انخفاض في جرحى حوادث المرور    مناقشة مقترح النظام الاساسي للصحة    مصطفى عبد الكبير: "معلومات شبه مؤكدة بوجود المفقودين في مركب هجرة غير نظامية غادر سواحل صفاقس الاثنين الماضي، في التراب الليبي"    بوعرقوب: انطلاق موسم الهندي الأملس    مصر تعلن تَأَثّرها بالهجوم السيبراني على مطارات أوروبا    رابطة الأبطال ...الترجي بخبرة الكِبار والمنستير لاسعاد الأنصار    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    تونس تشارك في بطولة العالم لألعاب القوى لحاملي الاعاقة بالهند من 26 سبتمبر الى 5 اكتوبر ب11 متسابقا    منوبة : انتشال جثتى شقيقين حاولا انقاذ كلبة من الغرق    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    في تظاهرة غذائية بسوسة ...«الكسكسي» الطبق الذي وحّد دول المغرب العربي    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    وزير خارجية ألماني أسبق: أوروبا مجبرة على التفاوض مع تونس بشأن ملف الهجرة    عاجل: إنهيار سقف اسطبل يتسبب في وفاة شاب وإصابة آخر    عاجل: الأمطار تعمّ أغلب مناطق تونس خلال الفترة القادمة    العائلة والمجتمع: ضغوط تجعل الشباب التونسي يرفض الزواج    الكاف.. معرض لمنتوجات المجامع الفلاحية    شبهات فساد تُطيح بموظّفين في بنك الدم بالقصرين: تفاصيل    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    جمال المدّاني: لا أعيش في القصور ونطلع في النقل الجماعي    كل نصف ساعة يُصاب تونسي بجلطة دماغية...نصائح لإنقاذ حياتك!    التيار الشعبي يدعو الى المشاركة في اضراب عالمي عن الطعام دعما لغزة    التنس: تأهل معز الشرقي الى نهائي بطولة سان تروبيه للتحدي    كرة اليد: منتخب الصغريات يتأهل إلى نهائي بطولة افريقيا    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    مسرحية "على وجه الخطأ تحرز ثلاث جوائز في مهرجان صيف الزرقاء المسرحي العربي    "أمامكم 24 ساعة فقط".. كبرى الشركات الأمريكية توجه تحذيرا لموظفيها الأجانب    تحذير هام: تناول الباراسيتامول باستمرار يعرّضك لهذه الأمراض القاتلة    عاجل: وفاة عامل بمحطة تحلية المياه تابعة للصوناد في حادث مرور أليم    هذا ما تقرّر ضد فتاة أوهمت شبّانا بتأشيرات سفر إلى الخارج.. #خبر_عاجل    معاناة صامتة : نصف معيني مرضى الزهايمر في تونس يعانون من هذه الامراض    زغوان: غلق مصنع المنسوجات التقنية "سيون" بالجهة وإحالة 250 عاملا وعاملة على البطالة    سليانة: وضع 8 ألاف و400 قنطار من البذور منذ بداية شهر سبتمبر    رابطة الأبطال الافريقية: الترجي الرياضي والاتحاد المنستيري من أجل قطع خطوة هامة نحو الدور الثاني    كتائب القسام تنشر "صورة وداعية" للأسرى الإسرائيليين إبان بدء العملية في غزة    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    الاحتلال الإسرائيلي يغتال عائلة مدير مجمع الشفاء في غزة    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    بنزرت: حجز أطنان من اللحوم والمواد الغذائية المخزّنة في ظروف غير صحية    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    عاجل/ ترامب يُمهل السوريين 60 يوما لمغادرة أمريكا    لكلّ من فهم بالغالط: المغرب فرضت ''الفيزا'' على هؤلاء التوانسة فقط    صرف الدفعة الأولى من المساعدات المالية بمناسبة العودة المدرسية في هذا الموعد    الكاف: قافلة صحية تحت شعار "صحتك في قلبك"    أكثر من 100 ألف تونسي مصاب بالزهايمر ومئات الآلاف من العائلات تعاني    لماذا يضعف الدينار رغم نموّ 3.2 بالمائة؟ قراءة معمّقة في تحليل العربي بن بوهالي    "يوتيوب" يحظر حساب مادورو    عاجل/ عقوبة سجنية ضد الشاب الذي صوّب سلاحا مزيّفا تجاه أعوان أمن    بعد موجة من الانتقادات.. إيناس الدغيدي تلغي حفل زفافها وتكتفي بالاحتفال العائلي    اليوم: استقرار حراري وأمطار محدودة بهذه المناطق    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    عاجل/ البنك التونسي للتضامن: إجراءات جديدة لفائدة هؤلاء..    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإدارة في سجن "الأجندات" وتبادل الاتهامات
ملف: علاقة ريبة وقرارات معطلة
نشر في الصباح يوم 19 - 11 - 2012

ملف من اعداد: محمد صالح الربعاوي - في الوقت الذي سجلت فيه اغلب القطاعات والميادين تطورا ايجابيا وتحسنا نوعيا بعد الثورة ولو نسبيا وشهدت العديد من التغيرات في اتجاه القطع مع الماضي فان عديد الانتقادات وجهت صوب الادارة التونسية التي لم تواكب المرحلة الانتقالية
بل انها لم تساير الثورة في اصلاح منظومتها واعادة هيكلتها واستراتيجياتها وفقا لاغلب الاطراف المتداخلة خاصة بعد ان طغت عليها التجاذبات السياسية لتكون الادار في سجن الاجندات وتبادل الاتهامات .
