الرابعة على التوالي: الدفاعات الجوية الإيرانية تدمر مقاتلة إسرائيلية من طراز إف 35    تجديد انتخاب ممثل تونس بالمجلس الاستشاري لاتفاقية حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه لليونسكو    اتحاد الشغل يدعو النقابيين الليبيين الى التدخل لإطلاق سراح أفراد قافلة "الصمود"    نتنياهو: "إغتيال خامنئي سيُنهي الصراع".. #خبر_عاجل    عاجل/ وزير الخارجية يتلقّى إتّصالا من نظيره المصري    تونس تدعو إلى شراكة صحّية إفريقية قائمة على التمويل الذاتي والتصنيع المحلي    من تطاوين: وزير التربية يشرف على انطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية    نحو إحداث مرصد وطني لإزالة الكربون الصناعي    حالة الطقس هذه الليلة    "سيطرنا على سماء طهران".. نتنياهو يدعو سكان العاصمة الإيرانية للإخلاء    تظاهرة يوم الابواب المفتوحة بمعهد التكوين في مهن السياحة بجربة .. فرصة للتعريف ببرنامج التكوين للسنة التكوينية المقبلة وبمجالات التشغيل    تعيين التونسية مها الزاوي مديرة عامة للاتحاد الافريقي للرقبي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    الشيوخ الباكستاني يصادق على "دعم إيران في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية"    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    كأس العالم للأندية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة فلامنغو البرازيلي    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    "صباح الخير يا تل أبيب"!.. الإعلام الإيراني يهلل لمشاهد الدمار بإسرائيل    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصباح» تفتح ملف «السرقات الأدبية» والاتهامات بشأنها
نشر في الصباح يوم 04 - 11 - 2008

فتحت «الصباح» في عددها الصادر يوم الجمعة 31 اكتوبر 2008 ملف «السرقات الأدبية».. والاتهامات بشأنها.. انطلاقا من «تهمة» وجهت الى حسونة المصباحي ب«سرقته» قصة لإبراهيم الدرغوثي.. وقد أثار هذا الملف ردود فعل عديدة على الساحة الأدبية والثقافية في تونس.. وكان أن بادر
«حسونة المصباحي بارسال نص توضيحي ردا على ما كتبه محمد كمال السخيري بخصوص هذه «التهمة» وبعث في ذات الوقت الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد برأيه في المسألة، كما كتب في ذات الموضوع صالح الدمس ومحمد المحسن..
كل هذه الآراء تلزم أصحابها وما يهمنا بدرجة أولى تفاعل القراء مع مثل هذه القضايا الأدبية «الساخنة».. فباب الحوار مفتوح على صفحات هذه الجريدة بكل تجرد ونزاهة وموضوعية بعيدا عن كل موقف متشنج.. فالهدف الرئيسي يبقى تبادل الرأي وتقديم الحجة بإقناع وبكل هدوء..
ومرحبا بكل الآراء والأقلام الأدبية.
محسن بن أحمد
عليك أن تنأى بنفسك عن كل هذا...
