تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصباح» تفتح ملف «السرقات الأدبية» والاتهامات بشأنها
نشر في الصباح يوم 04 - 11 - 2008

فتحت «الصباح» في عددها الصادر يوم الجمعة 31 اكتوبر 2008 ملف «السرقات الأدبية».. والاتهامات بشأنها.. انطلاقا من «تهمة» وجهت الى حسونة المصباحي ب«سرقته» قصة لإبراهيم الدرغوثي.. وقد أثار هذا الملف ردود فعل عديدة على الساحة الأدبية والثقافية في تونس.. وكان أن بادر
«حسونة المصباحي بارسال نص توضيحي ردا على ما كتبه محمد كمال السخيري بخصوص هذه «التهمة» وبعث في ذات الوقت الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد برأيه في المسألة، كما كتب في ذات الموضوع صالح الدمس ومحمد المحسن..
كل هذه الآراء تلزم أصحابها وما يهمنا بدرجة أولى تفاعل القراء مع مثل هذه القضايا الأدبية «الساخنة».. فباب الحوار مفتوح على صفحات هذه الجريدة بكل تجرد ونزاهة وموضوعية بعيدا عن كل موقف متشنج.. فالهدف الرئيسي يبقى تبادل الرأي وتقديم الحجة بإقناع وبكل هدوء..
ومرحبا بكل الآراء والأقلام الأدبية.
محسن بن أحمد
عليك أن تنأى بنفسك عن كل هذا...
بقلم: حسونة المصباحي
عندما كنت أتأهب للعودة الى بلادي أواسط عام 2004، اثر ربع قرن من الغياب عندها قال لي كاتب تونسي معروف «أعداؤك في انتظارك.. وقد شحذوا سكاكينهم جيدا»، أفزعتني كلماته، وأخذتها مأخذ الجد، فقد كنت على يقين أن هناك عددا لا بأس به من الكتاب والمثقفين على استعداد دائم للاساءة الي، وتدبير المكائد ضدي لأنه ليس بامكانهم أن يغفروا لي المغامرة المثيرة التي قمت بها، والنجاحات التي حققتها عالميا وعربيا. فعند خروجي من البلاد مطلع الثمانينات من القرن الماضي، غير اني لم أكن قد نشرت أي كتاب، لكن في غربتي في تلك الشقة الصغيرة بحي «شوابينغ» بمونيخ، انطلقت اكتب وأكتب، وأقرأ وأقرأ، الى أن بدأت أدرك انه بامكاني أن أكون كاتبا حقيقيا في يوم ما، وبعد أن أصدرت مجموعتي الاولى «حكاية جنون ابنة عمي هنية» التي حققت نجاحا باهرا في الاوساط الثقافية، وبفضلها منحتني وزارة الثقافة جائزة القصة القصيرة، توالت اصداراتي بشكل منتظم، وترجمت قصصي ورواياتي الى الألمانية والى لغات أخرى، وأصبحت أحضر مؤتمرات أدبية هامة في أوروبا وفي العالم العربي، وكنت أكتب في كبريات الصحف الألمانية عن الثقافة العربية والبعض من مقالاتي كانت تعلن عني في الصفحات الأولى. واعتبرت مجلة «دي تزايت» الألمانية تحقيقي الذي نشرته فيها تحت عنوان «ليلة مع محمد شكري في طنجة» واحدا من أفضل التحقيقات التي أصدرتها خلال عام 1986، أما قصتي «السلحفاة» فقد نوه بها أدونيس وسعدي يوسف ومحمد بنيس والعفيف الأخضر وصافي سعيد وأخرون كثيرون واعتبرت عام 2000 من قبل اللجنة التي ترأسها ج.م. كوتزي الحائز على جائزة نوبل للآداب واحدة من أفضل خمس قصص افريقية، ومن نفس هذا العام عام 2000 نالت روايتي الاولى «هلوسات ترشيش» جائزة «توكان» لأفضل كتاب، وقد منحت لي هذه الجائزة في حفل بهيج في دار الأدب بمونيخ بحضور عدد كبير من الشخصيات الأدبية والفكرية والسياسية.
