بمناسبة انتظام الدورة الواحدة والعشرين لمهرجان مرآة الوسط الثقافي والأدبي نظمت مجلة مرآة الوسط مائدة مستديرة حول موضوع «الترجمة رهان حضاري» وشارك في هذا الحوار الذي دار في إطار هذه المائدة عدد من الكتاب والباحثين في موضوع اللغة... وفي ما يلي نقل لما دار في هذه المائدة من آراء ومقترحات: محمود الحرشاني أود في البداية أن أرحب بكم جميعا، وأشكركم على تلبية الدعوة للمشاركة في هذا المجلس الأدبي الذي نتناول فيه موضوعا هاما وهو موضوع الترجمة رهان حضاري. وكما تعلمون فقد اختارت تونس أن تكون سنة 2008 سنة وطنية للترجمة لذلك نريد أن نتناول في هذا المجلس، هذا الموضوع من جوانبه المختلفة ما هي أهمية الترجمة، ما هي إشكاليات الترجمة. بأي لغة نترجم، وما هي أولويات الترجمة، هي ذي بعض الأسئلة التي نود أن نتناولها ومع تجديد شكري لكم جميعا على الاستجابة، أحيل لكم الكلمة لتناول هذا الموضوع. التهامي الهاني اعتقد أن أهمية موضوع الترجمة لا تخفى على احد فهي وسيلة لنقل ثقافتنا إلى الآخر بلغته، ولا يمكن أن تكون الترجمة ذات أهمية إلا إذا كانت في الاتجاهين من العربية إلى اللغات الأجنبية ومن اللغات الأجنبية إلى العربية وأرى أن جهود الترجمة لا يجب أن تقتصر على المصنفات الأدبية فقط، بل يجب أن تتعهداها إلى المراجع والكتب العلمية وكتاب الطفل. محفوظ الزعيبي نبارك إقرار سنة 2008 سنة وطنية للترجمة بعد سنة ابن خلدون وسنة الكتاب... وتخصيص سنة وطنية للترجمة معناه اهتمام تونس بهذه المسألة الحضارية التي قامت عليها حضارة الشعوب والعرب هم صناع حضارة ولابد أن نهتم بترجمة آثارنا الأدبية والعلمية بلغات مختلفة، كالصينية مثلا والانقليزية فضلا عن الفرنسية.إن بعث مركز وطني للترجمة هو قرار هام ويجب أن يواكبه حرص على ترجمة أكثر ما يمكن من الكتب التونسية. وأشاطر رأي صديقي الأستاذ التهامي الهاني في دعوته إلى أن تكون الترجمة في الاتجاهين، نحن ننشد العالمية انطلاقا من الأدب التونسي، ولا يمكن أن يتحقق ذلك للأدب التونسي إلا متى كان ملتصقا ببيئته وبواقعه التونسي، وروائع نجيب محفوظ خير دليل على ذلك. محمود الحرشاني شكرا أخي محفوظ على هذا الطرح، وأرى أنه في الأدب التونسي قديما وحديثا هناك الكثير من الآثار التي تستحق أن يقرأها الآخر بلغته، أي بلغة أجنبية كالفرنسية والايطالية والصينية، فرواية البشير خريف الدقلة في عراجينها وعبد القادر بن الحاج نصر الزيتون لا يموت وقنيدل باب المدينة وساحة الطرميل وروايتك أنت سي محفوظ رياح باب الجبلي كلها أثار أدبية رائعة تعكس واقع المجتمع التونسي وأصالته، وتستحق أن تترجم إلى لغات أخرى، فضلا عن أعمال أخرى في القصة والرواية والأبحاث العلمية والكتب والمراجع التاريخية. الأمين بوعزيزي – أستاذ جامعي وباحث في التراث شكرا سي محمود على إتاحة الفرصة والتفكير في تنظيم هذه الندوة الهامة حول الترجمة وأرى فعلا أن الترجمة هي رهان حضاري والترجمة في معناها العام تشمل ترجمة آثارنا إلى اللغات الأخرى. وأتساءل لماذا تم الإعلان عن ترجمة 50 كتاب فقط في السنة الوطنية للترجمة لأني اعتبر أن هذا العدد غير كاف ولا يعكس طموحنا في إقرار سنة 2008 سنة وطنية للترجمة كنا نود أن يتم الإعلان عن ترجمة ألف كتاب مثلا، لا 50 كتاب فقط... ببعض الدول أنهت ترجمة ألف كتاب في مرحلة أولى وبدأت في برنامج لترجمة ألف كتاب أخرى... تم أتساءل عن مدى حضور الكتب العلمية في هذه المختارات أي كتاب نترجم إلى الآخر، هل نترجم الكتب البسيطة التي لا تحمل حقيقة الفكر التونسي. التهامي الهاني اسمح لي سي محمود، بتدخل بسيط، أنا أرى أن المسألة عميقة جدا، ومن يعود إلى الكتب التونسية الصادرة قديما وحديثا سيجد الآف العناوين التي تستحق أن نترجمها إلى لغات أخرى. أنا أدعو إلى أن يكون هناك اختيار موضوعي في ضبط قائمة الكتب التي ستتكفل الدولة بترجمتها من طرف المركز الوطني للترجمة. محمد الصغير الجلالي – أستاذ عربية وباحث الترجمة هي مسألة حضارية واربطها شخصيا باختيارات