بقلم: حسونة المصباحي
عندما كنت أتأهب للعودة الى بلادي أواسط عام 2004، اثر ربع قرن من الغياب عندها قال لي كاتب تونسي معروف «أعداؤك في انتظارك.. وقد شحذوا سكاكينهم جيدا»، أفزعتني كلماته، وأخذتها مأخذ الجد، فقد كنت على يقين أن هناك عددا لا بأس به من الكتاب والمثقفين على استعداد دائم للاساءة الي، وتدبير المكائد ضدي لأنه ليس بامكانهم أن يغفروا لي المغامرة المثيرة التي قمت بها، والنجاحات التي حققتها عالميا وعربيا. فعند خروجي من البلاد مطلع الثمانينات من القرن الماضي، غير اني لم أكن قد نشرت أي كتاب، لكن في غربتي في تلك الشقة الصغيرة بحي «شوابينغ» بمونيخ، انطلقت اكتب وأكتب، وأقرأ وأقرأ، الى أن بدأت أدرك انه بامكاني أن أكون كاتبا حقيقيا في يوم ما، وبعد أن أصدرت مجموعتي الاولى «حكاية جنون ابنة عمي هنية» التي حققت نجاحا باهرا في الاوساط الثقافية، وبفضلها منحتني وزارة الثقافة جائزة القصة القصيرة، توالت اصداراتي بشكل منتظم، وترجمت قصصي ورواياتي الى الألمانية والى لغات أخرى، وأصبحت أحضر مؤتمرات أدبية هامة في أوروبا وفي العالم العربي، وكنت أكتب في كبريات الصحف الألمانية عن الثقافة العربية والبعض من مقالاتي كانت تعلن عني في الصفحات الأولى. واعتبرت مجلة «دي تزايت» الألمانية تحقيقي الذي نشرته فيها تحت عنوان «ليلة مع محمد شكري في طنجة» واحدا من أفضل التحقيقات التي أصدرتها خلال عام 1986، أما قصتي «السلحفاة» فقد نوه بها أدونيس وسعدي يوسف ومحمد بنيس والعفيف الأخضر وصافي سعيد وأخرون كثيرون واعتبرت عام 2000 من قبل اللجنة التي ترأسها ج.م. كوتزي الحائز على جائزة نوبل للآداب واحدة من أفضل خمس قصص افريقية، ومن نفس هذا العام عام 2000 نالت روايتي الاولى «هلوسات ترشيش» جائزة «توكان» لأفضل كتاب، وقد منحت لي هذه الجائزة في حفل بهيج في دار الأدب بمونيخ بحضور عدد كبير من الشخصيات الأدبية والفكرية والسياسية.
وعندما عدت الى بلادي، كنت قد أصدرت 15 كتابا وبما اني كنت أعلم أن اطرافا كثيرة كانت تهاجمني بشدة حتى عندما كنت في الغربة، فإني كنت واثقا من أن الاستقبال لن يكون وديا، وكان الأمر بالفعل على هذه الصورة، فحال عودتي انطلقت الألسن تشيع التهم والأكاذيب ضدي، وتشوه سمعتي كاتبا وانسانا، وكتب البعض من صغار الأدباء مقالات للتقليل من شأني أدبيا، بل انهم ذهبوا الى حد نفي صفة «الروائي» و«القصاص» عني! وزادوا فأغلقوا في وجهي باب الندوات القصصية للرواية والقصة التونسية! ومع ذلك صبرت عن كل هذه الملمات، وفي عزلتي واصلت العمل بجد وثبات مستفيدا من تجربتي الألمانية، ونائيا بنفسي عن الألسن الخبيثة، وعن الأقلام التي تتغذى من سموم النميمة والحقد، غير أني لم أكن أتوقع أبدا أن يصل الأمر بأعدائي الى حد إلصاق تهمة السطو على كاتب قصة تونسي؟ هو ابراهيم الدرغوثي الذي لم أقرأ انتاجه الأدبي، أما علاقتي به فمحدودة للغاية اذ أن المرات التي التقيته فيها تكاد تعد على اصابع اليد الواحدة.
وعندما شاع الخبر وقد فعل أعدائي ذلك بشكل مثير ومقزز، سارعت باصدار تنويه في جريدة «القدس العربي» بتاريخ 15 اكتوبر 2008 نافيا التهمة عن نفسي، ثم نشرت نفس هذه الجريدة تنويها آخر بقلم رئيس تحرير صفحتها الثقافية الشاعر المعروف أمجد ناصر برأت فيه ساحتي تماما من التهمة المذكورة، وفي هذا التنويه أشار أمجد ناصر الى أن الرسالة المرفقة بالقصة كانت مثيرة للشبهات منذ البداية، اذ أنها كانت موقعة بالحرفين لاسمي أي «ح.م.»، لذلك لم يشك في أن ثمة أمرا ما يدبر ضدي في الخفاء، واعترف أن هناك من «أوقع بي» أو ب«القدس العربي». وأضاف أمجد ناصر بأن أعدائي الكثيرين سواء في تونسا او خارجها استغلوا هذه المظلمة الشنيعة ضدي لينهالوا علي سبا وشتما حتى من دون أن تكون لهم مبررات إدانتي.
