لئن كان تاريخ 24 نوفمبر يعيدنا ضرورة كتونسيين للهجوم الانتحاري، الذي استهدف منذ سنتين حافلة الأمن الرئاسي وسط العاصمة وأصابنا في مقتل فإن مجزرة مسجد الروضة غرب مدينة العريش مركز ولاية سيناء في التاريخ نفسه (24 نوفمبر 2017) فتعد بدورها في مصر أكبر وأبشع العمليات الإرهابية، التي هددت البلاد خلال تاريخها المعاصر بعد أن أسفرت عن استشهاد نحو 305 أشخاص وإصابة 109.. هذه المذبحة رافقتها إدانة عالمية كبيرة وانعكست خطورتها في خطاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي جاء قويا ورادعا معلنا حربه على الإرهاب.. "الصباح الأسبوعي" تابعت مباشرة من مصر هذه الضربة والتي أسدلت ستار الحزن على البلد لكنها في الآن نفسه وحدت بين مختلف أبنائه باختلاف انتماءاتهم الإيديولوجية والسياسية ضد أعداء الدين والحياة. وفي هذا سياق تناولت "الصباح الأسبوعي" تداعيات العملية الإرهابية والإستراتجية الجديدة، التي ستتخذها مصر ضد الإرهاب بالتحليل مع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عمرو هاشم ربيع، الذي أوضح أن مذبحة العريش هي أبشع ضربة إرهابية تستهدف مصر منذ 206 سنة أي منذ وقوع مذبحة القلعة في 1 مارس 1811 وقد أخذت زخمها من العدد الكبير للضحايا واستهدافها لمصليين في مسجد أثناء أداء صلاة الجمعة. عمليات ليست من تخطيط أفراد وعن إمكانية أن تكون هذه العملية الإرهابية ردا على ضربات استباقية كانت قد قامت بها قوات الأمن في منطقة سيناء وأجهضت نسبة مرتفعة من العمليات الإرهابية، نفى محدثنا الفرضية موضحا أن من يخطط لهذه العمليات ليسوا بأفراد أو جماعات صغيرة وإنمّا تمول من دول وجماعات دولية فالإرهاب صار من منظوره لاعبا وليس أداة تستخدم قائلا: «في العلوم السياسية القديمة كانت الدول والكنيسة والمكونات الدولية هي التي تتحكم في اللعبة أمّا اليوم فالإرهاب بدوره أصبح لاعبا أساسيا في هذه التحركات..» «القاعدة» لم تدخل على الخط وعن الحديث عن استراتجيات جديدة ستتخذها مصر في حربها ضد الإرهاب، أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع أستاذ علوم السياسية أن المعالجات ستكون بشكل مختلف وبيد من حديد فالإستراتجية الجديدة عليها أن تواجه الممّولين لهذه الجماعات نافيا ما ذهب له بعض المحللين الغربيين حول دخول القاعدة على الخط ورغبة أهم قادتها المصريين أيمن الظواهري وسيف العدل في تواجد أكثر على أرض بلادهما قائلا: «القاعدة لا تقوم بضرب المساجد وهذا الفرق بينها وبين الدواعش فهي أكثر اعتدالا في هذا الجانب رغم تشددها الكبير». لماذا هاجموا مسجدا في قرية صغيرة؟ وعن ربط العملية الإرهابية بانتماء أغلب مصلي مسجد العريش للطرق الصوفية (الطريقة الجريرية) باعتبار أن هذا نوع من الشرك بالله في منطق المتشددين دينيا، تساءل محدثنا لماذا إذن هجموا مسجدا لا يتسع لأكثر من 300 مصليا في قرية صغيرة خاصة إذ كان من الممكن – لو كان هذا العمل الأساسي للعملية الإرهابية – ضرب مساجد تتسع لآلاف الصوفيين في القاهرة وغيرها من المناطق كما أنهم لو أرادوا استهداف الصوفية ومريدها لكانوا أسروا قيادات هذه الطريقة الموجودين بقرية الروضة غرب العريش قائلا في هذا السياق :»الطرق الصوفية تدعو لعبادة الله من خلال واسطة أهل البيت والصالحين والأولياء والشعب المصري معروف أنه يتسم بعقل سني وقلب شيعي دون تزمت بطريقة معينة في العبادة فهو بالفطرة يميل لأهل البيت والصحابة أمّا التيارات السلفية التي تنتقد الصوفية فعددها قليل.» ولفت الدكتور عمرو هاشم ربيع الانتباه إلى أن هذه العملية الإرهابية وحدت الشعب المصري أكثر ضد الإرهاب ومحاربته فسابقا كان الأقباط يعتقدون أن الجهاديين لا يهاجمون إلا غير المسلمين من مدنيين لكن هذه العملية جعلتهم يدركون أن الخطر يهدد الجميع وهذا يؤدي لكره مشترك للإرهابيين وتوحيد الصفوف لمصلحة البلاد واستقرارها فكما تعلمون «داعش» بدأت تجمع حولها بعض التعاطف في العراق بعد محاولاتها التأثير على الناس بانجاز «المشاريع الاجتماعية والخيرية». وأرجع نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية الدكتور عمرو هاشم ربيع تمركز «داعش» في شمال إفريقيا إلى سهولة الدخول إلى ليبيا، التي تعتبر دولة رخوة وبيئة خصبة للإرهابيين حتى يسجلوا وجودهم في المنطقة.