تمر اليوم الذكرى الخامسة لسقوط أول شهيد بالمؤسسة الأمنية الوكيل أول بالحرس الوطني أنيس الجلاصي الذي راح ضحية العملية الارهابية التي شهدها جبل «بوشبكة « يوم 10 ديسمبر 2012.. عملية ارهابية سبقتها وتلتها عمليات مشابهة حصدت أرواح العديد من شهداء المؤسسة الأمنية الذين دفعوا حياتهم «ثمنا» للتصدي لخطر الارهاب والسؤال الذي نطرحه في هذا الصدد بعد مرور 5 سنوات على هذه العملية هل نجحت تونس في الحد من مخاطر الارهاب؟ وهل مازالت هناك تهديدات ارهابية جدية لبلادنا؟ في مثل هذا اليوم منذ خمس سنوات وردت مكالمة هاتفية صادرة عن منطقة الأمن الوطني بالقصرين على وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالقصرين مفادها رصد أعوان الحرس الحدودي لأشخاص يضرمون النار بجبل «السنك «من عمادة «بوشبكة» التابعة لمعتمدية فريانة في ظروف مسترابة فتحول أعوان الحرس الحدودي الى محيط المكان لاستجلاء الأمر ومن بينهم الشهيد أنيس الجلاصي وظنت المجموعة انها تحولت للتصدي لطارىء عادي ستتمكن من السيطرة عليه والعودة الى قواعدها ولم يخطر ببالهم ان كمينا «ارهابيا « بانتظارهم سيدفع الشهيد الجلاصي ثمنه غاليا الا وهو حياته فيما أصيب مجموعة من زملائه اصابات متفاوتة. اعدامات بالجملة وقد أصدرت الدائرة الجنائية المختصة في القضايا الارهابية بالمحكمة الابتدائية بتونس خلال شهر مارس 2016 أحكامها في قضية «أحداث بوشبكة» حيث قضت بثلاثة أحكام بالإعدام في حق الإرهابي خالد الشايب المكنى ب»لقمان أبو صخر» الرجل الثاني بتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والمطلوب رقم واحد لدى السلط الجزائرية وكذلك التونسية لتورطه في عديد العمليات الإرهابية في البلدين(هذا العنصر الخطير لقي حتفه خلال كمين على مستوى الطريق الرابطة بين معتمدية «حاسي الفريد» من ولاية القصرين ومعتمدية «سيدي عيش» التابعة لولاية قفصة) وفي حق الإرهابي مراد الغرسلي الذي قتل خلال أحداث جبل»عرباطة» وفي حق الإرهابي محمد فتحي الحاجي المكنى ب»أبو الخير» الذي قتل أيضا في عملية جبال»مغيلة» والمورط في العمليات التي جدت بجبل»الشعانبي» على غرار ذبح الجنود بالإضافة إلى التخطيط إلى عملية اقتحام منزل وزير الداخلية الأسبق لطفي بن جّدو كما أصدرت أحكاما تراوحت بين سنة سجنا والبراءة لبقية المتهمين في القضية. «سرطان» الارهاب وفي هذا السياق ذكر الخبير الأمني علي الزرمديني ل«الصباح» ان بعض العمليات الارهابية التي حصلت في بلادنا كانت سببا رئيسيا في مراجعة عميقة لمخاطر متعددة كانت تحيط بنا من الداخل والخارج وخاصة العمليتين الارهابيتين ب«باردو»و»سوسة» فقد أيقظت هذه العمليات الضمير الوطني بمختلف تشكيلاته السياسية والشعبية والأمنية والعسكرية ودفعت الى تفعيل المنظومات الأمنية وخلق ارادة أكبر وأوسع في التصدي للارهاب الذي عرفنا حقيقته بعد تلك العمليات وبأنه فعلا «سرطان» يترصد بالبلاد لتخريبها والقضاء على مؤسساتها وتحطيم بنية دفعت من أجلها أجيال وأجيال لانشاء وبناء دولة عصرية ف»رب ضرة نافعة» فحتى وان خلفت تلك العمليات أضرارا بشرية لا يمكن ان ننساها ويجب ان تبقى في ذاكرتنا الوطنية باستمرار على اعتبار وان أغلى ما يقدم لهذا الوطن هي الشهادة والروح التي تسير فداءا له فهذه العمليات خلفت شهداء للوطن دونهم ودون أرواحهم ودون أرواح كل من استشهدوا في مواقع اخرى ما كان لنا ان نتفاعل مع هذا الداء الذي كان يرنو الى تحطيم كيان الدولة وقد ايقظت هذه العمليات الضمائر وتفاعلت المجموعة حتى نحد من مخاطره. التهديدات متواصلة وأضاف زرمديني ان هذا لا يمنع انه وأمام الواقع الاقليمي الذي نعيشه والمعلوم لدى الجميع وأمام التداخل الحاصل دوليا على مستوى التنظيمات الارهابية وعلى «الفلول» التي تتواجد بداخل البلاد فان هذه المجموعات لها تنظيم عسكري سواء من خلال «الخلايا النائمة» أو «الذئاب المنفردة» وكلها تدفع بنا الى مزيد اليقظة والانتباه على اعتبار ان الخطر الارهابي مازال قائما بقوة وتونس هدف «استراتيجي» ومدخل هام لتنفيذ عقيدة الارهابيين المبنية على التوسع والتمدد نحو أوروبا وغيرها من المواقع فالخطر مازال متواصلا في أشكال واليات مختلفة كلها لضرب كيان شعب وبالتالي يجب علينا ان نكون على أهبة متواصلة فرغم كل النجاحات التي تحققت والتي تظهر بشكل بطولي فان الاستعداد مطلوب لدى الجميع دون استثناء من الهياكل الشعبية الى القوى السياسية الى المؤسسات الامنية والعسكرية.