إن تنويها بمثل هذا الوضوح والصراحة كاف لغلق ملف هذه المسألة السخيفة، غير أن أصحاب الألسن الخبيثة الذين لا ينامون ولا يدعون أحدا ينام في أمان واطمئنان، واصلوا تحركاتهم ونشاطاتهم الهدامة والمغرضة، ولأن جريدة «القدس العربي» رفضت استقبال نصوصهم المسمومة ضدي باعتبار أن ملف السطو المزعوم أغلق نهائيا، فإنهم لجأوا الى مواقع اخرى، بهدف التشنيع بي والمس من كرامتي الأدبية، ويبدو أن ابراهيم الدرغوثي انساق لهم لأهداف شخصية بحتة تتعلق بانتخابات اتحاد الكتاب المقبلة، وربما أيضا لتلميع صورته الأدبية الباهتة، فلي أنا ولأمجد ناصر، أكد أنه ينفي تماما هذه التهمة ضدي ونفس هذا الكلام قاله على موجات الاذاعة الوطنية، وهذا ما أكده لي الاستاذ بوبكر بن فرج مدير ديوان وزير الثقافة والمحافظة على التراث، لكن على مواقع الأنترنات، وهي الأركان التي يتردد عليها، هو يحاول أن يوحي للناس بأني قد أكون سطوت على قصته التي لم أقرأها حتى بعد أن اتهمت بسرقتها.
وبهدوء أقول له وللواقفين وراءه شاهرين هراواتهم الغليظة: يا سيد ابراهيم.. أنت نشرت قصتك هذه في مجلة «الحياة الثقافية» منذ أربع سنوات، ونلت مكافأة عنها، ثم عدت فنشرتها في أكثر من موقع للانترنات، وأبدا لم تثر انتباه أحد طوال هذه المدة، فلماذا تريدني أن أسطو عليها أنا...؟ أنا الذي ألفت خلال الأربع سنوات الماضية 10 كتب وكتبت وقرأت آلاف الصفحات.. وأزيدك يا سيد ابراهيم وأقول لك بأني أعرف كتابا كثيرين من جميع انحاء العالم، تقرأ لهم أنت، بل قد لا تكون سمعت بأسمائهم أصلا، وكنت قد كتبت عنهم معرفا بهم وبانتاجهم، وترجمت نصوصا لهم، وهذا ما فعلته مع عدد كبير منهم، آخرهم كان الكاتب الألباني الكبير اسماعيل كاداريه، الذي ترجمت له قصة رائعة بعنوان «قافلة الأحجية» التي نشرتها مجلة «الحياة الثقافية» في عددها الصادر في شهر أفريل من هذا العام، أسوق لك هذا القليل لكي أصرف ذهنك عن مثل هذه الترهات، وأدعوك الى أن تسلك بسلوك الكاتب المسؤول والرصين، وليس الكاتب المتذبذب المتقلب في مواقفه، والذي يبحث عن المجد الشخصي على حساب الآخرين.. وبكل ود أقول لك أيضا بأن لي عددا كبيرا من القصص التي لست راضيا عنها وأنا على استعداد أن أهديها الى هؤلاء الأعداء المتربصين بي لكي ينشروها بأسمائهم، آملا أن يتركوني وشأني، فأنا لا أبتغي لا الشهرة ولا المجد، وحلمي الوحيد هو أن أكتب ذات يوم كتابا يرضي طموحاتي، وتلك