كان من بين ضيوف مهرجان مدن الحوض المنجمي بولاية قفصة، الأديب المغربي محمد العرجوني وتتنزل زيارته إلى تونس في اطار اللقاءات الخاصة بأدب المناجم والشراكة بين الندوات التي تقام في مدن الحوض المنجمي التونسي أو في جرادة مدينة الفحم الحجري في المغرب والتي سبق ان اقامت النسخة الثانية من مهرجانها وشارك فيه كتاب وشعراء المناجم من تونس.. كما جاء الشاعر محمد جرادي للاشتغال مع منظمي المهرجان الحوض المنجمي والتفكير في عقد لقاء متوسطي تشارك فيه كل الدول المنجمية المتوسطية وسيكون التحضير لهذا الملتقى تونسيا جزائريا مغربيا. يكتب محمد جرادي باللغتين العربية والفرنسية ولكن اغلب منشوراته باللغة الفرنسية وقد تمت ترجمتها إلى اللغة العربية مثل رواية AMPHION MATRICULE 4892 امفيون الرقم المهني 4892سنة 2009 . وNARCISSE DES EAUX USEES» ورواية « L'INCUBE»وغيرها وله دواوين شعرية جماعية مع شعراء تونسيين ومغاربة نشر بعضها في تونس مثل ديوان «مراتيج باب بحر» و»سماء تظللنا» الذي نشر بوجدة وديوان «انداء نينيسان» كما له عدة ترجمات من بينها ديوان الشاعر التونسي المقيم في فرنسا محمد النجار بعنوان «فواكه» وقد صدر عن دار «لارماطون» كما ترجم محمد العرجوني ديوان «القهقهات «للشاعر المغربي سامح دويشي وكذلك روايات « ألواح خنسائية» ثم رواية «أطفال الليل» لمعمر بختاوي كما ترجم «كيف أصبح الأدب مهددا» لتورودوف في نشرة الكترونية وقريبا تصدر له ترجمة ل»مفتاح الشعر» للكاتب الفرنسي جان بولهان.»الصباح» التقته في مدينة قفصة وتحدثت معه عن الرواية المنجمية في المغرب ووجه الشبه بينها وبين مثيلتها في تونس وعن خصوصيات الرواية المنجمية بصفة عامة فكان اللقاء التالي: * أي خصوصية للرواية المنجمية مقارنة بالروايات الأخرى؟ - انا شخصيا اعتبر ان خصوصيتها تتمثل في الموضوع فقط لأنها رواية تهتم بنضالات وآلام عمال المناجم ونتحدث عنها مثلما نتحدث عن ادب الصحراء وادب البحارة والخصوصية تكمن فقط في القيمة وقد تكون هنالك خصوصية فنية . * بمن تأثرت في كتابة الرواية المنجمية وأي مستقبل لهذا النوع من الرواية؟ -اول من تأثرت به هو الكاتب الفرنسي ايميل زولا كاتب رواية «جرمينال» والكاتب الألماني نوفاليس، اما بالنسبة لمستقبل الرواية المنجية فأرى ان هذا النوع من الكتابة يخصنا نحن المغاربيين لان الاشتغال بالأنفاق والآبار هو مسالة جديدة عندنا بدأت تقريبا في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين ونحن نعلم ان عمال المناجم اغلبهم أميون نحن حاليا نكتب ونعبر عن الآلام والمآسي وما تعرض له آباؤنا من معاناة واضطهاد ومادامت هنالك طبقة عاملة مازالت هنالك إمكانية الكتابة والإبداع. وانا اكتب عما عانيته وعانته عائلتي وكل الآباء الذين اشتغلوا في الانفاق في ظروف صعبة وخطيرة مقابل اجور زهيدة. * تطورت الكتابة عن المنجمي في تونس من مرحلة ذاك البطل المهزوم والخائف الى الثائر الذي غير وضع البلاد ففي أي مرحلة انتم في المغرب في الكتابة عن المنجميين؟ - حينما يكون المنجمي واعيا بظروفه الاجتماعية ويؤطر من طرف النقابات ذلك التأطير يؤدي الى العمل السياسي وعندها نتحدث عن المعارضة للسلطة ثم يأتي دور السياسي ومن بين العمال من وصل الى قبة البرلمان في المغرب ضمن أحزاب معارضة واصبح يعبر عن أوضاع العمال كما هو الشأن بالنسبة للنقابي والعمل النقابي الذي يؤدي إلى التفاوض والحوار. * انت كتبت أنواعا من الرواية فكيف ترى تقبل السلطة والقارئ العادي للرواية المنجمية؟ -بالنسبة للقارئ هنالك تفاعل اكيد والدليل على ذلك هو ان روايتي طبعت مرتين في وقت قياسي وترجمت الى اللغة العربية اما بالنسبة للسلطة فأكيد انه يوجد من لا يحبذ ذلك ويريد ان يطمس التاريخ خاصة وان منجم جرادة اغلق وهنالك محاولة لطمس الذاكرة ونحن نحاول ان نحافظ عليها من خلال كتاباتنا والندوة التي ننظمها سنويا خاصة وان المشاكل التي تتحدث عن الاشتغال في آبار الفحم مازالت قائمة مثل أمراض «سليكوز» وهو مرض مزمن وفتاك لا يوجد له دواء والأرامل اللاتي فقدن أزواجهن والامهات اللاتي فقدن ابناءهن مازلن تعانين وهذه الكتابات تعبر عن معاناتهن التي مازالت قائمة الى يومنا هذا وهي في النهاية نضال من نوع آخر بالكتابة والفن والمسرح وكل ما يتعلق بالثقافة لهذا انا أقول دائما يا كتاب المناجم اتحدوا. * متى بدأت الكتابة عن معاناة المنجميين؟ -اود ان الاحظ هنا ان الكتابات غالبا ما تبقى خارج الانفاق وقليلة هي الكتابات إلى الإنفاق.. الكتابة يجب أن تكون قريبة من العامل وهذا يجعل من الضروري ان يكون العامل من الكتاب ونحن ننتظر هذا من أبناء عمال المناجم للحديث عما يجري في الانفاق وانا حاولت ان أكون الى جانبهم وقبل ان اكتب دخلت الى الانفاق عندما كان عمال منجم الفحم الحجري في اضراب لمدة شهر كامل في ستينات القرن الماضي وكتبت رواية صدرت على حلقات في جريدة «ليبيراسيون» الفرنسية سنة 1989على حلقات ثم جمعتها وصدرت كرواية سنة 2009 . * لم توافق المحاضر محمد الهادي الزعبوطي الذي قدم دراسة حول الثابت والمتحول في الرواية المنجمية رواية الحوت البري للكاتب المغربي الدكتور السهلي عويشيا نموذجا حين قال أن الرواية المنجمية المغربية حديثة العهد وأنها بدأت تقريبا سنة 1993. - الرواية المنجمية في المغرب بدأت قبل ذلك بكثير فقد كتب سعيد اوبريك رواية «شقائق النعمان الشرقية» في أواسط السبعينات باللغة الفرنسية وقد ترجمتها الى اللغة العربية وهو مهندس وهذا يعني ان ملاحظة الدارس التونسي في غير محلها وان الرواية المنجمية المغربية ليست حديثة العهد وانها جاءت بعد الرواية التونسية .