وعندما عدت الى بلادي، كنت قد أصدرت 15 كتابا وبما اني كنت أعلم أن اطرافا كثيرة كانت تهاجمني بشدة حتى عندما كنت في الغربة، فإني كنت واثقا من أن الاستقبال لن يكون وديا، وكان الأمر بالفعل على هذه الصورة، فحال عودتي انطلقت الألسن تشيع التهم والأكاذيب ضدي، وتشوه سمعتي كاتبا وانسانا، وكتب البعض من صغار الأدباء مقالات للتقليل من شأني أدبيا، بل انهم ذهبوا الى حد نفي صفة «الروائي» و«القصاص» عني! وزادوا فأغلقوا في وجهي باب الندوات القصصية للرواية والقصة التونسية! ومع ذلك صبرت عن كل هذه الملمات، وفي عزلتي واصلت العمل بجد وثبات مستفيدا من تجربتي الألمانية، ونائيا بنفسي عن الألسن الخبيثة، وعن الأقلام التي تتغذى من سموم النميمة والحقد، غير أني لم أكن أتوقع أبدا أن يصل الأمر بأعدائي الى حد إلصاق تهمة السطو على كاتب قصة تونسي؟ هو ابراهيم الدرغوثي الذي لم أقرأ انتاجه الأدبي، أما علاقتي به فمحدودة للغاية اذ أن المرات التي التقيته فيها تكاد تعد على اصابع اليد الواحدة.
وعندما شاع الخبر وقد فعل أعدائي ذلك بشكل مثير ومقزز، سارعت باصدار تنويه في جريدة «القدس العربي» بتاريخ 15 اكتوبر 2008 نافيا التهمة عن نفسي، ثم نشرت نفس هذه الجريدة تنويها آخر بقلم رئيس تحرير صفحتها الثقافية الشاعر المعروف أمجد ناصر برأت فيه ساحتي تماما من التهمة المذكورة، وفي هذا التنويه أشار أمجد ناصر الى أن الرسالة المرفقة بالقصة كانت مثيرة للشبهات منذ البداية، اذ أنها كانت موقعة بالحرفين لاسمي أي «ح.م.»، لذلك لم يشك في أن ثمة أمرا ما يدبر ضدي في الخفاء، واعترف أن هناك من «أوقع بي» أو ب«القدس العربي». وأضاف أمجد ناصر بأن أعدائي الكثيرين سواء في تونسا او خارجها استغلوا هذه المظلمة الشنيعة ضدي لينهالوا علي سبا وشتما حتى من دون أن تكون لهم مبررات إدانتي.
إن تنويها بمثل هذا الوضوح والصراحة كاف لغلق ملف هذه المسألة السخيفة، غير أن أصحاب الألسن الخبيثة الذين لا ينامون ولا يدعون أحدا ينام في أمان واطمئنان، واصلوا تحركاتهم ونشاطاتهم الهدامة والمغرضة، ولأن جريدة «القدس العربي» رفضت استقبال نصوصهم المسمومة ضدي باعتبار أن ملف السطو المزعوم أغلق نهائيا، فإنهم لجأوا الى مواقع اخرى، بهدف التشنيع بي والمس من كرامتي الأدبية، ويبدو أن ابراهيم الدرغوثي انساق لهم لأهداف شخصية بحتة تتعلق بانتخابات اتحاد الكتاب المقبلة، وربما أيضا لتلميع صورته الأدبية الباهتة، فلي أنا ولأمجد ناصر، أكد أنه ينفي تماما هذه التهمة ضدي ونفس هذا الكلام قاله على موجات الاذاعة الوطنية، وهذا ما أكده لي الاستاذ بوبكر بن فرج مدير ديوان وزير الثقافة والمحافظة على التراث، لكن على مواقع الأنترنات، وهي الأركان التي يتردد عليها، هو يحاول أن يوحي للناس بأني قد أكون سطوت على قصته التي لم أقرأها حتى بعد أن اتهمت بسرقتها.