المرأة البعيدة التي أحب، فاذهب الى العتمة الأدبية وأنا مفعم بالسعادة.. وثمة من تدخل في هذه العملية السخيفة، أقصد عملية السطو، بشكل مثير للشبهات، وهو السيد محمد كمال السخيري، وذلك من خلال نص نشره في جريدة «الصباح» بتاريخ 31 اكتوبر 2008، وقد قدم نفسه كشاعر وناقد وكاتب!! وأول شيء أقوله هو اني لا أعرفه، ولم أقرأ له شيئا، وكثيرون أكدوا لي أن شرعيته الأدبية يستمدها فقط من عضويته في اتحاد الكتاب، أما مؤلفاته فلا وجود لها، ويبدو أنه تدخل لأمور انتخابية بحتة، وأود أن أقول له بأن ما نشر على لساني على مواقع الأنترنات لا يلزمني لا من قريب ولا من بعيد، فهو من تدبير من دبروا المكيدة ضدي راغبين في توريطي في مسائل أخلاقية تتجاوز السطو.. والواضح أنهم كفوا عن نشر أقاويلهم باسمي منذ أن حصّن الاصدقاء عنواني الالكتروني. لقد كان أعدائي يريدون أن تكون جريمتهم نافية لكل الشبهات ويبدو أنهم يعرفونني جيدا، لذا فعلوا كل ما في وسعهم لكي يقدموني للناس على الصورة القبيحة التي يريدون أن أكون عليها، فأنا لا يمكن أن أقول اني لا أقرأ من الكتاب التونسين الا المسعدي والشابي والبشير خريف، ودليلي على ذلك اني كتبت عن عشرات الكتاب من الأحياء والأموات، ومن مختلف الاجيال، وعلى السيد الناقد الشاعر الكاتب محمد كمال السخيري (التثلية في الصفة وفي الاسم) أن يتثبت من هذه الحقائق قبل أن يتدخل في ما لا يعنيه، كما أني اعرف المغرب مثل جيبي، واعرف كتابها، والكتاب الذين ذكر أسماءهم من صنع مدبري المكيدة، لصوص الأنترنات، هؤلاء الأدباء الاصطناعيون الذين لا يملكون الضمير ولا الموهبة ولا الأخلاق..
إن العالم يعيش تحديا كبيرا، وعلى جميع المستويات وبلادنا تعيش السنة الوطنية للترجمة والسنة الوطنية للشباب، وكنت أود أن يكون النقاش بين المثقفين حول قضايا حارقة تهم بلادنا ومستقبلها، ولكن يبدو أن هناك من يريد أن يبقى الجدل الثقافي في الحضيض.. أما أنا فسأعود الى عملي وسأواصل كتابة روايتي.. وليظل «أدباء الأنترنات» كما سماهم الراحل الكبير محمود درويش ينبحون عاليا على المواقع السخيفة التي ينشرون فيها نصوصهم الرديئة.. وأكاذيبهم المغرضة..
في نهاية نص كتبته تحت عنوان «عليك أن تنأى بنفسك عن كل هذا»، أقول:
عليك أن تنأى بنفسك عن كل هذا،
فامض اذن.
امض تجاه ذلك الضوء الذي يبتعد عنك كلما اقتربت منه موحيا لك بأن المغامرة لاتزال طويلة...
لكنك ستصل..
حتما ستصل!
