سنة 2018 لم تكن كغيرها من السنوات بالنسبة للاتحاد العام التونسي للشغل الذي شهد صعود قيادة جديدة في المكتب التنفيذي الوطني، ومقارنة بالسنوات السابقة تراجعت نسبة الاضرابات والاحتجاجات الصادرة عن المنظمة الشغيلة، الا أن التحركات الاجتماعية مازالت تراوح مكانها في المشهد العام خاصة في القطاعات المهترئة، والمناطق التي تشكو ضعفا في نسق التنمية وذلك رغم مرور أكثر من عام على انطلاق حكومة الوحدة الوطنية في تسيير شؤون البلاد، هذه الحكومة التي اتفقت حولها أغلبية من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الممضية على وثيقة قرطاج والتي أرادت من خلالها الأطراف المشاركة فيها الاتفاق حول صيغ محددة لحلحلة مختلف المشاكل الاجتماعية والتنموية. وبين التوافق الحاصل بين الموقعين على وثيقة قرطاج، وبين الأمر الواقع، بون شاسع وهوة سحيقة، تجلت من خلال ما عاشته البلاد من اضطرابات اجتماعية خلال سنة 2017 ، جعلت الحكومة تبحث عن توازنها وسط دوامة من الاحتجاجات، وكان للاتحاد العام التونسي للشغل دور الميسر والوسيط في تقريب وجهات النظر، ورغم أن المركزية النقابية استطاعت في وقت قياسي انهاء العديد من الأزمات في 2017 من خلال جملة من الاتفاقات مع سلطة الإشراف، إلا أنها اليوم وعلى أبواب عام الجديد تقف أمام جملة من التحديات أبرزها القدرة على احتواء التحركات الاحتجاجية المرتقبة. وتعليقا على موقف المنظمة الشغيلة من التحركات المنتظرة في 2018، قال الأمين العام المساعد بوعلي المباركي في تصريح ل»الصباح» أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيبقى دائما في صف المطالبين سلميا بالتنمية والتشغيل في أي مكان من تراب الجمهورية، على غرار ما حصل في 2017، خاصة وأن الاتحاد يتفهم جيدا المطالب الاجتماعية الملحة لفئات واسعة من الشعب التونسي التي ملّت الانتظار والوعود، وسلكت نهج الاحتجاج للتعبير عن غضبها أملا في تبليغ أصواتها إلى السلط الحاكمة، وردا على كل من يتهم الاتحاد بتأجيج الموقف والتحريض على التصعيد، أقول أن المنظمة ليست مسؤولة على جملة التراكمات الاجتماعية والاقتصادية، اضافة إلى المحتجين ليسوا بالضرورة منتمين إلى الاتحاد الذي لا يتحمل وزر بعض الانفلاتات الحاصلة في عدد من القطاعات الخارجة عن نطاقه، وبالرغم من ذلك فقد قمنا بالتدخل في العديد من المرات لإيجاد حلول للعديد من الملفات العالقة والتوسط بين الحكومة وبين المحتجين وانهاء الاحتقان في إطار الدور الوطني للمنظمة، وسنواصل الاضطلاع بدورنا الوطني كما جرت العادة، وفق قوله». وفي نفس السياق، اعتبر المباركي أن القول بسكوت الاتحاد العام التونسي للشغل على بعض الملفات الاجتماعية العالقة، هو قول مردود على مروجيه، لأن المركزية النقابية واضحة في تعاطيها مع مختلف القضايا الوطنية وخاصة المتعلقة بالتنمية والتشغيل ولا تقبل المساومة في ذلك تحت أي ظرف كان، لكن الوضع الذي تمر به البلاد في الوقت الراهن يستدعي من كل الأطراف التجند للخروج من المأزق خلال 2018 التي أعلنها الأمين العام نور الدين الطبوبي سنة اقلاع القطاعات العمومية (الصحة، والتعليم..)، وهو ما يتطلب التعقل والتفهم والبحث عن حلول جذرية بكل هدوء وعبر الحوار الجدي بعيدا عن التشنج والتعصب والعشوائية التي ترفضها المركزية رفضا قطعيا، على حد تعبيره.