تعتبر شركات وصناديق الاستثمار في رأس مال التنمية أو الاستثمار ذات رأس مال التنمية من بين ابرز الآليات التي تساهم في دفع الاستثمار في بلادنا ولعل البعض يعتبرها من أهم الآليات التي تعمل على المساهمة في خلق مشاريع جديدة ذات قيمة مضافة للاقتصاد. وتوجد في تونس 106 مؤسسات استثمار موزعة بين 58 شركة استثمار ذات رأس مال تنمية، تتألف من 5 شركات الاستثمار في رأس مال التنمية الجهوية و16 شركة في رأس المال تابعة للبنوك و37 شركة تابعة لمجمعات شركات خاصة، و41 صندوقا مشتركا للتوظيف ذات رأس مال تنمية و7 صناديق للمساعدة على الانطلاق. ووفق اخر المؤشرات فقد بلغ حجم استثمارات هذه المؤسسات حوالي 300 مليون دينار وهو ما أكده أكرم مجاجي الخبير في مجال الاستثمار في رأس مال التنمية ومختص في الاستشارات في المجال ل»الصباح الاقتصادي» مبينا أن حجم الاستثمارات الممولة من قبل هذه الآليات يتراوح سنويا بين 200 و 300 مليون دينار موجهة لتمويل أكثر من 200 مشروع بحجم مساهمة في رأس المال تتراوح بين 700 الف دينار و1 مليون دينار. كما بين أن الاستثمارات الجديدة قادرة على خلق حوالي 5000 موطن شغل سنويا. وحسب آخر تقرير لهيئة السوق المالية فقد ناهزت الاستثمارات خلال 2015 ما قيمته 207 مليون دينار من خلال تمويل 180 مشروعا مكنت من إحداث أكثر من 5000 موطن شغل أي بارتفاع ب30 بالمائة بين 2015 و 2016 . فيما بلغ حجم الاستثمارات المحققة 223 مليون دينار في 2014 و260 مليون دينار سنة 2013. وتستحوذ شركات الاستثمار في رأس مال التنمية على54.7 بالمائة من جملة الاستثمارات فيما يبلغ نصيب صناديق المساعدة على الانطلاق 38.7 بالمائة مقابل مساهمة ب6.6 بالمائة بالنسبة للصناديق المشتركة للتوظيف ذات رأس مال التنمية. وتتمتع هذه الآليات بمرونة من حيث إجراءات التدخل بما يمكنها من القدرة على دعم الاستثمار والتنمية في الجهات وخلق مواطن شغل جديدة حيث بلغت حصة مناطق التنمية الجهوية من المشاريع المصادق عليها سنة 2015 حوالي 52 بالمائة مقابل 48 بالمائة لبقية الجهات. وكما ذكرنا سابقا فإن من أهم مهام الشركات والصناديق الاستثمارية خلق مشاريع جديدة لتستحوذ بذلك المشاريع المحدثة من باعثين جدد على نسبة 48.7 بالمائة من مجموع استثماراتها المصادق عليها ليبلغ حجم الاستثمارات المنجزة 8.4 مليون دينار، ويستحوذ قطاع الخدمات على نصيب الأسد بنسبة 56.5 بالمائة مقابل31.9 بالمائة للقطاع الصناعي و5.8 بالمائة للقطاعين الفلاحي والسياحي . تمويلات وشراكة في رأس المال وتقدم شركات وصناديق الاستثمار تمويلات لباعث المشروع يسمى استثمارا في رأس المال ولا تقدم قروضا مثلما هو الشأن بالنسبة للبنوك التي تقرض لاسترجاع أموالها مقابل هامش فائدة أو أرباح، كما أن هذه المؤسسات تتعامل مع المستثمر كشريك فاعل لأنها تمول وتكتتب في رأس المال لتصبح علاقتها مع الباعث كممول وليس كمقرض، فهي شركات استثمار وشركات تسيير الصناديق الاستثمارية التي تمول رأس مال الشركات او رأس مال التنمية كما يمكن ان تمول جزءا من المشروع او المشروع ككل حتى يصبح رأس مال المشروع ممولا بصفة كلية من أموال ذاتية. وكونها شريكا فإن هذه المؤسسات تتحمل النتائج مع صاحب المشروع في حالة الربح كما الخسارة، فحتى وإن كانت مساهمتها هامة أو كلية ليس بشرطه أن تتحصل على مثلها في المرابيح إذ هناك طرق في التقييم والتحفيز تجعل تقسيم الثروة يكون متناسبا بين باعث المشروع والصناديق الاستثمارية وكل هذا يتم التنصيص عليه مسبقا في عقد شراكة بين الهيكل الاستثماري والباعث، لذا فإن المؤسسة