... حتى لا يسقط خطابنا الأدبي الإبداعي في وهاد الترجرج
بقلم: محمد المحسن
قد لا أبالغ اذا قلت أن لولا «النقد» في الصحف، لظللنا الى اليوم نجهل مؤلف الرواية الرائدة «زينب»، فقد وقعها صاحبها آنذاك باسم «مصري فلاح» لأنه كان يخشى على مركزه الاجتماعي كمحام ينتمي الى الأرستقراطية من ذيوع الخبر المثير، وهو أنه كتب «رواية أدبية».. هكذا ظهرت رواية هيكل الأولى مجهولة المؤلف، ثم جاء استقبال النقد لها مشجعا الناس على قبول هذه «العجيبة» ومشجعا للكاتب أن يظهر «وعليه الأمان» كما يقال. كذلك لولا استقبال طه حسين لمسرحية «أهل الكهف» الرائدة لتوفيق الحكيم، لظل مفهوم المسرح كما كان هو العرض الغنائي التمثيلي لا «أدبا محترما» كما جرأ طه حسين أن يصف عمل الحكيم، ثم «النقد» الشجاع الذي وجهه العقاد لأمير الشعراء أحمد شوقي، وما أثاره في ذلك الحين (1921) من قلب للمقاييس وانقلاب في الموازين، مقاييس الشعر وموازين البناء، وإنما نحن في عصر اللهاث وراء لقمة الخبز بأسهل الطرق، عصر التعليقات السريعة على كتاب يعيدون ما كتب على ظهر غلافه بصيغ اخرى، أو مسرحية تتفوق فيها الممثلة على نفسها، أو فيلم ينتهي بسهرة ممتعة مع نجومه، أو كذلك وهذا هو المؤلم نص ابداعي تثار من حوله الزوابع وتتناسل بسببه التهم حاملة في ثناياها عناوين مؤسفة: سطو أدبي أو «لصوصية أدبية» الامر الذي يضيف الى ركودنا الفكري وافلاسنا الثقافي ما لا قدرة لنا على تحمله.. والسؤال الذي ينبت على حواشي الواقع: هل تردت أوضاعنا الفكرية والأدبية وسقط بالتالي خطابنا الابداعي في وهاد الترجرج والانحطاط الى درجة أصبحنا فيها «غزاة مدينتنا» نكيل لبعضنا التهم ونتراشق بالألفاظ، هذا في الوقت الذي يتنافس فيه «الغرب المتقدم» على احتضان مبدعية والاحتفاء بما أفرزته قريحتهم الابداعية بجهد غير ملول، وترشيح كبار مبدعين للفوز بنوبل العظيمة؟..
هل شحت ينابيع الابداع في ربوعنا وكلت أقلامنا وعجزت بالتالي على الخلق والابتكار وأصبح الواحد منا «ينهش لحم أخيه» و«يسطو» دون خجل أو وجل، على ابداعه وعصارة قريحته وكل ما «بناه» ابداعيا» بحبر الروح ودم القصيدة؟.. قد لا أحيد عن جادة الصواب اذا قلت أن المشهد الابداعي ببلادنا ما فتئ يتغلب فيه الفتق على الرتق بعد أن غص حد التخمة بأقلام تتجسس بالكاد دربها الى الابداع وتلهث متبعة خلف «الأضواء».. ولا عجب في ذلك طالما أن الواحد منا بامكانه أن يتحول بقدرة قادر الى شاعر فذ تشد له الرحال، بمجردة قصيدة يكتبها وهو يتثاءب وتتلاقفها لاحقا «أقلام» النقاد لتصنفها ضمن «الابداع العجيب».. قلت هذا، وأنا أقرأ ما تكتبه بعض الصحف حول «اللصوصية الأدبية» ببلادنا، ولكأن هذه الظاهرة المرضية استفحل داؤها وغدونا عاجزين على استئصالها وأمست بالتالي مرضا عضالا لا فكاك منه..!
على أية حال، كان بامكان كتابنا الأفذاذ الانصراف الى ما ينفع الساحة الثقافية عن ابداع خلاق تخاض به كبقية الأمم معركة الوجود والنهضة من الركود والترجرج، وأعني معركة درء التخلف، أفضل بكثير من خوض معارك جانبية لا تعبر في جوهرها عن الاختلاف الأدبي، ولا عما يضطرم به باطن المشهد الأدبي الابداعي من تناقضات، هي بالأساس ظاهرة صحية في عالم ممزق النفس والجسم..
قلت هذا، وأنا أتحسر على ما تشهده ساحتنا الثقافية بين الحين والآخر من اتهامات متبادلة بين بعض المبدعين، كما هو الحال بين الكاتبين حسونة المصباحي وابراهيم الدغوثي، فالأول ينفي «سطوه» على لوحة قصصية تحمل امضاء ابراهيم، وهذا الأخير يتحفظ على الموضوع، ورغم أن كاتب السطور يحترم الاثنين معا، ولا يشكك أبدا في ثراء زادهما الابداعي الا أن حرصنا على نقاوة مشهدنا الابداعي من كل الشوائب وسعينا الحثيث للارتقاء بمستوى وعينا الأدبي لأعرض شريحة قارئة، يحتم علينا جميعا إيلاء هذا المشهد ما يستحق من ابداع واعد من شأنه ترك بصمات واضحة على حركة الابداع الفني برمتها، بمنأى عن التراشق بالاتهامات الزائفة.
