منذ عشر سنوات وناظم نواسر مستثمر ومدير عام شركة خاصة يركض من وزارة إلى اخرى ومن مكتب إلى مكتب ومن إدارة إلى إدارة، فتعددت اللقاءات والمطالب من أجل التسريع في إجراءات مشروع تخزين الطائرات التجارية في مطار توزرنفطة والذي تناهز كلفته حوالي 65 مليون دينار وسيشغل في عامه الأول 45 شخصا إلى أن يتطور إلى 800 شخص في ظرف خمس سنوات. رحلة الإجراءات الإدارية لبعث مشروعه انطلقت منذ سنة 2008 وفق ما أكّده ناظم نواسر قائد طائرة سابق في حديثه ل"الصباح الأسبوعي"، ولكن بعد ضغط العائلة الحاكمة حينها اختار التراجع عن تنفيذ حلمه، ليقرّر استئنافه بعد الثورة فكانت المفاجآت والعراقيل ورحلة «العذاب» لا مع الإدارة التونسية فحسب وإنما أيضا مع "لوبيات" الفساد في داخلها وخارجها. يقول نواسر ل"الصباح الأسبوعي" "على مدى عشر سنوات اختبرت فنون وأساليب الفساد الذي تفشى في الإدارة التونسية أكثر ممّا في عهد بن علي، واكتشفت أيضا أنّ لوبيات الفساد ورجال الأعمال لهم أياد خفية داخل الإدارة تحيطها علما بكلّ المستجدات ومقترحات المشاريع المقدّمة من قبل الراغبين في الاستثمار خاصة منها المشاريع الكبرى". وأضاف ناظم نواسر «تعرّضت إلى شتى أنواع الهرسلة والضغط وكلّ المحاولات بطرق غير قانونية لأتخلّى عن مشروعي ،حتى أنّه طُلب مني أن أعلن عن «طلب مناقصة» وهو أمر مخالف للقانون باعتبار أن المشروع خاص، ومع ذلك اضطررت إلى فتح هذه المناقصة وفتح الباب لأشخاص آخرين للمشاركة في مشروعي». وقال أيضا «تحصّلت على كلّ التراخيص والوثائق والموافقات والإمضاءات ومع ذلك يعمد ديوان الطيران المدني وحتى أطراف برئاسة الحكومة من حين إلى آخر إلى تعطيل الإجراءات أو مطالبتي بإجراءات أخرى إضافة إلى التقليص من مساحة الأرض المخصصة للمشروع في كلّ مرةّ». وتابع محدّثنا أنّه «حتى وثائق المشروع والدراسة المتعلقة به تمّت سرقتها وإخراجها من أدراج الإدارة وأصدرت أيضا تعليمات إلى عدد من الإداريين حتى يتمّ إزعاجي وتعطيلي وتجميد الإجراءات، ومع ذلك لم أستسلم ومن ألطاف الله أنّ كلّ الإجراءات والمطالب وُجهت كتابيا وبمراسلات رسمية فكانت حجّة عليهم». وحول أسباب كلّ هذه التعطيلات على مدى عشر سنوات أوضح مُحدّثنا أنّها «تتعلق بسببين أساسيين أولهما أنّ المشروع مربح جدّا ويريدون افتكاكه بأية طريقة خاصة من قبل عدد من رجال الأعمال، والسبب الثاني أنّ هذا المشروع طريق ناجح وناجع لتبييض الأموال». ونظرا للتعطيلات المتكررة والتي امتدت على مدى ثمان سنوات تقريبا أكّد ناظم نواسر أنّه اضطرّ للالتجاء إلى المحكمة ورفع قضية وتقديم ملف يضمّ 300 وثيقة تُدين كل الأطراف المعنية بالمشروع والتي تسبّبت في تعطيله وحرمانه من 100 مليار كان ممكنا تحققيها على مدى خمس سنوات، لو لم يتمّ تعطيل المشروع. لا يُعدّ ناظم نواسر المستثمر التونسي الوحيد الذي يتعرّض إلى هذا الكمّ الهائل من العراقيل، بل عشرات من المستثمرين، بمن فيهم الأجانب، تعرضوا ويتعرضون إلى نفس الأساليب المنفرّة والمحبطة ما دفع بالعديد منهم إلى تحويل وجهة مشاريعهم إلى دول أخرى وفي مقدمتها المغرب التي هاجر إليها 600 مستثمر تونسي.