*منح وامتيازات معادلة لما يتلقاه المبدعون في أوروبا *فتح السوق الأوروبية أمام منتوجنا الثقافي تونس – الصباح عقد وزير الشؤون الثقافية الدكتور محمد زين العابدين صباح الخميس 8 فيفري 2018 ندوة صحفية حضرها سفير الاتحاد الأوروبي باتريس برقاميني للإعلان عن انطلاق العمل في مكتب أوروبا المبدعة في تونس، ولتقديم فريق العمل التونسي المتكون من السادة يوسف الاشخم رئيس المكتب وبلال العلويني المنسق الوطني للبرنامج ورياض أم هاني المكلف بالاتصال بمكتب أوروبا المبدعة بتونس. ويعتبر انطلاق عمل هذا المكتب هو النتيجة الملموسة للاتفاقية المبرمة في 11 ماي 2017 بين تونس والاتحاد الأوروبي حول مشاركة تونس في برنامج الاتحاد الأوروبي "أوروبا المبدعة" لدعم القطاعات الثقافية والإبداعية والتي عرضت على مجلس النواب وتمت المصادقة عليها بموافقة 131 نائبا واحتفاظ 3 نواب ودون تسجيل أي رفض. ولعل ما سهل المصادقة على هذه الاتفاقية وإجراءات تفعيلها هو ان تونس هي أول بلد عربي وإفريقي ومغاربي ينضم إلى هذا البرنامج الذي يضم 40 بلدا من بينها 28 دولة أوروبية، ولان هذه الاتفاقية ستمكن من تحقيق عدة أهداف ذات أولوية في القطاع الثقافي التونسي مثلما ذكر الدكتور محمد زين العابدين وزير الشؤون الثقافية. علما بان تونس تحصلت على ميزة تفاضلية في الانضمام، تمثلت في دفع معلوم انخراط رمزي هذا العام قدر بأورو واحد عوضا عن دفع ما يناهز ال250 ألف أورو وهو ما تدفعه كل دولة من الدول المنخرطة في البرنامج. حماس التونسيين وتعطشهم للثقافة شجع الاتحاد الأوروبي أما ما شجع الجانب الأوروبي على اختيار تونس من بين عديد البلدان فهو ما لاحظه سفير الاتحاد الأوروبي بتونس باتريس برقاميني -وقد عمل في تونس تحت علم بلاده فرنسا منذ سنة 1990 - من حماس وتعطش للثقافة لدى التونسيين سواء المبدعين أو المتلقين مما يجعل تونس ميدانا خصبا للإبداع في شتى مجالات الفنون ومما يجعلها النموذج والقاطرة التي ستسير وراءها بقية البلدان العربية. هذا إضافة إلى عمل الاتحاد الأوروبي على تفعيل تعهداته تجاه تونس الديمقراطية الناشئة بالرفع من مستوى التّعاون الثقافي مع تونس وبدعم مساهمة القطاع الثقافي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتونس والمساعدة على الانتقال الديمقراطي وعلى مكافحة الإرهاب عن طريق الثقافة وهو ما أشار إليه وزير الشؤون الثقافية خلال كلمته الافتتاحية للندوة الصحفية. وقد صرح سفير الاتحاد الأوروبي باتريس برقاميني للإعلاميين بأنه سعيد جدا بالعمل في تونس وبتتويج كل المساعي بتدشين مكتب تونس هذه الديمقراطية الناشئة التي ستسمح بربط علاقات ثقافية مثمرة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط وقال: "سنعمل على إتمام مهمتنا على أكمل وجه وسنشجع الحركة الثقافية التونسية وسنتفانى في جلب المستثمرين في القطاع الثقافي ونسهل مهمة إدماجهم في عجلة الاقتصاد التونسي وستصدّر تونس الثقافة مثلما تستوردها اليوم.. صحيح انه توجد ملفات معقدة لا يمكن أن تحل بين عشية وضحاها ولكننا عازمون على إنجاح هذه التجربة." المشاركات عبر إعلانات لتقديم طلبات التمويل سيتواصل البرنامج حسب ما ورد في حديث يوسف الاشخم أول رئيس لمكتب