ما تعرضت له ضحى حداد من «هرسلة» لمجرد تعبيرها عن رغبتها في ترؤس النادي الإفريقي يؤكد مرة أخرى أن الإيمان بحقوق المرأة والحديث عن المسواة بين الجنسين لم يتجاوز للأسف لدى كثيرين مجرد شعارات سرعان ما تتحطم على صخرة عقلية ذكورية تعبر عن نفسها بكثير من التشنج حد العنف عندما يتعلق الأمر بتقلد النساء في وطننا مواقع قيادية متقدمة. ورغم مرور كل هذه السنوات على ريادة تونس في مجالات تحرير المرأة منذ مجلة الأحوال الشخصية وصولا لفتح باب المساواة في الإرث بين الجنسين مؤخرا، ورغم أسبقية المرأة التونسية عربيا وحتى دوليا على مر التاريخ في ولوج مجالات ومهن وقطاعات ظلت لسنوات حكرا على الرجل، مازال المرء يصعق أحيانا بنوعية من ردود الأفعال تؤكد أن مسيرة نضال النساء في تونس متواصلة وأن الطريق ما يزال للأسف معبدا بالأشواك والعقبات لاسيما طريق الوصول إلى الصفوف الأمامية في القيادة والقرار. الاعتداء على حق ضحى حداد كمواطنة تونسية أرادت ممارسة حق يكفله القانون والدستور تجسد للأسف في مناسبتين الأولى خلال الأسبوع الفارط عندما منعت عنوة من قبل عدد من أحباء النادي الافريقي الذين حالوا دون دخولها إلى الحديقة (أ) لتقديم ترشحها لرئاسة النادي خلفا للرئيس المستقيل حيث خاطبها أحدهم قائلا بالحرف الواحد: «من قلة الرجال في الأفريقي باش تتقدم انت.. برى يعيش أختي أعمل فركة صابون في دارك خير..»!! أما المناسبة الثانية فكانت خلال الأسبوع الجاري عند استضافتها على قناة «آم تونيزيا» في برنامج «بلانات فوت» أين تحامل عدد من ضيوف الحلقة بمعية مقدمها والصحفي المحلل المرافق على ضيفتهم وكأن الهدف من الاستضافة كان «التهكم» على المرشحة لا لشيء إلا لأنها امرأة تجاسرت على «رجالات» النادي وهي لا تفقه شيئا- في نظرهم طبعا- في الكرة وفي تاريخ الفريق الذي حاول البعض بسخرية اختبارها بسؤالها عن تاريخ تأسيسه. فقط أردنا تذكير البعض بأن عالم الرياضة ليس حكرا على الرجال فهما وممارسة ومساندة للنوادي، فالتتويجات الدولية الأخيرة لتونس في الرياضات الفردية وغيرها كان للعنصر النسائي نصيب الأسد فيها، والإعلاميات الرياضيات عددهن يفوق بكثير نصيب الذكور فيه. قد تكون ضحى حداد غير مؤهلة ولا تمتلك الخبرة الكافية وقد تكون في تقدير أحباء النادي ليست الشخص المناسب ويمكن تفهم هذه التبريرات إذا ما صدرت في سياق مناقشة معمقة حول فحوى ملفها واستراتيجيتها للنادي لكن ما لا يمكن قبوله هو الانطلاق في نقدها ورفضها من زاوية أنها امرأة وبدا ذلك جليا في جملة من العبارات بدت مشحونة بكثير من التهكم والتحامل والتعصب أيضا. إذن تثبت حادثة ضحى حداد أن معركة النساء في تونس القادمة هي افتكاك حقها في اعتلاء المواقع المتقدمة في قيادة البلاد وعلى راس الحكومات والوزارات والأحزاب والمنظمات والمؤسسات والنوادي الرياضة كذلك.. والمرأة التونسية أثبتت دائما أنها جديرة بكل مكاسبها بما فيها المناصب الريادية.