بين مدينتي ماطروطبربة يقع هنشير الصنيهيج الذي يتبع إداريا عمادة «ترقلاش» من معتمدية ماطر, تمسح المنطقة قرابة 450هك كانت حسب الروايات المتوارثة على ملك الحاج صالح بن احمد بن مبروك الطرابلسي منذ سنة 1860 ويبدو أن التاريخ قد توقف في الهنشير فلم تصله كل الاختراعات البشرية ولم تنعم عليه الدولة الحديثة بالخدمات الأساسية التي وفرتها لأغلب التجمعات السكنية سواء في ولاية بنزرت أو غيرها إذ تنعدم فيه المياه النظيفة للشرب وتطهير والنور الكهربائي ومدرسة وحتى المسالك الفلاحية. السكان بلا ماء منذ عقود استقرت عائلات بوذراع والفطفوطي والدلاعي والمرساني والجلاصي بهنشير «الصنيهيج» وتحاول كل منها التكيف مع الوضع القاسي ومجابهة تحديات البقاء المفروضة وأهمها غياب الماء الصالح للشراب. فثلاث عائلات تمتلك جرارا وصهريجا خاصا بمياه الشرب التي تجلبها من حنفيات تبعد 5 كم عن التجمع السكني فيما تتجشم 9 اسر عناء البحث عن الماء في العيون الجافة والآبار القديمة التي تشبه الغدران ويبدو ضررها الصحي واضحا لكن الضرورات تبيح المغامرات. غياب النور الكهربائي ولتكتمل الصورة القاتمة يغيب النور الكهربائي عن منازل هنشير «الصنيهيج» رغم مراسلات الأهالي المتكررة إلى كل المسؤولين محليين وجهويين وصولا إلى رئاسة الجمهورية عبر مصالح الموفق الإداري التي ردت على عريضة الأستاذ منصف بوذراع عدد 154/2009 المطالبة بتزويد المنطقة بالتيار الكهربائي «يطيب لي أعلامكم أن مصالح الموفق الإداري قد قامت بالمساعي التوفيقية لدى ولاية بنزرت للفت النظر إلى وضعيتكم وفي رده أفاد الوالي انه بعد دراسة الوضعية من الشركة التونسية للكهرباء والغاز تبين أن الكلفة الجملية اللازمة لتزويد المنطقة بالكهرباء تبلغ بمعدل 61360د. بما يجعل المساهمة الفردية للمشتركين في حدود4727 د لكل عائلة وهو مبلغ يتجاوز السقف المحدد للتدخل عن طريق الاعتمادات الجهوية حسب التراتيب الجاري بها العمل»تراتيب حرمت المتساكنين من التنوير ودفعتهم لاستعمال قناديل زيتية للإضاءة ومن تيسر فقد استخدم الطاقة الشمسية وهو حل يراه خالد المحفوظي غير مجد نظرا لتعطب البطاريات وارتفاع مصاريف إصلاحها.. وحسب جاره المنصف فانه من الأجدى مد الشبكة الكهربائية الموجودة في مناطق ولاية منوبة المجاورة والتي لا تبعد سوى1.5 كم عن منازل متساكني ولاية بنزرت. وفي الأثناء لا يتمكن السكان من متابعة البرامج التلفزية ولا شحن هواتفهم للاتصال نظرا لضعف التغطية ولا تسل عن حالة المريض والعاجز أيام الشتاء. غياب المسالك في فصل الأمطار ينعزل الهنشير تماما فلا تصله بالعالم الخارجي سوى جرارات تزود المتساكنين مؤونة السبات الشتوي فهي الوحيدة القادرة على تخطي حواجز الأوحال والمطبات الجبلية للوصول إلى المعبد ومنه التوجه شمالا إلى طبربة أو جنوبا إلى ماطر.وضعية تنفرج أيام الصحو فيلتحق التلاميذ راجلين بمدارسهم في» تشقة» او «ترقلاش» على بعد6 كم يرافقهم جيرانهم من المعلمين المعوضين... وبعد تجاوز المرحلة الابتدائية يفرض على أبناء الهنشير الدراسة بنظام الإقامة في المعاهد الثانوية والإعدادية بمدينة ماطر. ورغم هذه الظروف الصعبة فقد تفوق أبناء المنطقة دراسيا وحازوا مناصب محترمة سواء في سلك التعليم أو غيره. طلبات المتساكنين واضحة فهم لا ينتظرون مساعدات من الدولة فخبرتهم في العمل الفلاحي وخصوبة الأراضي تمكنهم من مستوى عيش محترم يغنيهم السؤال ولكنهم يطالبون بتفعيل حقهم الدستوري في حياة كريمة، ماء صالح للشرب وإضاءة تمكن التلاميذ من متابعة دراستهم. ومسلك لا ينقطع في فصل الشتاء.. هذه المطالب نقلها السكان إلى والي بنزرت يوم 3 نوفمبر الجاري. زيارة رئيس المجلس الجهوي حملت مشروع مسلك فلاحي طوله 2 كم سيخصص لفك العزلة عن الهنشير وهو مشروع مقبول من المتساكنين شريطة أن يتم تمديده إلى 6 كم على الأقل لتنتفع به كل العائلات لان مسلك 2 كم لن يبلغ سوى منزلا واحدا من جملة 12 منزلا موجودا بالهنشير. حسب المنصف بوذراع. اكتشافات أثرية فهل تتغير الوضعية؟ في 30 أكتوبر الماضي اكتشف محدثنا عددا من الشواهد أثناء حراثته الأرض فسارع بنشر صورها على الصفحات الاجتماعية مطالبا بتعيين خبراء لتقييم الموجودات وفعلا استجاب ممثلو المعهد الوطني للتراث ففي ظرف 4 ايام ووصلوا المكان وقاموا بتحريات مكثفة حول المنطقة وتاريخها وفي انتظار استكمال عملهم مكتبيا وتقديم تقريرهم في الغرض يرجح السكان أن تكون المنطقة غنية بالآثار مما يشي بقرب تغير وضعية المنطقة بعد منة من متساكنيها في العصور الغابرة الذين يبدو انهم استشرفوا وضعية قاطنيها الحاليين.