مرة أخرى تصنع بريطانيا الحدث فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.. ومرة أخرى تثبت دولة الاحتلال الأولى لفلسطين أن ولاءها أعمى لإسرائيل حيث أكدت رئيسة الوزراء تيريزا ماي عزم حكومتها الاحتفاء بمائوية وعد بلفور المشؤوم الذي مهّد إلى قيام ما يسمّى اليوم بدولة إسرائيل واغتصاب دولة فلسطين بإقليمها وشعبها عبر صك تاريخي أسود مازالت جذوره وأثره راسخة إلى اليوم في القضية الفلسطينية مانحا الشرعية الزائفة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وداعما لحرب إبادة ممنهجة ومتواصلة ضد شعب أعزل في ظل صمت عالمي رهيب وتحد إسرائيلي للأمم المتحدة وقراراتها ضد الاحتلال. تيريزا ماي قررت إذن الاحتفاء بالوعد المخجل الذي كان السبب الأول والرئيسي في إنشاء دولة عنصرية مارست لقرابة 70 سنة شتى أنواع التطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني.. وهذا الاحتفال بالمائوية يعد في حد ذاته جريمة جديدة تنضاف إلى جريمة الاحتلال الكبرى التي كان من المفروض على بريطانيا أن تعتذر عنها اليوم وتدفع على الأقل نحو تحقيق حلٍ عادل لضحاياها وفرض تطبيق الاتفاقيات والنصوص الأممية. هذا الموقف البريطاني المخجل يمثل اليوم تحديا كبيرا وخطيرا لرأي الشعب البريطاني نفسه والمجتمع الدولي دون الحديث عن الضحية، فحكومة ماي أظهرت لامبالاة حقيقية للمسؤولية التاريخية والجريمة التي ارتكبتها بريطانيا قبل مائة عام في الوقت الذي انتظر فيه الفلسطينيون وغيرهم الوقوف على الخطإ التاريخي بحق الشعب الفلسطيني وتصحيحه لكن فوجئوا بماي تعلن أمام مجلس العموم أن بلدها يشعر بالفخر من الدور الذي لعبه في إقامة دولة إسرائيل وأنه سيحتفل بالتأكيد بهذه الذكرى المائوية بفخر . وهو تصميم على مواصلة الجريمة الأكبر في التاريخ الإنساني وتعام عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه ودولته وتاريخه. وبعد هذا التحدي والاستفزاز، على الضمير الإنساني والعالمي أن يتحرك اليوم على الأقل لإجبار رئيسة الحكومة البريطانية على إلغاء هذه الاحتفالات المخزية والاعتذار للشعب الفلسطيني عن جريمة وعد بلفور التي ارتكبتها بريطانيا بحقه، وتعويض شعب على ما حل به من نكبة عام 1948 وما زال يعانيه من احتلال إسرائيلي للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة منذ عدوان 1967. بل أكثر من ذلك لا بد اليوم للضمير الإنساني الحي أن يضغط من اجل الاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من جوان عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية وفي ذلك تنازل عن الحق الشرعي للشعب الفلسطيني قبولا باتفاقيات التسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والضغط لتنفيذ قرارات الشرعية الخاصة بالقضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال العسكري والاستيطاني الاستعماري بشكل نهائي عن جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت في عدوان عام 1967.