في جلستهم المنعقدة أمس بقصر باردو مع العميد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، طالب العديد من نواب لجنة الاصلاح الاداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام الهيئة بالتصدي بكل قوة لآفة التهريب، ودعوها خلال نقاش التقرير السنوي للهيئة إلى التشهير بأباطرة التهريب وفضح المتسترين عليهم وقالوا إن بلوغ نسبة اقتصاد مواز تتجاوز خمسين بالمائة يدل على أن المهربين يتمتعون بحماية أمنية. وتحدث آخرون عن الفساد في المناظرات وعن الفساد في قطاع الصحة، وعن الفساد الاداري وقالوا إن وضع حد للفساد الاداري غير ممكن في صورة عدم التعجيل في تنفيذ إصلاح اداري شامل ورقمنة الادارة ووضع ادلة اجراءات تجعل المواطن يعرف ما له وما عليه بما يضع حدا للرشوة. ونبه بعض النواب إلى التنكيل الذي يتعرض له المبلغون عن الفساد رغم صدور قانون يحميهم.. هالة الحامي النائبة عن النهضة تساءلت إن كان رئيس الحكومة قد نسق مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عند اعلان الحرب على الفساد وهل قام بدعمها بما فيه الكفاية. وترى الحامي ان الاصلاح الاداري هو أحد أهم أبواب مكافحة الفساد، كذلك الشأن بالنسبة إلى تفعيل دور هياكل الرقابة خاصة دائرة المحاسبات التي قدمت ملفات فساد بالأدلة.. ودعت الهيئة الى امضاء اتفاقيات مع الهياكل الرقابية وطالبتها بنشر ثقافة مكافحة الفساد في المؤسسات التربوية، وبينت منية ابراهيم النائبة عن نفس الكتلة ان الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مدعوة الى الاستفادة من وسائل الاتصال السمعي والبصري قصد ترسيخ ثقافة مكافحة الفساد، ودعت الى ادراج موضوع مكافحة الفساد في البرامج التربوية وإلى بعث شعبة علمية في الجامعة في اختصاص مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة. ولاحظت ابراهيم ان هناك تسعة هياكل رقابية لكن لا يوجد اطار تنسيقي يجمعها كما أن المجلس الاعلى لمكافحة الفساد غير مفعل. ولاحظ حسن العماري النائب عن نداء تونس أن الفساد انتشر بعد الثورة حيث أن البعض أصبح يستسهله. وأضاف انه من غير المقبول عند الحديث عن الفساد التشكيك في جميع مؤسسات الدولة فهناك ملفات نظرت فيها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لكنها لا ترتقي لدرجة الإحالة على القضاء، وتحدث العماري عن حماية المبلغين وقال إنها هامة جدا. واستفسر عن مقدار المنحة التي تحصل عليها الهيئة الوطنية حاليا مقارنة بالسابق وبين انه من المهم الحديث عن هذه النقطة لأن الحكومة دعمت الهيئة وبذلت جهودا في الحرب على الفساد وطالب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بتشريك المنظمات الشبابية في عملية ارساء ثقافة مكافحة الفساد. تغيير المنظومة سهيل العلويني النائب عن الحرة لحركة مشروع تونس يرى أن هيئة مكافحة الفساد تحرث في البحر لأن هناك شيئا أساسيا لم يقع تغييره إلى الآن رغم حصول ثورة وهو المنظومة السابقة، فهذه المنظومة على حد تأكيده هي التي تسهل الفساد بل أوجدت لهذا الغرض. وقال العلويني إنه من الضروري وضع ادلة اجراءات واضحة لكل ادارة.. واعتبر أن مسؤولية التقصير في مكافحة الفساد الاداري تعود الى السياسيين، لأن الارادة السياسية الحقيقة لمقامة الفساد غير موجودة. ودعا النائب أعضاء اللجنة الى متابعة مدى تنفيذ كل القوانين التي تم اصدارها في إطار مكافحة الفساد لتبين هل تم اصدار الاوامر التطبيقية. وتحدث عن قانون حماية المبلغين ونبه الى أن هناك من المبلغين من خسروا مناصبهم بسبب التبليغ عن ملفات الفساد على غرار ما حصل في الخطوط التونسية السريعة التي تعتبر على حد تأكيده مكمنا للفساد. تصفية حسابات الجيلاني الهمامي النائب عن الجبهة الشعبية قال إن الحديث عن الفساد ومكامنه ومخاطره أصبح يدور بحرية وهذا مكسب من مكاسب الثورة، لكن للأسف الشديد اقتصر الأمر على مجرد التعبير وهناك عائقان يحولان دون مكافحة الفساد يتمثل العائق