في خضم الحديث عن معضلة ارتفاع الأسعار وتأثيرها في مزيد تدهور القدرة الشرائية للمواطن، توجهنا للخبير الاقتصادي والمالي عز الدين سعيدان بسؤال حول الظروف التي من الواجب توفرها والتي من خلالها يمكن خفض الأسعار. إلا أن محدثنا أكد أن «الأسعار لن تنخفض» ويعتبر الخبير الاقتصادي أنه يجب أن نكون واقعيين فلا يمكن أن تنخفض الأسعار، لأنه «من المستحيل أن ترتفع قيمة الدينار». إذ يوضح أن الأسعار ترتبط بقيمة الدينار، لأن هنالك عديد المواد المستوردة وعديد المواد التي تضم مكونات مستوردة وأسعارها لا يمكن أن تنخفض لأن قيمة الدينار لن ترتفع. انخفاض الدينار ومشكل المحروقات ويوضح محدثنا أن سعر الدينار يمكن أن يستقر ويرتفع بنسبة ضئيلة ولكنه يؤكد أن ذلك لا يعتبر ارتفاعا وإنما يصنفه الخبير الاقتصادي والمالي على أنه استقرار للدينار والسبب الثاني الذي يؤكد أن الأسعار لن تنخفض هو مشكلة المحروقات في تونس. ففي 2017 لم تنقب تونس على البترول، في حين أنه في السابق، كان يتم حفر ما بين 20 و25 بئرا في السنة. واليوم أصبحت الإجراءات أكثر تعقيدا لأن التنقيب على النفط لم يعد قرارا إداريا بل أصبحت سلطة القرار لدى مجلس نواب الشعب حسب الفصل عدد 13 من الدستور مما يطيل الإجراءات. ومشكل المحروقات يؤدي إلى ارتفاع كلفة المنتوج التونسي. وفي حال اتخاذ جملة من الإجراءات وتحسين مسألة التوزيع يمكن أن تنخفض أسعار الخضروات والغلال، ولكن عدا هذه المنتوجات فإن الأسعار لن تشهد انخفاضا. وأكد محدثنا أنه يجب أن نشتغل اليوم على التخفيض من نسبة التضخم لتصل إلى 3% في حين أن نسبة التضخم الحقيقي اليوم هي 10% . وإذا انخفض التضخم في حدود 1% أو 2% أو 3% في مقابل أن تقدر الزيادة في الدخل ب6% أو 7% ، فإن القدرة الشرائية تتحسن ولكن الأسعار لن تنخفض. الأجراء والعاطلون غير مستفيدين أصحاب الدخل القار من أجراء ومتقاعدين وكذلك العاطلون عن العمل.. «لا حول لهم ولا قوة أمام التضخم المالي»، على حد تعبير محدثنا. أما المستفيدون من التضخم المالي فهم أصحاب المهن الحرة والتجار والصناعيون لأنهم يحملون المستهلك الضرائب ويستبقون ذلك أيضا بالترفيع في هامش ربحهم على سبيل المثال لذلك نجد اليوم أسعارا ارتفعت ب10 و20% ، كما يوضح الخبير الاقتصادي والمالي في تصريحه ل»الصباح الأسبوعي». ويتابع محدثنا أن انخفاض الدينار يؤدي إلى ارتفاع ما يعرف بالتضخم المستورد، لذلك فإن من يكون جزء من دخله بالعملة الصعبة من المصدرين أو التونسيين الذين يعيشون في الخارج ممن يكون كل دخلهم بالعملة الصعبة، فإنهم يستفيدون من انخفاض قيمة الدينار. و»نحن اليوم نعيش إعادة توزيع للثروة على حساب الفئات المتوسطة والضعيفة». ويعتبر محدثنا أن مقاربة الاتحاد العام التونسي للشغل خاطئة لأنه يراهن على الزيادة في الأجور في حين أن الزيادة في الأجور تتحول إلى تضخم مالي والزيادة في الاسعار تتجاوز دائما الزيادة في الأجور مما يؤدي إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطن، لذلك لا بد من اتخاذ مقاربة تقوم على الحفاظ على التوازنات الاقتصادية.