ترسانة من الملفات الحارقة تطوق عنق المركزية النقابية و كل ملف يجذبها من جهة لتجد نفسها في أكثر من مناسبة عالقة في عنق الزجاجة ، في الوقت الذي توجه إليها عديد الانتقادات حول انحيازها في بعض الآونة عن دورها النقابي و خلطها كلا من النقابي والسياسي في إناء واحد من جهة ، و عن عدم انسجام قراراتها بتطلعات منظوريها من جهة أخرى .. ويرى متابعو الشأن السياسي أن الدور المتصاعد للمركزية النقابية، في إدارة شؤون البلاد، قد تجاوز الدور النقابي في الدفاع عن منظوريها من العمال إلى التدخل بقوة في الشأن السياسي ، وهو ما يظهَر بالخصوص في مواقف اتّحاد الشغل تجاه تركيبة الحكومة ومردوديتها وإصراره الملحّ على إجراء تحوير وزاري صلبها ، فضلا عن مواقف قيادات الاتحاد الراديكالية وتصريحاتهم المعادية لحكومة يوسف الشاهد والتي الغاية منها فقط ضربها، حسب تقديرهم. في المقابل، يفنّد اتّحاد الشغل ما وصفها ب"المزاعم" الموجهة إليه بكونه يمارس السياسة ، وقد عبر نور الدين الطبوبي الأمين العام لإتحاد العام التونسي للشغل ، الخميس خلال كلمة ألقاها في افتتاح أشغال مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل بقابس، عن استغرابه من توجيه أصابع الاتهام للمنظمة الشغيلة بأنه يمارس السياسة رغم انها ليست حزب سياسي. و تابع الطبوبي القول ، في السياق ذاته، : " لوحظ في المدة الأخيرة وجود تباين وهُوة شاسعة في كل الخيارات اليوم.. يقلك الإتحاد "ماو يشد بلاصتو هاو يعمل" في السياسية ونحن لسنا بحزب سياسي ولم ندخل بالمرة في أي مؤامرة منافسة انتخابية". كما أكّد الطبوبي أن الإتحاد يريد أن تكون هناك أحزاب ناضجة وهو أول من دعا للممارسة الديمقراطية لأن الممارسة الديمقراطية في الإتحاد هي خيار وقناعة، مُضيفا: "وما يميز اتحاد الشغل عن الاخرين هو أنه يقرّ بأخطائه ويتوافق ويختلف داخل مقراته ويتصارع من اجل المضامين ولكن نقول "هذا طريقنا" وما يميز الإتحاد كذلك أن شعاره وحدته الصماء في النضال". وفي سياق متصل ، لفت زعيم المركزية النقابية إلى أن : "الإتحاد بقطع النظر عن الممارسة الديمقراطية التي بداخله تميزه أيضا استقلالية قراره النقابي وهي قرارات تنبع من أطره ومؤسساته سواء كانت قطاعية أو جهوية أو وطنية ولكن الإتحاد يتقاطع مع كل من يتقاطع معه حسب الثوابت والمبادئ التي بنيت عليها هذه المنظمة "فمن يتقاطع معنا مرحبا به ومن يختلف معنا بقناعة نحترم رأيه كذلك" . كما لفت نورالدين الطبوبي إلى أن الاتحاد "ليس من المنافسين للأحزاب في الانتخابات لا التشريعية ولا الرئاسية وأنه عكس ذلك فان الأحزاب هي التي تتنافس حول خيارات وبرامج وتحترم ارادة الشعب في اختياراته وخياراته ولكن الأحزاب السياسية من واجبها ان تؤطر المجتمع وليس في كل الأزمات وفي كل التحركات الجهوية دائما وابدا "لحمتنا حلوة"، وفق تعبيره. وأوضح في هذا الصّدد "الإتحاد اتّهم بأنه "اتحاد الخراب" و"يحط في العصا في العجلة" في حين أن الإتحاد ليس كذلك بل هو قوة خير وبناء وقوة دفع الى الأمام ومع المواقف الإيجابية التي تبني وتؤسس لدولة مدنية ديمقراطية اجتماعية يطيب فيها العيش للجميع فكلنا تونسيون تجمعنا الرقعة الترابية". وتابع القول "اتحاد الشغل دعا الى حد أدنى من الإستقرار السياسي وإعطاء الثقة ولكن ليست الثقة المطلقة.. نحن رقيب نراقب و"نشوف" و"نميز" بين الحق والباطل وبين الإنسان الذي "تحدوه إرادة وطنية ولديه قدرة التحدي كي يقود البلاد في الإتجاه الإيجابي ويبعث الآمال الى الشعب من خلال الإنجازات ولكن عندما اكتشف الإتحاد أن العقول والأذهان شاردة وكذلك عندما قال الإتحاد أنه لا بد من ضخ دماء جديدة" وكأنه قال محرمات ولكن "القلتة مدردرة حشاكم سامحوني فيها ريحة خايبة" الناس الكل تتكلم في التراكن" ولكن الإتحاد لديه قدرة للتمييز وميزته أن صوته عال ويقول الحقيقة ولا يريد أن يكون شاهد زور ولن يستهدف أحدا ولكن الإتحاد شدد على ضرورة ضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة لأنه يعي ما يقول". ومن جهة أخرى، ذكّر الطبوبي أن الإتحاد قد اعتبر أن هذه الحكومة أصبحت "مفككة"، مُشيرا إلى أن "الملاسنات أصبحت بارزة للعيان أمام أنظار النقابيين في الجلسات".