بعد تهديده بالانسحاب من وثيقة قرطاج.. بان بالمكشوف "الدّور السّياسي" الذي بات يلعبه اتّحاد الشّغل! ترسانة من الملفات الحارقة تطوق عنق المركزية النقابية و كل ملف يجذبها من جهة لتجد نفسها في أكثر من مناسبة عالقة في عنق الزجاجة ، في الوقت الذي توجه إليها عديد الانتقادات حول انحيازها في بعض الآونة عن دورها النقابي و خلطها كلا من النقابي والسياسي في إناء واحد من جهة ، و عن عدم انسجام قراراتها بتطلعات منظوريها من جهة أخرى .. ويرى متابعو الشأن السياسي أن الدور المتصاعد للمركزية النقابية، في إدارة شؤون البلاد، قد تجاوز الدور النقابي في الدفاع عن منظوريها من العمال إلى التدخل بقوة في الشأن السياسي ، وهو ما يظهَر بالخصوص في مواقف اتّحاد الشغل تجاه تركيبة الحكومة ومردوديتها وإصراره الملحّ على إجراء تحوير وزاري صلبها ، فضلا عن مواقف قيادات الاتحاد وتصريحاتهم المعادية لحكومة يوسف الشاهد والتي الغاية منها فقط ضربها، حسب تقديرهم، وهو ما فنّدته قيادات اتحاد الشغل ووصفته ب"المزاعم" الموجهة ضده. ولئن اجتمعت جلّ تصريحات قيادات اتّحاد الشغل حول كون الاتّحاد بمنأى عن السياسة، فإن مواقفهم تثبت عكس ذلك. ولعلّ تمسّك المركزية النقابية بمسألة "ضخ دماء جديدة " في الحكومة، بما معناه إجراء تحوير وزاري كلّي خير دليل على ذلك. وتصرّ المنظمة الشغيلة على ضرورة تغيير الحكومة ، وقد أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي، أن المنظمة الشغيلة متمسكة بإدخال تحوير كبير وعميق صلب الحكومة وتكون مصغرة ومنسجمة تضم كفاءات لانجاز أولويات وثيقة قرطاج . وأضاف المباركي، في تصريح إذاعي الاثنين 21 ماي الجاري، أنه في حال عدم التزام المشاركين في الوثيقة بهذه الخيارات فان الاتحاد غير ملزم بالبقاء ضمن الاتفاق، وفق تعبيره. وكانت المركزية النقابية قد دعت في أكثر من مناسبة الى إجراء تحوير وزاري، غير أنّ رئيس الحكومة يوسف الشاهد قال في تصريح اعلامي سابق إنّه لا وجود لتحوير وزاري ، مضيفا انّه من حق الشركاء في وثيقة قرطاج إبداء آرائهم لكن التحوير الوزاري من صلاحيات رئيس الحكومة وحده. ويعتبر اتحاد الشغل أن "الحكومة الحالية أخذت الوقت الكافي دون القيام بأي إصلاحات أو تحقيق الأولويات المطروحة في وثيقة قرطاج الأولى". وارتفعت وتيرة الخلافات بين حكومة يوسف الشاهد والاتحاد العام التونسي للشغل بعد أن كان أحد أبرز داعميها والمدافعين عنها. وفجرت الإصلاحات الاقتصادية التي يعتزم الشاهد إجراءها الخلافات بين الطرفين. وانتقدت عدة أطراف سياسية الدور المتصاعد للاتحاد العام التونسي للشغل في إدارة شؤون البلاد، منذ الثورة، حيث تجاوز دوره الاجتماعي في الدفاع عن منظوريه من العمال إلى التدخل بقوة في الشأن السياسي. و في خضم هذه المسألة، انتقد النائب في مجلس نواب الشعب عن حركة نداء تونس محمد الراشدي، الإثنين 21 ماي 2018، تعامل المنظمات الوطنية مع الوضع السياسي في البلاد ومع مسألة التحوير الوزاري ، في إشارة منه إلى تصاعد تدخّل اتحاد الشغل في الشأن السياسي. وقال محمد الراشدي إن منظمات وطنية تخلت عن دورها الموكول لها وتحولت إلى أحزاب سياسية. وتوجه الراشدي بكلامه للمنظمات الوطنية قائلا ‘إن كان هناك من يريد ان يشتغل في السياسة ويستغل انتمائه إلى منظمة فعليه أن يبعث حزبا'، وأضاف أنه يقصد بذلك الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. وتابع أنه حان الوقت إلى هدنة اجتماعية وكذلك سياسية معتبرا الوضع الذي تمر به تونس صعب باستثناء الوضع الأمني، مشددا على أن المؤشرات الإقتصادية مرعبة، داعيا إلى ترك الحكومة تشتغل.