الاول في السلطة التنفيذية والعائق الثاني في القضاء فكلاهما يعمل بمنطق أنت قل ما تشاء وأنا أفعل ما أريد.. وقال الهمامي إن الحملة التي أطلقها رئيس الحكومة على الفساد هي حق أريد به باطل، لأن غايتها ليست مكافحة الفساد بل جاءت في إطار صراع سياسي من أجل الحكم وجاءت لتصفية حسابات سياسية، وبين أنه من غير المعقول ان نجد في الهيئة التي تم بعثها في رئاسة الحكومة لمقاومة الفساد من غير المعقول مثلا وزير حقوق الإنسان مهدي بن غربية.. كما أن القضاء على حد قول الهمامي متورط في الفساد وهناك ملفات فساد ضاعت وهي بين أيدي القضاء.. وأشار إلى أنه ليس كل من يدعي مقاومة الفساد نزيه، فهناك مدير ديوان وزارة عندما يسمعه أحد وهو يتكلم يقول إن هذا الرجل ملاك، لكنه مرتبط بشبكة فساد في قطاع الضمان الاجتماعي بل يدير شبكة فساد رهيبة.. وتحدث الهمامي عن حماية المبلغين عن الفساد، وقال إن هناك مبلغين عن ملف فساد في مستشفى الحروق البليغة في بن عروس تعرضوا الى الهرسلة وتم تجريدهم من الامتيازات. أما سعاد الزوالي النائبة عن الوطنية فطالبت بإعادة النظر في تركيبة مجالس الادارة في المؤسسات والمنشآت العمومية وبتفعيل الرقابة الداخلية من خلال حماية اعوان الرقابة، ودعت الى وضع أدلة الاجراءات حتى يعرف المواطن الوثائق المطلوبة منه ويجب أن تكون هذه الادلة في اطار برنامج الادارة الرقمية وقالت انه بقدر التقليص من التعاملات المباشرة بين الموظف والمواطن بقدر ما تكون امكانية ارتكاب رشوة أقل. كما اقترحت الزوالي ادراج أسماء المزودين المخالفين في قائمة سوداء ومراجعة الأمر المنظم للصفقات العمومية وإعادة النظر في تركيبة اللجنة العليا للصفقات وتفعيلها. وشددت على وجوب اصلاح الادارة لان سد ابواب الفساد على حد رأيها لا يكون الا بإصلاح الادارة. فساد الضمير قالت جميلة الكسيكسي النائبة عن النهضة ان هناك بنجا فاسدا ولوالب قلبية فاسدة ولحوما فاسدة وتلاعبا بالأدوية وهذا يدل على ان الفساد اليوم لم يعد يقتصر على سرقة المال العام بل نحن حيال فساد قاتل وفساد بشع وفساد ضمير ورغبة في ربح شيء من المال هناك من هو مستعد لقتل الناس وهذا خطير جدا. وذكرت أنها تعول على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لكي تتصدى لظاهرة الفساد التي تنخر البلاد وتنغص حياة التونسيين وعبرت عن احترازها على الحرب التي شنتها الحكومة على الفساد وذلك لان هناك عملية تهميش ممنهجة لهياكل الرقابة ونظرا لعدم تمكين القضاء من اليات الاصلاح. وتساءلت اين الهيئة من الخمسين بالمائة من الاقتصاد الموازي ودعتها الى خوض معركة ضد التهريب. وبينت ان اجهزة الامن في السابق كانت تعرف حتى ما يدور في رأس المواطن من أفكار فلماذا لا تعرف اليوم المهربين وأباطرة الفساد في تونس ولماذا يعيش هؤلاء أحرارا يرتعون ويجدون تسهيلات . وتساءلت هل تم تقييم عمل الهياكل الرقابية وهل ان الاكثار من المؤسسات الرقابية سيمكن من مقاومة الفساد أم ان هذا التشتت لا يساعد على مكافحة الفساد. ولاحظت الكسيكسي أن هناك فسادا مقننا ومن الضروري تنقيح التشريعات التي تساعد على هذا الفساد. وبينت النائبة عن نفس الكتلة يمينة الزغلامي ان الفساد منظومة ولا يمكن مكافحته إلا بمنظومة وتحدثت عن الفساد في المناظرات، وهو نفس ما أثارته جميلة الجويني النائبة عن نفس الكتلة وقالت ان ابن عامل في قطاع التربية عندما يتقدم الى مناظرة ويحصل على خمسين نقطة ينجح لكن من يحصل على خمسة وسبعين نقطة لا ينجح لأن والده لا ينتمي الى قطاع التربية وبينت ان المنظمات معنية بهذا الامر ويجب ان تكون شريكة في مقاومة الفساد. وأضافت انها لا تريد ان تكون حملة مكافحة الفساد حملة استعراضية بل يجب على الحكومة أن تتعاون مع الهيئة الوطنية ويجب مكافحة الفساد الصغير الذي ينخر مؤسسات الدولة مثل المستشفيات، وقالت ان هناك في الأحزاب السياسية من يتسترون على الفساد وهناك من يمارسونه وهناك من يدعمونه بالصمت.