هل تعصف ميزانية وزارة الشؤون الثقافية، التي اجمع الكثيرون على أنها محدودة ولا تفي بحاجة استحقاقات المرحلة، بالمشاريع المطروحة في إطار التعريف بالمنجز الثقافي التونسي على مستوى دولي وفتح آفاق أرحب للتسويق للإبداع الوطني من ناحية وفتح مجالات أوسع للتعاون ثقافيا أي عبر المراهنة على الديبلوماسية الثقافية في سياسة الدولة الخارجية وتوظيف هذا الجانب كعامل أساسي وهام من شانه أن يساهم في إعادة موضعة بلادنا في مراتب هامة دوليا. يأتي ذلك بعد تعليق المشاريع المتعلقة ببعث مراكز ثقافية تونسية في بلدان أجنبية والذي كان مطروحا بقوة في عهد وزراء ثقافة سابقون في سنوات ما بعد الثورة. لكن لم تعد هذه الملفات مطروحة اليوم بالشكل والإرادة التي كانت عليها الجهات الرسمية في مراحل سابقة. وما أثار هذه المسألة هو مشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على الاتفاقية المبرمجة بين الحكومة التونسية من جهة وحكومة جمهورية الصين الشعبية من جهة ثانية حول بعث مراكز ثقافية للبلدين المعروض على مجلس نواب الشعب وتحديدا على لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية للنظر فيه والموافقة على القانون الأساسي الخاص بذلك خلال هذه الفترة. علما أن الاتفاقية بين حكومتي البلدين تم ابرامها منذ 13 ماي 2017 وتهدف إلى تحديد إطار قانوني مشترك لبعث مراكز ثقافية يسمح للجمهورية التونسية ببعث مركز ثقافي تونسي ببكين ويسمح في نفس الوقت لجمهورية الصين الشعبية ببعث مركز ثقافي صيني في تونس. ويكتسي كل مركز ثقافي، حسب أحكام هذه الإتفاقية، صبغة مؤسسة ثقافية رسمية تمثل البلد المؤسس. خاصة أنها تتضمن بعض الأحكام والالتزامات ذات الصبغة التشريعية من ذلك إعفاء المراكز الثقافية من معاليم الأداءات المستوجبة على بعض المواد الضرورية لأنشطتها وخضوع الموظفين بهذه المراكز المعنيون من قبل الدولة المرسلة والحاملين لجوازات سفر خاصة إلى قوانين العمل والتغطية الاجتماعية الخاصة بتلك الدولة. كما تضبط نفس الأحكام وظيفة وظيفة المراكز الثقافية ومختلف الأنشطة التي تقوم بها وكيفية ممارستها لأنشطتها وكذلك اتصالاتها مع السلطات الرسمية والأفراد بالبلد المضيف. وأكد مصدر بالهياكل ذات العلاقة بهذا الملف من وزارة الشؤون الثقافية أن تفعيل هذه الاتفاقية رهين التوصل إلى اختيار الفضاءات الخاصة بذلك بعد أن دخل كل بلد على خط اختيار المكان لبناء او كراء مقر وبين أن العملية ليست سهلة وإنما تتطلب أموالا طائلة. والهام في هذا القانون أنه سيكون خارطة طريق هامة يتم اعتمادها في إطار التعويل على «الديبلوماسية الثقافية» في الترويج والتسويق لصورة تونس وسياستها ومنجزها الفكري والثقافي لتكون دعامة لتحركات السياسة الخارجية في محاولاتها لإصلاح الوضع لاسيما بعد تكرر «الضربات» في فترة وجيزة وذلك بتصنيف تونس من قبل البرلمان الأوروبي ضمن قائمة البلدان الأكثر عرضة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب وذلك بعد أقل من شهر تقريبا على تصنيف البلد في جانفي الماضي ضمن القائمة سوداء للملاذات الضريبية. وتجدر الإشارة إلى بعث مراكز ثقافية تونسية في بعض البلدان وصلت إلى مراحل متقدمة في السنوات الأخيرة على غرار الصينوتركيا وبعض بلدان أوروبا الشرقية وقد اثارت مسألة اختيار سفارة تركيابتونس لدار الدولاتلي وسط المدينة العربي فضاء لمركز ثقافي تركي بتونس حفيظة بعض الناشطين في الحقل الثقافي والمجتمع المدني ومنذ ذلك التاريخ لم تفتح الجهات الرسمية ملف المراكز الثقافية من جديد.