كما سبق الإعلان عنه قررت التلفزة التونسية عدم إنتاج مسلسل درامي لشهر رمضان 2018 والاكتفاء بسيت كوم أو اثنين وبعرض الجزء الثاني من سلسلة «جنون القايلة « وببث مسلسلات عربية وتركية وإعادة بث أعمال تونسية قديمة لجمهور رمضان الذي تعود على التحلق حول التلفزة منذ عقود طويلة لمشاهدة الأعمال الدرامية التونسية حتى وان كانت هابطة ولم ترق إلى مستوى الآمال التي عقدت عليها. قرار اتخذته إدارة التلفزة إما لصعوبة الحصول على سيناريو جيد يصلح للبث في القناة الوطنية في شهر مقدس عند التونسيين يمسهم موضوعه ويجلب انتباههم دون أن يكون مسرفا )وهنا نؤكد على كلمة مسرفا) في تناول قضايا مثل القتل والزنا والمخدرات وشرب الخمر والتطبيع مع السجن وغيرها من الموبقات التي يرفض التونسي بصفة عامة ان يراها في الشهر الكريم فيتظلم ويطالب بإغلاق مؤسسة التلفزة التونسية وحتى انهاء وجودها كلما أحس انه تم الإسراف والإغراق والتشهير بالمرأة التونسية وأسيء تناول صورتها وتشويهها. وعملا بالمثل القائل )حانوت مسكر ولا كرية مشومة). أو انه اتخذ في إطار التقشف والمحافظة على المال العام من التبذير وهذا ليس حلا لان التونسي تعود على الإنتاج الدرامي في القناة الوطنية التونسية وهو يدفع الضرائب من اجل ذلك ومن حقه أن يرى صورته فيها. ثم إننا نحتاج إلى الدراما على الأقل في إطار مكافحة الإرهاب وحماية شبابنا من الانخراط في شبكات الفساد والانحراف والتطرف. كما ان عدم إنتاج دراما سيحرم ممثلين ومخرجين ومنتجين من العمل حتى وان كان موسميا. لان اغلب الممثلين التونسيين ينتظرون هذا الموسم بفارغ الصبر وبدونه يبقى اغلبهم دون عمل. هذا دون التفكير في من يشتغلون في مؤسسة التلفزة ويبقون عاطلين عن العمل بأنه لا إنتاج يتولون انجازه. وهنالك من رأى ان الإشكال له علاقة بالإشهار وان القرار تم اتخاذه لتوفير المال من اجل مصاريف تغطية الانتخابات البلدية وغيرها. ولكن مهما كانت الأسباب فلم يكن من المعقول أو المقبول الانسحاب من حلبة تنافس كبيرة تعودت التلفزة التونسية على خوضها على نسب المشاهدة مع القنوات التلفزية الخاصة في شهر رمضان هذه القنوات التي بدأت منذ مدة في تصوير مسلسلاتها وسيتكوماتها رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة الحصول على الإشهار ومعرفة البعض بأنه يستحيل تقريبا التمكن من تغطية التكاليف ورغم كل ذلك أقدمت على الإنتاج من اجل مشاهديها الأوفياء ومن اجل المحافظة على مستوى معين من المتابعة هذا المستوى الذي لا تفكر فيه القناة التونسية الوطنية رغم أهميته وبقيت تعتبره من التحصيل الحاصل وهذا غير صحيح وقد أثبتت الأيام انه تفكير خاطئ. اعتراض واحتجاج على قرار مدير التلفزة الوطنية عدم إنتاج مسلسل درامي لشهر رمضان 2018 قرار لم تحسب عواقبه جيدا على ما يبدو حيث اعتبره بعض المتدخلين في المشهد الدرامي التونسي وخاصة بعض الممثلين والمنتجين سابقة خطيرة وخيبة أمل وصفها الممثل والمخرج عاطف بن حسين مثلا في رسالة تظلم فيها لرئيس الحكومة يوسف الشاهد فقال :»إن عدم إنتاج مسلسل درامي لرمضان 2018، يعد سابقة خطيرة جدا قد