«تونس في حالة إفلاس ولا يحق لها أن تتوفر على مؤسسات عمومية متعاقدة مع الخسارة».. هكذا صرح سمير ماجول الرئيس الجديد للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الأسبوع الماضي داعيا إلى شجاعة اكبر في التعامل مع المؤسسات العمومية التي تثقل كاهل الدولة مطالبا بتخلي هذه الأخيرة عن المؤسسات المفلسة والتي تنفق عليها من مال دافعي الضرائب من مؤسسات ومواطنين... ماجول كان واضحا مرجحا ضرورة توجه الدولة نحو الخوصصة ليس بشكل عشوائي بل بشكل مدروس يقتضي التخلص من المؤسسات التي تعاني صعوبات مالية والتي لا تحقق الأهداف المرجوة منها.. هذا الموقف الصريح والواضح نعتقد أنه عين الصواب فالدولة اليوم في حاجة إلى مؤسسة عمومية ناجحة وذات مردودية مالية تساعد ميزانية الدولة وليس العكس.. فاغلب مؤسساتنا العمومية اليوم تعاني حالة إفلاس مما يضطر الدولة إلى تحمل مسؤولية أعبائها المتزايدة عاما بعد عام دون أن تكون لديها الشجاعة الكافية لاتخاذ إجراءات خوصصتها كليا أو جزئيا عبر إدخال مستثمر استراتيجي طرفا في رأس مالها، بناء على طلب عروض دولي مثلما كان الحال سابقا مع تجارب أثبتت نجاحها ولنا في اتصالات تونس أحسن مثال وكذلك بنك الجنوب سابقا قبل أن يتحول إلى التجاري بنك بعد الخوصصة أو المغازة العامة أو غيرها من الأمثلة... فالأرقام تشير إلى أن الدولة تضخ للمؤسسات العمومية سنويا أكثر من 2.5 مليار دينار في حين كان من المفروض أن توفر هذه المؤسسات موارد لميزانية البلاد وليس العكس.. عدم جدوى بعض مؤسسات القطاع العام وضعف مردوديتها جعلا منها عبئا ثقيلا على ميزانية الدولة، ممَا بات يحتم تغيير المعايير الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة بمعايير جديدة تعتمد على انفتاح السوق ومنطق الربح. لقد أثبتت التجارب الخارجية أن الخوصصة الكلية أو الجزئية تمكن وتساعد على تحسين مستوى الكفاءة الاقتصادية للمنشآت العامة وخاصة المتعثرة منها والخاسرة وتعزيز تنافسيتها. إلى جانب تحسين نوعية السلع والخدمات التي تقدمها المنشآت التي خضعت للخوصصة. هذا دون أن ننسى تخفيض حجم النفقات العامة وتقليل العبء الإداري للحكومة وبالتالي تخفيف العبء على ميزانية الدولة وقبل ذلك توفير عائدات مالية كافية للدولة من خلال عمليات البيع والتفويت. وهو ما يؤدي حتما إلى تقليص حاجة الدولة إلى الاقتراض الذي يوجه أغلبه إلى دعم المنشآت العامة الخاسرة. الخوصصة تساعد كذلك على التحول نحو التكنولوجيا الحديثة من خلال المشاركة الأجنبية وجذب الاستثمارات والعمل على التطور كما تشجع ما يعرف ب»الرأسمالية الشعبية» عبر توسيع نطاق ملكية الأصول الاقتصادية، سواء للعاملين أو لغيرهم وخصوصا عبر إدراج الأسهم في السوق المالية. وهذا دافع إضافي لتعزيز وتطوير وتوسيع السوق المالية، باعتبار أن الخوصصة تساهم في تنشيط وتنمية تداول الأسهم والسندات في السوق المذكورة مع تعزيز حالة التنافسية المربحة .