تونس لبرنامج أوروبا المبدعة إلى غاية عام 2020 وسيتم خلال هذه المدة العمل على تنمية المشاريع الثقافية الدولية من حيث إرساء الشبكات الثقافية بين البلدان وترجمة الكتب وترويجها في تونس وخارجها وخاصة إرساء منصات مشتركة للفاعلين الثقافيين وتنمية القدرات والمهارات بالقطاع الثقافي لدعم الإنتاج الثقافي المشترك ولدعم توزيع الأفلام وترويجها ودعم المهرجانات السينمائية والإنتاج السينمائي المشترك وستكون المشاركات عبر إعلانات لتقديم طلبات التمويل حسب الشروط الموضوعة بكل محور وتكون عبر شراكات بين عدة جمعيات أو مؤسسات ثقافية من بلدان أوروبية مختلفة. برنامج "أوروبا المبدعة" في تونس سيمكن الجمعيات والمؤسسات الثقافية التونسية من تقديم مشاريعها طلبا للدعم بنفس الشروط المعمول بها في دول الاتحاد الأوروبي ومن التمتع بدورات تكوينية في كيفية تقديم المشاريع وربط العلاقات مع الجمعيات المماثلة لها. كما سيمكن من دخول السوق الأوروبية بمنتوجنا الثقافي لتعزيز صورة تونس بالخارج والتعريف بخصوصيات الثقافة التونسية والدفع نحو ثقافة السلم بين البلدان الأوروبية وبلدان جنوب المتوسط. ومن بين أهداف هذا المشروع أيضا ودائما حسب ما ورد في كلام يوسف الاشخم وبلال العلويني المنسق الوطني للبرنامج توفير موارد مالية لتونس بالعملة الصعبة ومزيد دفع تصدير المهارات القطاعية وتبادل الخبرات مع الأوروبيين مما سيرفع من مستوى جودة المنتوج الثقافي ويدعم مجهود النهوض بالصناعات الثقافية. ومن المؤمل أيضا إيجاد فرص للتعاون الثقافي الدولي لمكونات المجتمع المدني الثقافي بتونس وتطوير إمكانية نفاذها إلى مصادر تمويل جديدة لمشاريعها الثقافية وكذلك للرفع من قدراتها على تنفيذ مشاريع ثقافية ذات اهتمام بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية. تحذير من السقوط في الاملاءات الخارجية وقبل نهاية الندوة الصحفية قدم رياض ام هاني المكلف بالاتصال بمكتب أوروبا المبدعة بتونس لمحة عن إستراتيجية عمل مكتب تونس واهم المواعيد وقال إن العمل يرتكز على مبادئ أهمها تكافؤ الفرص والثقافة للجميع والانطلاق يكون من داخل الجمهورية آخر فيفري في قفصة وبداية مارس في القيروان والكاف وماي في قابس هذا طبعا إلى جانب عمل المكتب في العاصمة علما بان مقر المكتب سيكون في مدينة الثقافة. يذكر أن ميزانية مشروع برنامج "أوروبا المبدعة" في تونس أكثر من مليارين ونصف أورو وان مصاريف المكتب ستكون هذه السنة على حساب وزارة الشؤون الثقافية التونسية أما سنة 2019 فستكون مناصفة بين الوزارة والاتحاد الأوروبي. وقد أوصى الحاضرون خلال حصة النقاش بالعمل على إنجاح هذا البرنامج الطموح لأنه فرصة جيدة لتونس ولمبدعيها -من حيث انه يوفر فرصة تسهيل تنقل المبدعين التونسيين في الفضاء الأوروبي والحصول على المنح والامتيازات التي يوفرها هذا البرنامج لغيرهم من المبدعين الأوروبيين - وبان يتم اختيار مشاريع قابلة للتنفيذ وان يعتمد التوزيع العادل بين الجهات والتثبت الفعلي في الملفات الطالبة للدعم والتبني. في حين حذر البعض من أن يسمح هذا المكتب بالتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية التونسية ومن السقوط في مستنقع الامتلاءات الخارجية.