في ندوة صحفية تكلم ضيف مصري قال انه طالع هنا وهو في تونس 200 كتاب صنفها اصحابها « رواية» او مجموعات قصصية ولكنه لم يجد في كل هذه الكتب رواية وحيدة اي ان التونسيين لا يعرفون هذا الجنس و ان ما يكتبونه لا يرقى لان يكون رواية ليستلهم منها مصري جاء ليعمل في تونس سيناريو لعمل سينمائي او مسلسل تلفزي وأضاف بكل ثقة في النفس:» حتى الطلياني ليست رواية». وقد خص رواية «الطلياني» للدكتور شكري مبخوت بالذكر لأنها حاصلة على جائزة البوكر العربية. والغريب في الامر ان اغلب الحاضرين كانوا يستعذبون «سياط» هذا المصري حتى ان من بينهم من وافقه على هذا التعميم وأنا اعتقد جازمة انه لم يسبق له ان قرأ رواية تونسية وحيدة.. موقف المصري فيه اجحاف وإساءة ولكن موقف التونسيين المساندين دون قيد او شرط على هذا التعميم كان موجعا فيه تجني على مبدعينا في تونس او على الاقل البعض منهم وخاصة الذين سحبوا البساط من تحت المصريين في جنسي الرواية والقصة القصيرة وأصبحوا ينافسونهم ويحصلون على جوائز كانت حكرا عليهم. كان الضيف المصري يتكلم بتحامل غريب ويعمم وينفي الابداع في هذا الجنس الادبي الذي تطور كثيرا في تونس باللغتين الفرنسية والعربية ولنا فيه اسماء كبيرة نسائية ورجالية منذ كتابة اول رواية تونسية سنة 1906 وهي «الهيفاء وسراج الليل» لصالح السويسي القيرواني التي شفعت بروايات محمود المسعدي والبشير خريف وعلي الدعاجي ومحمد فريد غازي ومحمد العروسي المطوي و محمد رشاد الحمزاوي الذي صور الأوضاع المتدهورة في الريف التونسي ومصطفى الفارسي وسمير العيادي ومحمد صالح الجابري وعبد القادر بالحاج نصر ومحمد الهادي بن صالح والناصر التومي وإبراهيم الدرغوثي ويوسف عبد العاطي وحسن بن عثمان وحسونة المصباحي وابو بكر العيادي وعبد الجبار العش وفرج الحوار وعروسية النالوتي وآمنة الرميلي ونور الدين العلوي ومحمد علي اليوسفي والأسماء كثيرة ولا مجال لذكرها. ولعله لا يعرف ان الرواية التونسية تدرس حاليا في اكبر الجامعات العالمية وأنها تترجم الى اغلب لغات العالم (روايات الحبيب السالمي وكمال الرياحي...) وأنها تجاوزت من حيث الشكل والمضمون الرواية المصرية -حسب ما قرأته وحسب ما يصلنا من اصداء عبر المقالات الصحفية - ولا اعمم حتى لا اكون مثل الضيف المصري الذي لا يعرف ان اول كاتب عربي دخلت كتاباته الى مكتبة الكونغرس الامريكي ليس مصريا وانما تونسيا اسمه عز الدين المدني هذا الذي تعتمد الجامعات المصرية اليوم على ما كتبه وما ترجمه في تدريس طلبتها. يرفض الضيف ان يكتب الاكاديميون الرواية ويرى ان تترك للمثقفين والعصاميين وهذا من حقه ولنا في تونس من يكتبون الرواية والقصة القصيرة وهم اطباء ومهندسون وخبراء اقتصاد ومالية وتصرف وحتى عمال حضائر ومصانع ومنتمون لعديد الاسلاك ومعلمون، ولكن ليس من حقه ان ينفي عن امة الابداع صحيح ان الرواية التونسية اصغر عمرا من الرواية المصرية ولكن هذا لا يمنع من ان تنافسها وتتجاوزها. ان ما جاء في كلام الضيف غريب فعلا واغرب منه الصمت او ابداء الموافقة على رأيه الذي افسده التعميم والأحكام المسبقة وبيّن عدم التسلح بضروريات البحث للخروج بنتيجة صادقة او صادمة. وعلى كل لا يجب ان ننسى ان بعض الافلام المصرية هانتها وأفشلتها سيناريوهاتها المستندة هي ايضا الى «روايات» ضعيفة ولكنها حظيت بالمساندة الجماهيرية في تونس.