أو صندوق الاستثمار يرافق المستثمر من الفكرة أي منذ انطلاق المشروع إلى أن يدخل في مرحلة جديدة وهي مرحلة التصنيع وهي قسم التمويل برأس المال المخاطر أو رأس المال المجازف، ثم تأتي مرحلة رأس مال لتوسعة المؤسسة وتطويرها وتطوير قدرتها الصناعية أو الإنتاجية أو التجارية أو حتى فتح فروع جديدة. وهو المجال الذي تتجه نحوه الشركات والصناديق اليوم حسب ما اكده محدثنا. الإدراج في البورصة كما تتدخل هذه الهياكل من خلال ضخ رأس المال التصحيحي ووضع برنامج إنقاذ لضخ دماء جديدة في المؤسسة إذا ما كانت تمر بأزمة. وفي مرحلة أخرى وطبعا عندما تكبر الشركة تحتاج إلى تمويلات أكبر وهذه التمويلات يتم توفيرها عبر إدراجها في البورصة وهنا تلعب هذه الآليات دورا هاما لإعدادها لعملية الإدراج، حيث تمول في هذا القسم المنظومات التنظيمية والمحاسبية والمعلوماتية ومراقبة الجودة وتلك المتعلقة بالشفافية والمراقبة والحوكمة وبمجرد إدراج المؤسسة، تنتهي مهمتها كصناديق رأس مال خاص لأنها تصبح ذات رأس مال عمومي يشارك فيها عدد هام من المكتتبين والمساهمين وأنواع أخرى من الصناديق المتخصصة في ذلك. وفي هذا الصدد أكد الخبير في مجال الاستثمار في رأس مال التنمية أن مهمة آليات الاستثمار في رأس مال التنمية تتراوح بين 6 و7 سنوات فقط تكون خلالها المؤسسة قد نجحت في خلق مشروع متكامل وناجح قادر على نحت مسيرة مميزة. وشدد أن في ظل الوضع الاقتصادي الحالي باتت البنوك تشدد الخناق على تمويل باعثي المشاريع والمستثمرين لا سيما مطالبتها بتقديم ضمانات عند طلب الحصول على قرض. إيجابيات وسلبيات القطاع أكرم مجاجي أكد ل»الصباح الاقتصادي» أن هناك إطارا تشريعيا جديدا تمت صياغته من قبل كل الأطراف المتداخلة في القطاع وجاء ببادرة من هيئة السوق المالية وقد تم إيداعه لدى مجلس نواب الشعب منذ حوالي 6 أشهر. يعتبر أهل القطاع أن سوق الاستثمار في رأس المال محدودة ولا تتيح التدخل للاستثمار في مختلف المجالات بالنظر الى تحديد مجالات التدخل على غرار البعث العقاري ومجال التصدير والتجارة والتوزيع. واكد الخبراء ان الوقت قد حان حتى تكون لنا في تونس سوق محترمة لرأس المال، تكون في حجم وإمكانيات وقدرات السوق البنكية، سوق لرأس المال تكون متنوعة في العرض وفي الاختصاص وذات قدرات بشرية متميزة، لذلك هم يعتبرون أنه من الضروري مواصلة تطوير التشريعات المؤطرة والمنظمة لآليات الاستثمار ذات رأس مال التنمية ورفع أكثر ما يكون من القيود على هذا القطاع والذهاب نحو تطبيق القواعد السليمة المتعامل بها في الدول المتطورة تمكنه من تحقيق قفزة نوعية وإعطائه الفرصة لإحداث شركات جديدة تتماشى مع واقع ما تتطلبه السوق العالمية. وعن مكاسب القطاع افادنا الخبير انه قد تم منح قطاع الاستثمار في رأس المال امتيازات جبائية هامة تصل إلى 100 بالمائة خاصة عند الإستثمار في مناطق التنمية الجهوية ضمن قانون الإستثمار، كما تم إفراد القطاع بقانون 8/2017 المنظم للقطاع والاستثمارات المعنية بالحصول على الامتيازات والأمر الترتيبي 3/89/2017 . وختم معتبرا أن فسح المجال أمام مؤسسات القطاع للمساهمة في تنمية كل المجالات وعدم تحديد قطاعات الاستثمار من أهم المطالب وبين أن هذه المرحلة هي مرحلة الانفتاح الإقتصادي الذي يحتم فسح المجال للإستثمار في كل المجالات الاقتصادية دون قيد أو شرط مع رفع كل التعطيلات الإدارية وتضييقات القطاع البنكي بما فيها تضييقات البنك المركزي أمام المستثمرين هذه التعطيلات التي تعطل إحداث المشاريع وتزعزع ثقة المستثمرين المحليين والأجانب في تونس.