وبهدوء أقول له وللواقفين وراءه شاهرين هراواتهم الغليظة: يا سيد ابراهيم.. أنت نشرت قصتك هذه في مجلة «الحياة الثقافية» منذ أربع سنوات، ونلت مكافأة عنها، ثم عدت فنشرتها في أكثر من موقع للانترنات، وأبدا لم تثر انتباه أحد طوال هذه المدة، فلماذا تريدني أن أسطو عليها أنا...؟ أنا الذي ألفت خلال الأربع سنوات الماضية 10 كتب وكتبت وقرأت آلاف الصفحات.. وأزيدك يا سيد ابراهيم وأقول لك بأني أعرف كتابا كثيرين من جميع انحاء العالم، تقرأ لهم أنت، بل قد لا تكون سمعت بأسمائهم أصلا، وكنت قد كتبت عنهم معرفا بهم وبانتاجهم، وترجمت نصوصا لهم، وهذا ما فعلته مع عدد كبير منهم، آخرهم كان الكاتب الألباني الكبير اسماعيل كاداريه، الذي ترجمت له قصة رائعة بعنوان «قافلة الأحجية» التي نشرتها مجلة «الحياة الثقافية» في عددها الصادر في شهر أفريل من هذا العام، أسوق لك هذا القليل لكي أصرف ذهنك عن مثل هذه الترهات، وأدعوك الى أن تسلك بسلوك الكاتب المسؤول والرصين، وليس الكاتب المتذبذب المتقلب في مواقفه، والذي يبحث عن المجد الشخصي على حساب الآخرين.. وبكل ود أقول لك أيضا بأن لي عددا كبيرا من القصص التي لست راضيا عنها وأنا على استعداد أن أهديها الى هؤلاء الأعداء المتربصين بي لكي ينشروها بأسمائهم، آملا أن يتركوني وشأني، فأنا لا أبتغي لا الشهرة ولا المجد، وحلمي الوحيد هو أن أكتب ذات يوم كتابا يرضي طموحاتي، وتلك المرأة البعيدة التي أحب، فاذهب الى العتمة الأدبية وأنا مفعم بالسعادة.. وثمة من تدخل في هذه العملية السخيفة، أقصد عملية السطو، بشكل مثير للشبهات، وهو السيد محمد كمال السخيري، وذلك من خلال نص نشره في جريدة «الصباح» بتاريخ 31 اكتوبر 2008، وقد قدم نفسه كشاعر وناقد وكاتب!! وأول شيء أقوله هو اني لا أعرفه، ولم أقرأ له شيئا، وكثيرون أكدوا لي أن شرعيته الأدبية يستمدها فقط من عضويته في اتحاد الكتاب، أما مؤلفاته فلا وجود لها، ويبدو أنه تدخل لأمور انتخابية بحتة، وأود أن أقول له بأن ما نشر على لساني على مواقع الأنترنات لا يلزمني لا من قريب ولا من بعيد، فهو من تدبير من دبروا المكيدة ضدي راغبين في توريطي في مسائل أخلاقية تتجاوز السطو.. والواضح أنهم كفوا عن نشر أقاويلهم باسمي منذ أن حصّن الاصدقاء عنواني الالكتروني. لقد كان أعدائي يريدون أن تكون جريمتهم نافية لكل الشبهات ويبدو أنهم يعرفونني جيدا، لذا فعلوا كل ما في وسعهم لكي يقدموني للناس على الصورة القبيحة التي يريدون أن أكون عليها، فأنا لا يمكن أن أقول اني لا أقرأ من الكتاب التونسين الا المسعدي والشابي والبشير خريف، ودليلي على ذلك اني كتبت عن عشرات الكتاب من الأحياء والأموات، ومن مختلف الاجيال، وعلى السيد الناقد الشاعر الكاتب محمد كمال السخيري (التثلية في الصفة وفي الاسم) أن يتثبت من هذه الحقائق قبل أن يتدخل في ما لا يعنيه، كما أني اعرف المغرب مثل جيبي، واعرف كتابها، والكتاب الذين ذكر أسماءهم من صنع مدبري المكيدة، لصوص الأنترنات، هؤلاء الأدباء الاصطناعيون الذين لا يملكون الضمير ولا الموهبة ولا الأخلاق..
إن العالم يعيش تحديا كبيرا، وعلى جميع المستويات وبلادنا تعيش السنة الوطنية للترجمة والسنة الوطنية للشباب، وكنت أود أن يكون النقاش بين المثقفين حول قضايا حارقة تهم بلادنا ومستقبلها، ولكن يبدو أن هناك من يريد أن يبقى الجدل الثقافي في الحضيض.. أما أنا فسأعود الى عملي وسأواصل كتابة روايتي.. وليظل «أدباء الأنترنات» كما سماهم الراحل الكبير محمود درويش ينبحون عاليا على المواقع السخيفة التي ينشرون فيها نصوصهم الرديئة.. وأكاذيبهم المغرضة..
في نهاية نص كتبته تحت عنوان «عليك أن تنأى بنفسك عن كل هذا»، أقول:
عليك أن تنأى بنفسك عن كل هذا،
فامض اذن.
امض تجاه ذلك الضوء الذي يبتعد عنك كلما اقتربت منه موحيا لك بأن المغامرة لاتزال طويلة...