لم أقرأ للسارق... لم أقرأ للمسروق...
قرأت لحسونة المصباحي
بقلم: محمد الصغير أولاد أحمد
(1)
يمكن تلخيص الحكاية بالطريقة التالية:
«رجل يقرر، في الثالثة صباحا، بعد أن اكتشف أن وجوده يشبه عدم وجوده، أن يرسل قصة قصيرة لكاتب مغمور مذيلا اياها باسم كاتب مشهور، الى جريدة واسعة الانتشار.. ثم يقضي اليوم الموالي في محلات العطور والجزارة والخمور متخيرا لوازم الاحتفال الذي سيقيمه لنفسه بمجرد أن تصدر الجريدة وقد وضع فيها رأس الكاتب المشهور على طبق من نحاس...».
ويمكن تلخيص الأحداث بطريقة اكثر اختصارا:
«صدرت الجريدة، وصدرت القصة بتعديلات خبيثة في العنوان وفي بعض الجمل والصيغ الأسلوبية، وشاع في الآفاق أن سرقة مدوية حدثت في عالم الأدب ونودي للذئاب ذوات الأنياب: تعالي بسرعة مادام لحم الكاتب طازجا!!»
ويمكن تلخيص الخاتمة بجملة يتيمة:
«لقد انقلب السحر على الساحر»!
(2)
لم أكن أتصور أن بمقدور هذه الحكاية المخزية أن ترفع لحدها وتغادر المقبرة التي دفنت فيها ثم تعود، ماشية على ساقيها، الى صفحات الجرائد والمجلات، خصوصا بعد أن أصدرت جريدة «القدس العربي» توضيحها المتضمن لاعتذار صريح للكاتب المشهور ولاعتراف مر بأنها هي ذاتها كانت ضحية مقلب دبره أحد غرقى الأنترنات بعد أن تبين أنه لا يحسن السباحة!
لم أكن أتصور أن الأذى صناعة أدبية تعز على بعض التونسيين الى حد يسوؤهم معه أو يروا كاتبا تونسيا متفوقا وذا أسلوب لا تخطئه القراءة!
لم أكن أتصور أن يتمادى الكاتب المسروق (افتراضيا) في عدم تبرئة الكاتب المشهور، بشكل قاطع وصريح ويواصل الهروب من تحمل المسؤولية الأدبية والاخلاقية لغايات سلعية، في جانب منها وانتخابية في جانبها الآخر!
أما وقد تم كل ذلك وكأن المرحلة تستوجب أن يكون أحد أهم الكتاب التونسيين سارقا لقصة سخيفة كتبها كاتب أقل منه موهبة ونبوغا، فإنه يتعين افتراض أن عصابة أدبية بكاملها تعمل، هذه الأيام على تبرير فشلها الذريع في الكتابة رغم مواقعها في الادارة وفي لجان الجوائز الأدبية وفي المهرجانات الثقافية.. بشكل عام.
(3)
قبل عشرين عاما، بالتمام والكمال، تعرض حسونة المصباحي لسيناريو مماثل قام به كاتب عربي عديم الموهبة، وكانت الغاية من السيناريو طرد المصباحي من مجلة «فكر وفن» الألمانية ثم طرده من ألمانيا ومن دول المجموعة الأوروبية برمتها، وفيما كان حسونة يحاول رد التهمة، داخل ليل غربته، كان نفس هؤلاء التونسيين يرفعون الأنخاب وكأن سهامهم أصابت غزالة طليقة في رمال الصحراء!
أتذكر أن وقوفي الى جانبه، آنذاك سبب لي العديد من العداوات المجانية.
أتذكر أن تلك العداوات تحولت الى حروب معلنة ضدي، سواء في أماكن العمل أو الكتابة، وكانت دوافع تلك الحروب تنويهي بابداع حسونة المصباحي وبجهده الثقافي عموما في التعريف بالأدب التونسي الرفيع.
