عائلة قفصة تحترق بالتماس كهربائي و»تُحرق» بالإهمال.. تدخل لفائدة شقيق مرام.. ووالدها في حالة حرجة ينتظر إنقاذه.. 20 سريرا فقط للحروق البليغة على كامل تراب الجمهورية فارقت طفلة السنتين مرام خالد الحياة أمس على الساعة الرابعة صباحا بأحد المصحات الخاصة بالمنستير، متأثرة بحروقها التي صنفت أنها من الدرجة الثالثة. «مرام» التي تقطن باحد احياء مدينة قفصة كانت قد تعرضت وعائلتها أمها وأباها وأخاها مصطفى إلى الاحتراق داخل منزلهم عشية الأحد الفارط على خلفية التماس كهربائي أدى الى إتلاف شبه كامل للبيت. حضرت الحماية المدنية متأخرة نسبيا ونقلت العائلة الى المستشفى الجهوي الحسين بوزيان في حدود الساعة السابعة والنصف مساء، لكن للأسف هناك ايضا عجزت التجهيزات والمعدات رغم الجهود المبذولة من قبل الإطار الطبي وشبه الطبي على تقديم الإسعافات والتخفيف من أوجاع العائلة.. ورفض في نفس الوقت مستشفى الحروق البليغة ببن عروس (مستشفى الاختصاص الوحيد في الجمهورية التونسية) استقبال ايا من الحالات الثلاث الأب والابن ( 3 سنوات ) والبنت (سنتان) على اختلاف حالاتهم الاستعجالية.. فلم يكن لهم سرير شاغر. الام تواصلت إلى حدود الساعة الرابعة صباحا من يوم الاثنين حسب ما أفاد «الصباح» (عم مرام) توفيق خالد فحتى المستشفيات العمومية الجامعية بصفاقس وسوسة والمنستير وتونس العاصمة والتي يفترض ان تكون في مستوى خدماتي صحي أفضل من مستشفى ولاية قفصة فقد اوضحت انها غير قادرة على استقبال أيا من المصابين نظرا الى انها لا تمتلك الاختصاص (حروق بليغة لدى الاطفال) ولا يمكنها ان توفر ما تتطلبه الحالات من عناية... وضع اضطر العائلة إلى نقل مرام (الحالة الأخطر) إلى مستشفى خاص بالمنستير اشترط 5 آلاف دينار كضمان من اجل قبولها.. لكن 9 ساعات من الانتظار كان لها الأثر البليغ على حالة الطفلة مرام حيث فقدت القدرة على تحريك إحدى يديها وساقها وتركت الحروق اثارا على الكبد والرئتين وحتى مع وصولها للمصحة الخاصة لم تنجح التدخلات لانقاذها. اما بالنسبة لأخيها مصطفى والذي كان في حال أفضل بقليل من أخته فقد تم الابقاء عليه في المستشفى الجهوي بقفصة إلى حدود عشية اول امس في انتظار شغور مكان بالمستشفيات العمومية الاخرى دون جدوى الامر الذي دفع بوالي الجهة للتدخل وقام بإدخاله لمستشفى خاص بصفاقس تكفلت الولاية بشيك الضمان وحسب ما تحصلت عليه «الصباح» من المعلومات من عمه جمال خالد الذي رافقه الى هناك فقد اجريت عليه عملية جراحية تم خلالها التدخل على مستوى يديه لتفادي بترها.. وهو الان في حالة مستقرة. اما الاشكال فمازال الى حد كتابة هذه الاسطر مطروحا مع وضعية الاب الذي اجريت له تدخلات طبية على مستوى المستشفى الجهوي بقفصة حسين بوزيان ويبدو ان حالته تزداد سوء مع الوقت وهي الى حد الان مازالت مرتبطة بشغور سرير بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس او احد أقسام المستشفيات الاكثر تطورا. «مأساة حقيقية» عاشتها كل العائلة خلال ال48 ساعات الأخيرة كما أفاد العمان توفيق وجمال خالد «الصباح»، خلفت الاما وشعورا كبيرا بالغبن لدى المنطقة برمتها.. وأكدت حسب رأيهما «ان المواطن في ولايات الداخل ليس له اي قيمة بالمرة وان طفلا يتعرض لحادثة حرق ( او غيرها) في ولاية قفصة هو مرجح للموت لا للعلاج.. كما ان الحديث عن العدالة الاجتماعية والحق في الصحة والعلاج تقف حدوده عند ولايات وتستثنى منه أخرى..» وفي اطار التوضيح اتصلت «الصباح» بالمدير الجهوي للصحة ببن عروس فتحى الصواب، الذي اوضح ان على كامل تراب الجمهورية يوجد 20 سريرا فقط في قسم الانعاش موجهة للبليغ فيما يتعلق بالحروق البليغة بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس لا تشمل الاطفال.. واشار الى انه في الغالب في حال تسجيل حالة حرجة في احدى الجهات وأمام النقص في طاقة الاستيعاب بمستشفى بن عروس يقع الابقاء على المصاب داخل قسم الإنعاش في المستشفى الجهوي الذي يتبعه ترابيا الى غاية شغور سرير يتم على إثره استقباله ببن عروس. وبين ان حالة مرام كان من المفروض ان توجه الى مستشفى الاطفال بباب سعدون الا انه ليس به قسم خاص بالحروق لدى الاطفال واشار في نفس السياق ان من المشاريع المبرمجة داخل وزارة الصحة بناء مستشفى جديد للحروق البليغة يحتوى على قسم موجه للأطفال.. ومن المفروض ان يكون مكانه في احدى ولايات الوسط او الجنوب مواعيد انجازه غير واضحة بعد. وما يجدر التنصيص عليه هو ان عائلة الطفلة مرام بينت ان حالة الإهمال وغياب النظافة التي كان عليها قسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بقفصة جعلته غير قادر على توفير الرعاية اللازمة لابنتهم. وللحصول على رد الإدارة الجهوية للصحة اتصلت «الصباح» بالمدير الجهوي سليم بن سالم غير انها لم توفق في الحصول عليه نظرا الى انه على ما يبدو كان في اجتماع المديرين الجهويين للصحة بتونس العاصمة.