لكنك ستصل..
حتما ستصل!
... حتى لا يسقط خطابنا الأدبي الإبداعي في وهاد الترجرج
بقلم: محمد المحسن
قد لا أبالغ اذا قلت أن لولا «النقد» في الصحف، لظللنا الى اليوم نجهل مؤلف الرواية الرائدة «زينب»، فقد وقعها صاحبها آنذاك باسم «مصري فلاح» لأنه كان يخشى على مركزه الاجتماعي كمحام ينتمي الى الأرستقراطية من ذيوع الخبر المثير، وهو أنه كتب «رواية أدبية».. هكذا ظهرت رواية هيكل الأولى مجهولة المؤلف، ثم جاء استقبال النقد لها مشجعا الناس على قبول هذه «العجيبة» ومشجعا للكاتب أن يظهر «وعليه الأمان» كما يقال. كذلك لولا استقبال طه حسين لمسرحية «أهل الكهف» الرائدة لتوفيق الحكيم، لظل مفهوم المسرح كما كان هو العرض الغنائي التمثيلي لا «أدبا محترما» كما جرأ طه حسين أن يصف عمل الحكيم، ثم «النقد» الشجاع الذي وجهه العقاد لأمير الشعراء أحمد شوقي، وما أثاره في ذلك الحين (1921) من قلب للمقاييس وانقلاب في الموازين، مقاييس الشعر وموازين البناء، وإنما نحن في عصر اللهاث وراء لقمة الخبز بأسهل الطرق، عصر التعليقات السريعة على كتاب يعيدون ما كتب على ظهر غلافه بصيغ اخرى، أو مسرحية تتفوق فيها الممثلة على نفسها، أو فيلم ينتهي بسهرة ممتعة مع نجومه، أو كذلك وهذا هو المؤلم نص ابداعي تثار من حوله الزوابع وتتناسل بسببه التهم حاملة في ثناياها عناوين مؤسفة: سطو أدبي أو «لصوصية أدبية» الامر الذي يضيف الى ركودنا الفكري وافلاسنا الثقافي ما لا قدرة لنا على تحمله.. والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع: هل تردت أوضاعنا الفكرية والأدبية وسقط بالتالي خطابنا الابداعي في وهاد الترجرج والانحطاط الى درجة أصبحنا فيها «غزاة مدينتنا» نكيل لبعضنا التهم ونتراشق بالألفاظ، هذا في الوقت الذي يتنافس فيه «الغرب المتقدم» على احتضان مبدعية والاحتفاء بما أفرزته قريحتهم الابداعية بجهد غير ملول، وترشيح كبار مبدعين للفوز بنوبل العظيمة؟..
هل شحت ينابيع الابداع في ربوعنا وكلت أقلامنا وعجزت بالتالي على الخلق والابتكار وأصبح الواحد منا «ينهش لحم أخيه» و«يسطو» دون خجل أو وجل، على ابداعه وعصارة قريحته وكل ما «بناه» ابداعيا» بحبر الروح ودم القصيدة؟.. قد لا أحيد عن جادة الصواب اذا قلت أن المشهد الابداعي ببلادنا ما فتئ يتغلب فيه الفتق على الرتق بعد أن غص حد التخمة بأقلام تتجسس بالكاد دربها الى الابداع وتلهث متبعة خلف «الأضواء».. ولا عجب في ذلك طالما أن الواحد منا بامكانه أن يتحول بقدرة قادر الى شاعر فذ تشد له الرحال، بمجردة قصيدة يكتبها وهو يتثاءب وتتلاقفها لاحقا «أقلام» النقاد لتصنفها ضمن «الابداع العجيب».. قلت هذا، وأنا أقرأ ما تكتبه بعض الصحف حول «اللصوصية الأدبية» ببلادنا، ولكأن هذه الظاهرة المرضية استفحل داؤها وغدونا عاجزين على استئصالها وأمست بالتالي مرضا عضالا لا فكاك منه..!
على أية حال، كان بامكان كتابنا الأفذاذ الانصراف الى ما ينفع الساحة الثقافية عن ابداع خلاق تخاض به كبقية الأمم معركة الوجود والنهضة من الركود والترجرج، وأعني معركة درء التخلف، أفضل بكثير من خوض معارك جانبية لا تعبر في جوهرها عن الاختلاف الأدبي، ولا عما يضطرم به باطن المشهد الأدبي الابداعي من تناقضات، هي بالأساس ظاهرة صحية في عالم ممزق النفس والجسم..
