ومع مراعاة التناصف يختار كل من رئيس الحكومة اربعة مرشحين وهيئة حقوق الانسان اربعة مرشحين ومجلس القضاء العدلي مرشحان ومجلس القضاء الاداري مرشحان وبالتالي يكون عدد الترشيحات 12 يختار منهم مجلس النواب ستة مترشحين تتم تسميتهم لمدة ستة سنوات غير قابلة للتجديد. انتقادات وخلال نقاش مشروع القانون انتقد عدد من المشاركين في الورشة صياغته وقالوا انها ترجمة حرفية رديئة للقانون الاوروبي، واعترضوا على الطابع الزجري للعقوبات المالية واعتبروها مشطة وهناك من قال ان العقوبات المالية من المفروض ان يسلطها القضاء لا هيئة حماية المعطيات الشخصية وعبر آخرون عن احترازهم على تركيبة الهيئة ونظام التأجير الخاص بها وهناك من اعتبر استقلاليتها مهددة عندما تكون الترشيحات من الحكومة والانتخاب من مجلس النواب.