ماذا وراء إدراج تونس، أول أمس، من قبل وزراء مالية الاتحاد الأوروبي ضمن قائمة «سوداء» للملاذات الضريبية؟ وعن ماذا اعتمد مجلس الإتحاد الأوروبي في تصنيفه هذا ل"يطعن" تونس من الخلف؟؟ الجواب عن أهم سؤالين هو أن الاتحاد الأوروبي اعتمد ثلاثة معايير تتعلق خاصة بالشفافية الضريبية والعدالة الجبائية وتطبيق إجراءات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE ليضع تونس في تصنيف غريب عنها معتبرا بذلك تونس من بين الدول التي تقر أنظمة ضريبية تفاضلية سيئة ولم تبد انخراطها لتغييرها أو إبطالها وغير المتعاونة في المجال الضريبي. إن الهدف المعلن لدول الاتحاد الاوروبي هو دفع الدول لتحديث أنظمتها المالية والضريبية من اجل محاربة ظاهرة تهريب وغسل الأموال ما يساهم بتمويل الأنشطة الإجرامية والإرهابية. حول هذا التصنيف وتبعاته وانعكاساته ذكر زياد بن عمر المختص في الشأن المالي والاقتصادي ل»الصباح» أنه يستغرب التهاون في التعاطي مع هذا الملف من قبل الماسكين به في الدولة التونسية. وبين ان انعكاساته ستكون وخيمة على الاقتصاد التونسي مما يستوجب التحرك بالسرعة القصوى قصد سحب تونس من هذه القائمة وفي أقرب الآجال. وبين محدثنا أن أول انعكاسات هذا التصنيف ستعود على الاستثمار الخارجي الذي سيعرف تراجعا لما سيعرفه المستثمرون الأجانب وخاصة من بلدان الاتحاد الاوروبي من تضييق من قبل دولهم بمجرد نيتهم الاستثمار بتونس مما يضعهم موضع شك في المادة الضريبية. وحول تأثير ذلك على مآل الاتفاقيات المالية المبرمة مع الاتحاد الاوروبي اكد محدثنا انه بالإمكان التراجع عن هذه الاتفاقيات الى حدود تعبير تونس عن انخراطها في الاصلاحات الجبائية المطلوبة خاصة وأن وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي سبق له أن صرح بان الدول التي ستوضع على القائمة السوداء قد تفقد إمكانية الحصول على تمويلات من الاتحاد الاوروبي. كما لم يخف محدثنا تخوفه من ردة الفعل السريعة التي تقول بأن «تونس لن تكون بأي شكل من الأشكال ملاذا جبائيا وأنها رفضت رسميا الاستجابة لطلب أوروبي بإيقاف الامتيازات الجبائية الموجهة للمؤسسات المصدرة كليا حفاظا على النسيج الصناعي ومواطن الشغل» أو تلك القائلة بأن «تونس لن ترضخ للإملاءات الاوروبية امام الحملة التي تقودها بعض الدول الاوروبية من اجل الحد من انتصاب مؤسساتها الصناعية بتونس وإنها لن تقبل بسياسة لي الذراع.» وذكر بن عمر أنه كان الأجدر بنا الوقوف على هنات المنظومة الجبائية والمالية المعتمدة حاليا خاصة وان المنظومة الجبائية التونسية فاقدة لأي عدالة جبائية وهذا ما تقره السلط نفسها. كما انه ليس هناك أي تحرك جدي لمقاومة ظاهرة التهرب الجبائي وتبييض الأموال التي تتفاقم من سنة الى اخرى بظهور عديد المؤسسات «الواجهة» ذات الفوترة الوهمية وهذا ما أقرته عديد التقارير الدولية وكذلك التقارير الوطنية وآخرها تقرير لجنة التحاليل المالية الذي كشف ان مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في تونس مرتفعة نسبيا ومن أسبابها الرئيسية الفساد والتهرب الديواني والتهرب الضريبي. ولم يستبعد زياد بن عمر أن يكون تصنيف تونس ضمن قائمة «التشاريع ذات الأخطار العالية وغير المتعاونة « الذي نشرته مجموعة العمل المالي (GAFI) لمقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، كان له تأثير على قرار الاتحاد الاوروبي خاصة أن الأخير كان متزامنا مع نشر قائمة GAFI.