قلت هذا، وأنا أتحسر على ما تشهده ساحتنا الثقافية بين الحين والآخر من اتهامات متبادلة بين بعض المبدعين، كما هو الحال بين الكاتبين حسونة المصباحي وابراهيم الدغوثي، فالأول ينفي «سطوه» على لوحة قصصية تحمل امضاء ابراهيم، وهذا الأخير يتحفظ على الموضوع، ورغم أن كاتب السطور يحترم الاثنين معا، ولا يشكك أبدا في ثراء زادهما الابداعي الا أن حرصنا على نقاوة مشهدنا الابداعي من كل الشوائب وسعينا الحثيث للارتقاء بمستوى وعينا الأدبي لأعرض شريحة قارئة، يحتم علينا جميعا إيلاء هذا المشهد ما يستحق من ابداع واعد من شأنه ترك بصمات واضحة على حركة الابداع الفني برمتها، بمنأى عن التراشق بالاتهامات الزائفة.
لم أقرأ للسارق... لم أقرأ للمسروق...
قرأت لحسونة المصباحي
بقلم: محمد الصغير أولاد أحمد
(1)
يمكن تلخيص الحكاية بالطريقة التالية:
«رجل يقرر، في الثالثة صباحا، بعد أن اكتشف أن وجوده يشبه عدم وجوده، أن يرسل قصة قصيرة لكاتب مغمور مذيلا اياها باسم كاتب مشهور، الى جريدة واسعة الانتشار.. ثم يقضي اليوم الموالي في محلات العطور والجزارة والخمور متخيرا لوازم الاحتفال الذي سيقيمه لنفسه بمجرد أن تصدر الجريدة وقد وضع فيها رأس الكاتب المشهور على طبق من نحاس...».
ويمكن تلخيص الأحداث بطريقة اكثر اختصارا:
«صدرت الجريدة، وصدرت القصة بتعديلات خبيثة في العنوان وفي بعض الجمل والصيغ الأسلوبية، وشاع في الآفاق أن سرقة مدوية حدثت في عالم الأدب ونودي للذئاب ذوات الأنياب: تعالي بسرعة مادام لحم الكاتب طازجا!!»
ويمكن تلخيص الخاتمة بجملة يتيمة:
«لقد انقلب السحر على الساحر»!
(2)
لم أكن أتصور أن بمقدور هذه الحكاية المخزية أن ترفع لحدها وتغادر المقبرة التي دفنت فيها ثم تعود، ماشية على ساقيها، الى صفحات الجرائد والمجلات، خصوصا بعد أن أصدرت جريدة «القدس العربي» توضيحها المتضمن لاعتذار صريح للكاتب المشهور ولاعتراف مر بأنها هي ذاتها كانت ضحية مقلب دبره أحد غرقى الأنترنات بعد أن تبين أنه لا يحسن السباحة!
لم أكن أتصور أن الأذى صناعة أدبية تعز على بعض التونسيين الى حد يسوؤهم معه أو يروا كاتبا تونسيا متفوقا وذا أسلوب لا تخطئه القراءة!
لم أكن أتصور أن يتمادى الكاتب المسروق (افتراضيا) في عدم تبرئة الكاتب المشهور، بشكل قاطع وصريح ويواصل الهروب من تحمل المسؤولية الأدبية والاخلاقية لغايات سلعية، في جانب منها وانتخابية في جانبها الآخر!
أما وقد تم كل ذلك وكأن المرحلة تستوجب أن يكون أحد أهم الكتاب التونسيين سارقا لقصة سخيفة كتبها كاتب أقل منه موهبة ونبوغا، فإنه يتعين افتراض أن عصابة أدبية بكاملها تعمل، هذه الأيام على تبرير فشلها الذريع في الكتابة رغم مواقعها في الادارة وفي لجان الجوائز الأدبية وفي المهرجانات الثقافية.. بشكل عام.
(3)
قبل عشرين عاما، بالتمام والكمال، تعرض حسونة المصباحي لسيناريو مماثل قام به كاتب عربي عديم الموهبة، وكانت الغاية من السيناريو طرد المصباحي من مجلة «فكر وفن» الألمانية ثم طرده من ألمانيا ومن دول المجموعة الأوروبية برمتها، وفيما كان حسونة يحاول رد التهمة، داخل ليل غربته، كان نفس هؤلاء التونسيين يرفعون الأنخاب وكأن سهامهم أصابت غزالة طليقة في رمال الصحراء!