تعبث بأحلام مئات المبدعين وتعصف بشركات إنتاج تسعى إلى الرقي بالذوق العام وبثقافة التونسي... إن قرار السيد الرئيس المدير العام للتلفزة التونسية قرار اعتباطي فيه تعسف على المبدعين والممثلين والمخرجين وكل العاملين في القطاع الدرامي الذي نسعى جاهدين إلى الرقي به». وأضاف عاطف بن حسين إن التلفزة التونسية سبق أن طلبت سيناريوهات ومشاريع نصوص: «ونحن تقدمنا بثلاثة مشاريع الأول : * سيناريو مسلسل من أجمل ما كتب في الدراما مستوحى من حياة السيدة المنوبية لكاتب هو من أهم الكتاب والمتحصل على عديد الجوائز العربية طبعا ألا وهو بو كثير دومة. * سيناريو مسلسل للكاتبين حافظ محفوظ وحاتم المرعوب وهو قصة اجتماعية جميلة جدا. * و في نفس الوقت سيناريو سيتكوم لحاتم بلحاج وهو من أروع ما كتب في فن الإضحاك وبفكرة طريفة جدا. ولكن إدارة التلفزة رفضتها بدعوى قلة المال إلا سيتكوم حاتم بلحاج». واعتبر عاطف بن حسين ان مثل هذا القرار هو في الحقيقة: «احتقار للمبدعين وتجويع وإحالة على البطالة بقرار لأربعمائة ممثل وتقني هذه السنة.» قرار عدم إنتاج دراما لرمضان 2018 رفضته أيضا نقابة سلك الإخراج التي عبرت لوسائل الإعلام عن أسفها واعتبرتها سابقة خطيرة ورأت أنها ضرب للمخرج والممثل والمشاهد وانه سيحيل مخرجي التلفزة التونسية على التقاعد المبكر ودعت نقابة الإخراج بالتلفزة إلى ضرورة الإسراع بإنقاذ المؤسسة مما تردت فيه ولفتح تحقيق جدي في ملف طلب العروض وقد عرضت النقابة حلّ السماح للمخرجين من ابناء الدار بانجاز عمل مجاني إخراجا وتمثيلا في محاول لإحراج إدارة التلفزة الوطنية.ورأت بعض الأطراف المعنية بالموضوع أيضا انه على الحكومة وهيئاتها الدستورية تحمل مسؤوليتها في فتح ملف قانون الصفقات العمومية وطلب العروض واقتنائها.. وهنالك من طالب بإقالة المدير العام بالنيابة وتعيين مسؤول قادر على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. وهذا سبب آخر للجدل علما بان الأزمة استفحلت بين إدارة التلفزة والرافضين لقرار عدم الإنتاج كذلك بسبب قرار إنتاج مسلسل «الدقلة في عراجينها» والمقتبس عن رواية البشير خريف والذي يكتب له المنتج والمخرج السينمائي الناصر القطاري السيناريو ليعرض في رمضان 2019 .حيث رأى البعض انه تم اتخاذ قرار في شانه قبل ان يعرض على لجنة قراءة كغيره من السيناريوهات . وقد قيل في البداية ان مهمة كتابة السيناريو الخاص بهذا العمل التاريخي ستتعهد بها ورشة جماعية يشارك فيها فنيون ومخرجون وكتاب. الجزء الثاني من مسلسل نجوم القايلة 2 أيضا سبب إشكالا ورأى بعض المحتجين انه غير جاهز مثلما قال مدير التلفزة التونسية بالنيابة عبد المجيد المرايحي ولم يعرض على أي لجنة لتوافق عليه. علما بان فريق عمل هذا المسلسل الذي عرف نجاحا كبيرا في رمضان 2017 لم ينطلق بعد في عميلة التصوير بعد ان خسر الديكور الذي صور فيه الجزء الأول. ويبقى السؤال المطروح أيهما أفضل ان ننتج دراما تونسية حتى وان كانت ضعيفة بسيناريو هزيل ومستهلك لا يقنع المشاهد ام نتوقف عن الإنتاج ونوكل المهمة للشركات الخاصة ونختار الأفضل مما تعرضه للبيع؟