يبدو أن توجه المغرب لفرض ضرائب على شركتي "غوغل" و"فيسبوك" مقابل استحواذهما على نصيب الأسد من إعلانات الإنترنت في المملكة سيضعها محل متابعة من قبل العديد من البلدان العربية باعتبارها البلد العربي الأول الذي سيتقدم بهذه الخطوة خاصة في ما يتعلق بمدى نجاعتها ومدى مراعاتها للاتفاقيات الدولية في هذا المجال بعد أن تم اعتمادها سابقا في تسع دول على غرار روسياوفرنسا وبريطانيا وإسبانيا، وإيطاليا... بالنسبة لتونس، يعتبر العديد من المتدخلين في المجال الرقمي أن هذه المسالة واردة ويمكن أن تدر أموالا هامة للدولة بمجرد تفعيلها على ارض الواقع باعتبار أن هذه الشركات العملاقة تحصد سنويا مليارات الدولارات من خلال الإعلانات والإشهار. من ذلك أفاد المختص في الشأن الاقتصادي محمد الصادق جبنون ل«الصباح» بان عملية مطالبة الشركات المتعددة الجنسيات حول أرباح أنشطتها الموجودة عبر استعمال الانترنت في تونس ستكون مطروحة بحكم إمضاء بلادنا على الاتفاقية الدولية لتبادل المعطيات الجبائية وهي موجودة حاليا بين تونس والولايات المتحدةالأمريكية بما يعرف ب «FATCA" بعد أن يتم تعميم هذه الاتفاقية على كل بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية " OCDE"، مشيرا إلى أن هذه المسالة مرتبطة بتوفر قوانين وتشريعات حفاظا على التزامنا بالاتفاقيات الدولية حتى نتجنب الوقوع في الازدواج الضريبي. كما بين جبنون في ذات السياق أن هناك إشكاليات أخرى إلى جانب الإطار القانوني لهذا المشروع في المثال التونسي تتمثل في أن هذه الشركات لا تسوق خدماتها مباشرة لتونس بحكم عدم قابلية الدينار التونسي للتحويل وهو ما يضطرها إلى أن تقوم بإسداء خدماتها وعملياتها التي تخص الإشهار والإعلانات عبر "شركات غير مقيمة" أو عبر "الشركات الأم" المنتصبة بالخارج وهو ما يؤكد صعوبة تحديد المنشأ بالنسبة للمدخول الخاضع للأداء في تونس. وأوضح محدثنا بالمقابل، أن هذه المسالة في المثال التونسي تختلف عن بقية الدول خاصة الأوروبية منها، فعندما طالبت كل من فرنسا وايطاليا وعدد من بلدان الاتحاد الأوروبي بفرض ضرائب مباشرة على شركة "غوغل" و"الفايسبوك" ومؤسسات الانترنت العملاقة على كل عملياتها وخدماتها المسداة على أراضيها فقد تمت هذه العملية بنجاح لان الأرباح المتأتية من أراضيها ثابتة. كما أضاف جبنون أن الأمر لا يختلف كذلك في عملية إدراج هذه الضرائب في كل من ايرلندا والجزر البريطانية رغم أن العملية كانت صورية، حيث قامت المفوضية الأوروبية بفرض ضرائب إضافية لصالح دول المنشأ على غرار فرنسا وايطاليا واسبانيا بقيمة جملية تناهز ال13 مليارا يورو خلال سنة 2017 مما اضطر هذه الشركات العملاقة لدفع هذه الضرائب التعديلية لأهمية السوق الأوروبية ولوجود مخاطب قوي مثل المفوضية الأوروبية. ونبه محدثنا إلى ضرورة تجنب بلادنا الدخول في الإجراءات الأحادية حتى لا تعطي صورة سيئة لها في الخارج في ما يتعلق بالاستثمار لاسيما أن هذا القطاع يعاني من صعوبات كبيرة، مؤكدا على أهمية أن تطرح هذه المسالة في إطار الاتفاقية الدولية التي تسعى إلى انجازها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية « OCDE"، والاتحاد الأوروبي. وهذا التمشي يمكن أن يجنب تونس كل التداعيات السلبية المتوقعة من هذا المشروع ويمكن أن يكون انخراطها في مثل هذه الاتفاقيات داعما لتصحيح تصنيفاتها الدولية خاصة تلك المرتبطة بالاتحاد الأوروبي على غرار إخراجها من القائمة الرمادية للملاذات الضريبية، كما من شانه أن يحسن من سمعة وصورة تونس على الصعيد الجبائي في الخارج. كما لم ينف محدثنا أهمية هذا المشروع المتعلق بفرض ضرائب من الشركات العملاقة للانترنت في تعبئته لموارد إضافية لخزينة الدولة خاصة أن ما يناهز ال60 بالمائة من السكان يستعملون شبكة الانترنت والمطلوب حسب مشروع تونس الرقمية 2020 بلوغ نسبة ال90 بالمائة من التونسيين الذين يستخدمون الانترنت . كما بلغ في تونس عدد مستعملي شبكة التواصل الاجتماعي « Facebook" الموقع الأكثر رواجا عالميا حدود ال6 ملايين شخصا، كذلك سجل نسق استعمال الانترنت في تونس ارتفاعا كبيرا بلغ ذروته فترة الثورة التونسية، هذا وتتمتع بلادنا اليوم بربط جيد مع بلدان القارة الأوروبية عبر شركات الاتصالات المتمركزة في الخارج مثل شركة "اوريدو" و"اورنج". وباتصال"الصباح" بسلطة الإشراف الممثلة في وزارة الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا المعلومات والاتصال حول هذه المسالة، بينت أن تونس تسعى جاهدة إلى تشجيع المؤسسات العالمية في المجال إلى توسيع شبكاتها وتواجدها في أراضيها دون أن تفرض عليها اداءات من شانها أن تؤدي إلى عزوفها على الاستثمار في تونس. كما أشارت الوزارة إلى أنها تسعى إلى التقليص أكثر ما يمكن من الضرائب التي تم فرضها مؤخرا في قانون المالية لسنة 2018 على كل التجهيزات الالكترونية من اجل دفع القطاع عموما باعتباره يعد من أهم القطاعات الحيوية في البلاد لأنه يمثل اليوم ما يناهز ال7.2 من الناتج الداخلي الخام ويسعى للقفز بالقيمة المضافة للقطاع من 4.15 مليار دينار حاليا إلى 13.5 مليار دينار مع موفى سنة 2018 إلى جانب مضاعفة عدد العاملين بالقطاع إلى 160 ألف عامل مقابل 80 ألفا حاليا.