أتذكر أن وقوفي الى جانبه، آنذاك سبب لي العديد من العداوات المجانية.
أتذكر أن تلك العداوات تحولت الى حروب معلنة ضدي، سواء في أماكن العمل أو الكتابة، وكانت دوافع تلك الحروب تنويهي بابداع حسونة المصباحي وبجهده الثقافي عموما في التعريف بالأدب التونسي الرفيع.
فما أشبه الليلة بالبارحة!!
(4)
ليس لتونس كتّاب كُثر بقامة حسونة المصباحي.. وقد حان دورها لتسنده هو الذي أسندها طويلا في أزمنة القهر والظلام ولُبس الكتابة.
فلتسنده الآن.. ودون مِنّة.
مع حسونة المصباحي...
بقلم: صالح الدمس
نعم، إنه واجب الكتاب التونسيين الحقيقيين، لأن اتهام المصباحي بالسطو على قصة تافهة للدرغوثي يبعث على التقزز من هذه الممارسات اللاأخلاقية واللاأدبية، لأن أفضل قصة للدرغوثي هذا لا يمكن أن ترتقي الى أية واحدة من قصص المصباحي، تلك القصص العالمية الكونية، واذا لم يكن ذلك الدرغوثي على اطلاع على الأدب التونسي ومدونة المصباحي أساسا، فأني أحيله على قصص مثل: البئر الكلب تونس جريمة في قرية قاف.. ليرى الفرق الشاسع بين كتاباته وكتابات حسونة المصباحي «الأدبية»، بل اني لاستغرب كيف يقدم المصباحي على سرقة «قصة» هذا الرجل وهو الذي يعرف من الكُّتاب العالميين ما لا يعرفه جل القراء التونسيين.. وهل أن حسونة المصباحي في حاجة الى تداول اسمه بنشر تلك «القصة» وأنا على اطلاع كامل وشامل على ما ينشره في تلك المواقع.
إنه لغريب أن نستقبل كاتبا تونسيا تغرب لربع قرن من ألمانيا، ويصنع اسمه من بعيد، وأن يحن الى وطنه دون أن يطلب من أحد أية مساعدة سوى أن يمكث في مكتبه، في بيته، يقرأ ويقرأ ثم يكتب، أوليس حسونة المصباحي هو الكاتب الوحيد في تونس الذي يعيش من قلمه، أوليس هو الكاتب الوحيد رغم حمله لشهادات علمية لم يسع للحصول على وظيفة، أوليس هو الكاتب الوحيد الذي لا ينتظر أية هبة من أحد، أوليس عيبا ألا نستقبل هذا الأديب الكبير بكل محبة وأريحية، وأن لا ننظم على شرفه اللقاءات والأمسيات والتكريمات، أو لم تهضم حقه يا ابراهيم بصفتك رئيسا في اتحاد الكتاب بقفصة ومنظم ملتقى القصة بعدم دعوته، أو ليس حسونة المصباحي من أفضل القصاصين ومن أغزرهم انتاجا، مقالات وترجمات وإبداعا، هل أزعجك حسونة حين عاد الى تونس، أم أزعج مع معك، أنا أعرف الرجل، فهو ليس له طموح غير نصوصه، وليس له من همّ سوى كتاباته، وليس له من أرق سوى سهره للقراءة والقراءة والقراءة.
إنه عار حقا أن تنشر تلك «التفاهات» في المواقع الاكترونية، فأية صورة سيحملها عنا المطلعون على تلك المواقع، وأنت الحاضر الدائم فيها.
إن القراءة صعبة، والكتابة أصعب، فما بالك بالابداع، فتلك صعدة لا يرتقي اليها إلا الذين يكابدون عناء الاطلاع مثل المصباحي، والذين يطالعون ويقرؤون على الأقل أربعين كتابا في السنة، ولأن المصباحي كاتب كبير حقا، ولأني على معرفة جيدة بما كتبه وما خربشته، فإني مع حسونة، لأنه يشرفني جدا أن أكون من جيل هذا الأديب الذي ليس في حاجة الى قراءة «قصصك»، فما بالك بسرقتها، وحتى يعلم المثقفون التونسيون أن عملية القرصنة عبر الأنترنات ممكنة، حسب ما أفادنا به أخصائيون في هذا المجال، فإن المسألة قد تأخذ منعرجا خطيرا بتقديم قضية لدى العدالة لمعرفة أصول وفروع هؤلاء القراصنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.