فما أشبه الليلة بالبارحة!!
(4)
ليس لتونس كتّاب كُثر بقامة حسونة المصباحي.. وقد حان دورها لتسنده هو الذي أسندها طويلا في أزمنة القهر والظلام ولُبس الكتابة.
فلتسنده الآن.. ودون مِنّة.
مع حسونة المصباحي...
بقلم: صالح الدمس
نعم، إنه واجب الكتاب التونسيين الحقيقيين، لأن اتهام المصباحي بالسطو على قصة تافهة للدرغوثي يبعث على التقزز من هذه الممارسات اللاأخلاقية واللاأدبية، لأن أفضل قصة للدرغوثي هذا لا يمكن أن ترتقي الى أية واحدة من قصص المصباحي، تلك القصص العالمية الكونية، واذا لم يكن ذلك الدرغوثي على اطلاع على الأدب التونسي ومدونة المصباحي أساسا، فأني أحيله على قصص مثل: البئر الكلب تونس جريمة في قرية قاف.. ليرى الفرق الشاسع بين كتاباته وكتابات حسونة المصباحي «الأدبية»، بل اني لاستغرب كيف يقدم المصباحي على سرقة «قصة» هذا الرجل وهو الذي يعرف من الكُّتاب العالميين ما لا يعرفه جل القراء التونسيين.. وهل أن حسونة المصباحي في حاجة الى تداول اسمه بنشر تلك «القصة» وأنا على اطلاع كامل وشامل على ما ينشره في تلك المواقع.
إنه لغريب أن نستقبل كاتبا تونسيا تغرب لربع قرن من ألمانيا، ويصنع اسمه من بعيد، وأن يحن الى وطنه دون أن يطلب من أحد أية مساعدة سوى أن يمكث في مكتبه، في بيته، يقرأ ويقرأ ثم يكتب، أوليس حسونة المصباحي هو الكاتب الوحيد في تونس الذي يعيش من قلمه، أوليس هو الكاتب الوحيد رغم حمله لشهادات علمية لم يسع للحصول على وظيفة، أوليس هو الكاتب الوحيد الذي لا ينتظر أية هبة من أحد، أوليس عيبا ألا نستقبل هذا الأديب الكبير بكل محبة وأريحية، وأن لا ننظم على شرفه اللقاءات والأمسيات والتكريمات، أو لم تهضم حقه يا ابراهيم بصفتك رئيسا في اتحاد الكتاب بقفصة ومنظم ملتقى القصة بعدم دعوته، أو ليس حسونة المصباحي من أفضل القصاصين ومن أغزرهم انتاجا، مقالات وترجمات وإبداعا، هل أزعجك حسونة حين عاد الى تونس، أم أزعج مع معك، أنا أعرف الرجل، فهو ليس له طموح غير نصوصه، وليس له من همّ سوى كتاباته، وليس له من أرق سوى سهره للقراءة والقراءة والقراءة.
إنه عار حقا أن تنشر تلك «التفاهات» في المواقع الاكترونية، فأية صورة سيحملها عنا المطلعون على تلك المواقع، وأنت الحاضر الدائم فيها.
إن القراءة صعبة، والكتابة أصعب، فما بالك بالابداع، فتلك صعدة لا يرتقي اليها إلا الذين يكابدون عناء الاطلاع مثل المصباحي، والذين يطالعون ويقرؤون على الأقل أربعين كتابا في السنة، ولأن المصباحي كاتب كبير حقا، ولأني على معرفة جيدة بما كتبه وما خربشته، فإني مع حسونة، لأنه يشرفني جدا أن أكون من جيل هذا الأديب الذي ليس في حاجة الى قراءة «قصصك»، فما بالك بسرقتها، وحتى يعلم المثقفون التونسيون أن عملية القرصنة عبر الأنترنات ممكنة، حسب ما أفادنا به أخصائيون في هذا المجال، فإن المسألة قد تأخذ منعرجا خطيرا بتقديم قضية لدى العدالة لمعرفة أصول وفروع هؤلاء القراصنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.