كثيرة هي الامنيات ونحن نستعد لتوديع سنة واستقبال أخرى، وهي أمنيات قد تتجاوز حدود هذا الوطن، الصغير في حجمه الجغرافي، الكبير في موقعه وتطلعات وأحلام أبنائه، ولكنها تظل جزءا لا يتجزأ منه.. طبعا هناك من الامنيات ما لا يمكن أن يكون له صدى وغير قابل للتحقيق والتجسيد في عالم محكوم بالتناقضات والنفاق السياسي ولكن هناك من الامنيات ما هو قابل للتحقيق لو توفرت الارادة السياسية المطلوبة لتخرج من السر الى العلن وتتحول الى هدف استراتيجي... نعم في البال أمنية هي بحجم كل الامنيات لأنها تختزل خلاص المنطقة العربية وخلاص شعوبها من الخراب والدمار الذي يرافقها دون مؤشرات على قرب نهايتها حتى الان.. في البال أمنية لو تحققت فقد تستعيد معها شعوب المنطقة بعض عافيتها المفقودة ويعود اليها الامل لإعادة الاعمار والبناء ونشر السلام.. في البال أمنية بحجم الامنيات وتحقيقها ليس بالأمر المستحيل وان كان يستوجب بعض الجرأة والشجاعة التي ميزت قادة عرب حملوا هموم الاوطان في عقولهم وقلوبهم ورفضوا الانجرار في صراعات وحروب طائفية مدمرة تستنزف الشعوب وتضعف الاوطان ولكنها تملا خزائن اصحاب مصانع السلاح ومختبرات الدمار... في البال امنية تتلخص في كلمة كم نتمنى على الحكام العرب أن يتوقفوا عندها... اوقفوا الحرب بل اوقفوا كل الحروب كلمة انتظرنا ان نسمعها في الندوات واللقاءات والاجتماعات والقمم الطارئة والعادية.. اوقفوا الحرب في اليمن، اوقفوا الحرب في سوريا، اوقفوا الحرب في العراق، اوقفوا كل الحروب التي توشك ان تجرف الجميع الى المجهول.. في اليمن يموت طفل كل عشر دقائق ومن لا يموت جوعا مات بسبب الكوليرا او بسبب الرصاص او بسبب القصف وفي ذلك استخفاف بالشعب اليمني ولكن ايضا اهانة لكل الاطراف التي ساعدت في تحويل هذا البلد الى ساحة مفتوحة للقتال.. موت او اغتيال الرئيس المخلوع عبد الله صالح لا يبدو انه ساعد في تهدئة الاوضاع او دفعها خطوة باتجاه سلام يتلاشى كل يوم أكثر في بلد تحول كل شبر فيه الى ركام قد لا تكفي سنوات الاستقلال التي عرفها اليمن في اعادة بناءه واعماره... نحو ألف يوم من القتال في اليمن أنهك البلاد والعباد وقد آن الاوان للخروج من دائرة الهروب الى الامام وفرض خطة للسلام في هذا البلد... خروج اليمن من دائرة العنف اليومي من شأنه ان يدفع الى مضاعفة الجهود لتفعيل الحل السياسي في سوريا وتجنيب المنطقة مزيد الويلات... طبعا لسنا واهمين وندرك جيدا ان وقف الحرب أصعب وأعقد من اعلانها وقد اكدت مختلف التجارب ودروس التاريخ أن الهدم دوما أسهل وأسرع من البناء والاعمار... لا شيء اليوم يمكن ان يغير المشهد أو يعزز موقع المعركة العربية الديبلوماسية الدولية الخطيرة القادمة من أجل القدس غير التعجيل بتقييم الوضع الراهن واعادة تثبيت البوصلة باتجاه وقف النزيف وتحرير العقول والانتباه لحجم الخطر الحقيقي الذي يستهدف الامم والشعوب العربية وانقاذ الاجيال القادمة من هلاك وانقراض جماعي ان لم يكن بفعل القصف فبعل الجوع والمرض والاوبئة... في البال أمنية ان نستعيد الوعي المفقود وأن نقول كفى لكل الحروب ولكل المجازر ولكل التدمير الذي لم نعرف له مثيلا منذ عقود... في البال امنية كم نتمنى ان ترى النور حتى نستطيع ان نقول كل عام ونحن بخير وفي حل من كل الحروب والصراعات والدماء...