الدولة الرسمية، لأن الدولة هي الوحيدة بما لها من إمكانيات القادرة على القيام بمجهود كبير في هذا المجال، وأنا اربط المسألة بمسألة التعليم، واعتقد انه لا يمكن لأمة أن نتقدم خارج لغتها ونحن اليوم لدينا جيل من التلاميذ لا يحسن الكتابة بالعربية ولا بالفرنسية ولا بالإنقليزية. وهي مسألة جوهرية وخطيرة وانتظر إلى ما يكتبه أبناؤهم ستقفون على هذه الحقيقة... كيف نتحدث عن الترجمة ونحن لدينا جيل لا يحسن كتابة نص سليم وهو في مستوى البكالوريا. الأمين بوعزيزي أود أن أصيف رأيا آخر، لا يجب أن تكون الأعمال التي ستحضى بالترجمة هي من باب التسويق السياسي... فاعتقد أن هذه المهمة ليست من مشمولات المركز الوطني للترجمة، الذي يجب عليه أن يترجم أروع ما أبدع الكتاب التونسيون والفكر الثوري عامة من أعمال خالدة. كذلك عندي ملاحظة أخرى تخص لغة الصحافة. نحن نلاحظ جميعا أن محتوى ومستوى الصحافة المكتوبة باللغة الفرنسية هو أرقى بكثير من مستوى الصحافة المكتوبة باللغة العربية. لماذا هذا التباين؟ لماذا لا تكون هناك سياسة واضحة لترجمة أطروحات تونسية... ثم لماذا تحديد المسألة بخمسين كتابا فقط... محمد الصغير الجلالي إن تحديد عدد الكتب التي سيتم ترجمتها بخمسين كتابا يحد من البعد الضاري لإقرار سنة 2008 سنة وطنية للترجمة، كما انه علينا أن نشجع الخواص والكتاب على ترجمة كتبهم إلى لغات أخرى. محمود الحرشاني شكرا سي محمد الصغير، وأود أن أضيف شخصيا مقترحا في هذا الاتجاه، وهو أن تتولى وزارة الثقافة والمحافظة على التراث أو أي جهة أخرى إسناد منحة للترجمة، تسند إلى كل كاتب تونسي يعبر عن رغبته في ترجمة كتابه إلى لغة أخرى. رياض العيفي، شاعر شاب أنا شخصيا أستمتعت وأنا استمع إلى الأساتذة يتناولون هذا الموضوع، واشكر مرآة الوسط على تنظيمها لهذا المجلس حول الترجمة، لماذا لا تكون لنا مجلة أو أي قناة إعلامية متخصصة في الترجمة... تقدم لنا روائع الأدب العالمي مترجمة إلى اللغة العربية، وتقدم في كل عدد مختارات من الأدب التونسي باللغات الأخرى، بعث مجلة متخصصة في ترجمة أعمال تونسية إلى لغات أخرى، أراه أمرا هاما ومتأكدا. محمود الحرشاني بودي أن نتناول أيضا موضوع إشكاليات الترجمة، ماذا نترجم للآخر؟ التهامي الهاني أنا أرى أن المسألة تحتاج إلى جهد وطني، أي أن على وزارة الثقافة والمحافظة على التراث أن تشجع الكتاب التونسيين على ترجمة أعمالهم إلى لغات أخرى وذلك بتقديم منح ومساعدات على الترجمة، على أن تتكفل الوزارة بترجمة ما تراه يعكس البعد الوطني في المسألة. محفوظ الزعيبي أنا أدعو إلى حركة نقدية متأصلة تواكب هذه الرغبة في ترجمة أعمالنا إلى لغات أخرى، نحن بحاجة إلى حركة نقدية أصيلة لا مجال فيها للولاءات والمجاملات حتى نتقدم بأدبنا، وبعد ذلك تأتي الترجمة. الأمين البوعزيزي أي كتاب نترجمه إلى الآخر؟ هل نترجم دواوين شعرية مليئة بالأخطاء اللغوية والتركيب السقم، هل نترجم روايات كتبها أصحابها وهي ليست بروايات... ماذا نترجم... هذا هو السؤال؟ التهامي الهاني في انقلترا الموسوعة البريطانية تراجع كل عشر سنوات، هل نراجع ما نكتب؟ محمود الحرشاني ملاحظة سي التهامي هامة، على أساس أن اللغة هي كائن حي، وهي تتطور باستمرار وبعض كتبنا مكتوبة بلغة محنطة لم يعد يفهمها حتى الكبار فما بالك بالشباب. محمد الصغير جلالي أعود إلى التأكيد على مسألة التعليم وربطه بمحور الثقافة العامة، لابد أن نهتم كثيرا بتحسين المستوى المعرفي لتلاميذنا... انه من المخجل أن نجد من بين أبنائنا من لا يحسن قراءة نص غير مشكول، أو هو قادر على كتابة نص سليم سواء بالعربية أو بالفرنسية. محمود الحرشاني شكرا لكل الأصدقاء الذين ساهموا في هذه المائدة التي تناولت فيها موضوعا هاما وحساسا، وهو موضوع الترجمة رهان حضاري، مواكبة لاختيار بلادنا سنة 2008 سنة وطنية للترجمة، وأعتقد أن ما ورد في تدخلاتكم من آراء جريئة بإمكانها أن تتقدم بالمسألة.. وسنواصل تنظيم موائد مستديرة في مواضيع أخرى في مواعيد قادمة.