أول أمس الأحد كان يوما أسود على كرة القدم التونسية بعد الخروج المذل والكارثي للنجم الساحلي والنادي الإفريقي من المسابقتين الإفريقيتين بهزيمتين ثقيلتين و»فظيعتين» ليتلحقا بركب الترجي والصفاقسي اللذان انسحبا بدورهما منذ أسابيع قليلة.. هذا السقوط المدوّي وبالضربة القاضية لأنديتنا يجعلنا نتألم على وضع كرتنا من ناحية ويدفعنا مرة أخرى إلى مراجعة حساباتنا سيما أن أنديتنا ستغيب للموسم الثاني على التوالي عن الادوار النهائية لرابطة الابطال وكأس «الكاف». فالشارع الرياضي في تونس مازال لم يتقبّل بعد الانسحاب المرير للترجي والنادي الصفاقسي لتتضاعف همومه بعد السقوط المدوّي للنجم في ملعب برج العرب والإفريقي في رادس.. قبل أسابيع كنا نحلم باستعادة الزعامة الإفريقية ليتحول الحلم في لمح البصر الى كابوس فتجدنا نتحدث عن نكبة..نكسة..مرارة..خيبة..كابوس..كارثة.. خروج مذل وغيرها من العبارات التي ميّزت ردود أفعال الجمهور ومطالب بالجملة لاعادة الاصلاح ووضع الاصبع على مكمن الدّاء. فضيحة النجم على عكس ما كان متوقعا خيب النجم الساحلي انتظارات محبيه بهزيمة مدوية.. مذلة وتاريخية في ملعب برج العرب وبسداسية (6-2) كاملة أمام الأهلي المصري الذي مرّ بامتياز إلى الدور النهائي. فريق النجم الساحلي كان تائها.. ضائعا في ملعب الإسكندرية وكل اللاعبين كانوا جسدا بلا روح فوق الميدان.. بل «أشباح» خصوصا بعد قبولهم لهدف منذ الدقيقة الأولى للمباراة زعزع ثقتهم وأفقدهم التركيز ممّا جعل المباراة تسير في اتجاه واحد بما ان الاهلي المصري ومع كل محاولة هجومية كان بإمكانه تسجيل هدف والخروج بنتيجة أعرض لولا الحظ.. هزيمة لم نجد لها تفسيرا ولم نفهم حقيقة ما حدث قبل وأثناء المباراة ولكن ما نعرفه أن الانسحاب كان مريرا مرارة الحنظل.. مؤلما وموجعا لواحد من أفضل الفرق التونسية ويضم في صفوفه 6 لاعبين دوليين ومن بينهم حارس المرمى أيمن البلبولي الذي لم نعهده ولم يكن ذلك القائد المثالي بل جعلنا نتحسر على رضوان الصالحي وغيره من الحرّاس الذين حموا مرمى فريق جوهرة الساحل وكانوا أسودا في المحطّات الكبرى. والمهم ان النجم لوّث تاريخه بالهزيمة الأثقل في رابطة الأبطال ليواصل بفضله الاهلي المصري تفوقه على الأندية التونسية.. ولا بدّ أولا من محاسبة اللاعبين الذين يتحملون المسؤولية الكاملة في هذه الفضيحة ثم تأتي بعد ذلك مسؤولية المدرب والمسيرين. خروج مذل للإفريقي عودة النادي الافريقي من بعيد في كأس الاتحاد الافريقي وترشحه الى الدور نصف النهائي لكأس الكاف أسعدت جماهيره وأعادت الثقة والروح إلى اللاعبين لكن ذلك لم يدم طويلا.. فقد خرج بدوره يجرّ أذيال الخيبة بهزيمة عريضة أمام سوبر سبورت الجنوب إفريقي (3-1) وسار على درب بقية ممثلينا ولم يكن النادي الافريقي أفضل حالا من النجم الساحلي أمام منافس منظما واعتمد خطة تكتيكية ذكية واخذ بزمام الأمور.. حيث بدا فريق باب الجديد بدوره تائها وكان اللاعبون بلا روح فوق الميدان وكأنهم يرفضون اللعب في بعض الاحيان فضلا عن أخطاء المدرب على مستوى الاختيارات والرسم التكتيكي مما جعل الانسجام بين مختلف الخطوط مفقودا.. وحملت جماهير الإفريقي المدرب مسؤولية الانسحاب سيما في غياب نسق المباريات بما أن الفريق لم يجر أي لقاء رسمي أو ودي لأكثر من 20 يوما وهي من الأسباب التي كبّلت أقدام اللاعبين فوق الميدان. من المسؤول؟..فتح ملف «كرتنا» أمر لا مفر منه خيبة فرقنا والهزائم المدوية سجلها التاريخ دون شك وستبقى راسخة في الأذهان.. لكن يبقى الإشكال دائما في كيفية ايجاد حلول والخروج من الأزمة وخصوصا تشخيص الوضع ومعرفة مكمن «العلل».. لأننا تعودنا بعد كل خيبة على توجيه أصبع الاتهام في غالب الاحيان الى المدرب ليكون كبش الفداء وأول الضحايا أو تقع إقالة مدير رياضي أو المسؤول عن الانتدابات أو مدرب مساعد وتقف عملية الإصلاح عند هذا الحد.. وأحيانا يكتفي المسؤول أو رئيس الجمعية بالتهديد بالانسحاب وبعد أسبوع أو أسبوعين من الفشل تعود كل الامور الى نصابها وكأن شيئا لم يحدث وهذه الحالة تنطبق على الترجي الرياضي.. وفي غياب الحلول الجذرية واستراتيجيات العمل الواضحة مقابل الانتدابات الجاهزة والعشوائية ومسؤولين لا يؤمنون بالعمل القاعدي ولا يراهنون على التكوين.. ويبحثون فقط عن النتائج الفورية.. ومادام من هبّ ودبّ دخل عالم التسيير في الجمعيات فان كرتنا ستبقى على حالها ولن يتغير شيئا.. والحال أن تواصل غياب أنديتنا عن الادوار النهائية للمسابقتين الافريقيتين لموسمين متتالين يتطلب فتح ملف كرة القدم التونسية من خلال «استشارة وطنية حول واقع كرة القدم وطرق إصلاحها» بات أمرا لا مفر منه.