تتمتع ولايات الشمال الغربي (جندوبة، سليانة، الكاف وباجة) بمنتوج سياحي متنوع وثري حوّل بعض جهاتها إلى أقطاب سياحية تغري السائح التونسي والأجنبي على حد السواء. وراهنت عديد الأطراف على القطاع السياحي بهذه الولايات فتم تشييد العشرات من الوحدات الفندقية وملاعب الصولجان بالإضافة إلى مزيد العناية بالمحطات الاستشفائية والملاعب الرياضية وتشجيع المهرجانات الوطنية والعالمية، كما تم في السنوات الأخيرة إعطاء الأولوية للسياحية البيئية (في ظل الصعوبات التي يعاني منها هذا القطاع ) التي أصبحت تغري السائح والزائر التونسي هروبا من زحمة المدن وضجيجها والضغوط المتواصلة طيلة أسبوع. وفي هذا السياق أصبحت السياحية الداخلية تحظى بمكانة هامة في تنشيط الحركة الاقتصادية خاصة بالمدن السياحية من خلال الحركية الهامة بالفضاءات التجارية ومحلات الصناعات التقليدية والمطاعم والوحدات الفندقية وزيارة المتاحف والمواقع الأثرية عبر رحلات منظمة خاصة خلال العطل ومع نهاية كل أسبوع لتعرف دور الشباب والنزل هي الأخرى حركية هامة. سياحية بيئية أم وبائية؟ عرفت السياحية الداخلية في الأشهر الأخيرة منعرجا ملحوظا، فتحت غطاء السياحة البيئية والتخييم بالجبال مع نهاية كل أسبوع تنامت هذه الظاهرة بشكل لافت خاصة في المناطق الجبلية إذ تتوافد العشرات من الحافلات الخاصة وبها مجموعات من الشباب من الجنسين والذين يتولون إعطاء مبالغ مالية متفاوتة لشبان من أصيلي هذه المناطق لتوفير الجانب الأمني لهم وحراستهم إلى جانب القيام بدور الدليل السياحي ومساعدتهم في بعض الشؤون الأخرى كالأكل والشرب والأغطية. هذا النوع من السياحة أثار حفيظة العديد من العائلات بالعمادات الريفية والتي طالبت بوضع حد لذلك خوفا من انزلاق أبنائهم وراء هذا التيار الجارف والذي تقف وراءه العديد من الأطراف التي تسعى لتلهية الشباب وراء تحقيق ملذاتهم وتلبية مختلف الحاجيات التي يستحقها هؤلاء على حساب صحة أجسادهم في ظل انتشار الأمراض المنقولة جنسيا واستهلاك المخدرات التي تنخر المجتمع التونسي. فهذا النوع من السياحة وفي ظل غياب مراقبة الوالدين سيشكل خطرا على الأبناء الذين يجدون الحرية في ممارسة شهواتهم وميولاتهم كما يشاءون غير عابئين بعواقب ذلك لتكون النتائج كارثية على صحة هؤلاء تحت غطاء السياحة البيئية. وللحد من انتشار مثل هذا النوع من السياحة طالب بعض رجال الأعمال وشباب من هذه المناطق تشجيع المستثمرين على بعث وإحداث منشآت سياحية بالمناطق الريفية والتي من شأنها أن توفر مواطن الشغل لشباب هذه الجهات بدل زرع مثل هذه الأوبئة في أجساد هي عماد المجتمع والتي ستحمل غدا المشعل في البناء والتشييد والدفاع عن الوطن وقطع الطريق أمام بعض الأطراف التي تحاول زرع الإرهاب في المناطق الجبلية تحت غطاء السياحة الجنسية التي بدأت تغزو أرياف ولايات الشمال الغربي، فمن يقف وراء هذا الوباء الذي ينخر المجتمع الريفي؟ عمار مويهبي