ورغم تأكيد مختلف الحساسيات على مكانة الادارة وعراقتها باعتبار الدور الهام الذي لعبته ابان الثورة مباشرة بعد هروب المخلوع فان تدهورها وتراجع مردوديتها وتفاقم ظاهرة الفساد والرشوة والمحسوبية أسال الكثير من الحبر وطرح نقاط استفهام محيرة .
وفي ظل هذه الوضعية تطرح عديد التساؤلات أبرزها ...هل هبت رياح الثورة على الادارة التونسية؟...الى أي حد تغيرت خدماتها ؟...الى أي مدى اثرت التجاذبات السياسية على نجاعة العمل الاداري ؟...كيف السبيل للقيام باصلاح هيكلي للادارة ووضع منظومة ادارية ديناميكية ومنفتحة وعصرية ؟....كلها تساؤلات حاولت "الصباح الاسبوعي " ملامستها والاجابة عليها من خلال حديثها مع عديد الاطراف المتداخلة في هذا الملف الشائك .

التونسي والخدمات الإدارية
فوضى .. رشوة ..محسوبية..ومطالبة بالإصلاح والشفافية
في الوقت الذي انتظر فيه المواطن نقلة نوعية في الادارة التونسية بعد الثورة فان الخدمات ازدادت تدهورا في ظل الانفلاتات واجواء التوتر مما جعل عديد المواطنين يطلقون سهامهم صوب عديد المصالح التي لم تصلها رياح الثورة .
ورغم الانتقادات التي وجهت الى الادارة التونسية من مختلف الاطراف فقد اكد مصطفى التليلي رئيس جمعية "حرية" انه ثمة نوع من التعميم وكأن الادارة التونسية كلها فاسدة في الوقت الذي اثبتت فيه بعد الثورة مباشرة انها ادارة عصرية حيث تمكنت من ضمان حاجيات البلاد رغم أنها ظلت تعاني من بعض الاخلالات.واشار التليلي الى ان السلطة السياسية كانت على مدى العقود الماضية تستغل الادارة وفقا للولاء الحزبي وهو ما كان محل نقد المجتمع المدني في عهدي بورقيبة وبن علي وكنا نأمل ان نؤسس بعد الثورة لادارة محايدة حيث توزع المسؤوليات حسب الكفاءات لكن "الترويكا" انخرطت في نفس العادات السيئة بل انها اصبحت أخطر من السابق على حد تعبيره .
ولم يخف التليلى حسرته على الانعكاسات السلبية لبعض التعيينات التي أفضت الى توتر واحتقان في بعض الجهات نتيجة فشل بعض الولاة في مهامهم مثلما حدث في سيدي بوزيد ويحدث في صفاقس وقابس وهو ما يدعو الى ضرورة تحييد الادارة عن التسييس حتى تكون المسؤوليات مفتوحة لكل الكفاءات .
ومن جهته كشف الناشط السياسي فتحي الصغروني ان الادارة التونسية تدهورت بشكل ملحوظ الى حد ان اغلب الادارات بسيدي بوزيد تكون شبه فارغة مع الساعة الرابعة دون الحديث عن اسلوب اللامبالاة من المسؤولين وعقلية "رزق البيليك".وفي المقابل يعاني المسؤولون من احباط كبير سببه الهشاشة الامنية التي جعلت ظروف العمل احيانا صعبة للغاية .وتابع محدثنا قائلا "ظاهرة الرشوة تفاقمت بشكل يطرح عديد التساؤلات ويدعو فعلا الى الاستغراب فهل تتصوروا ان عملة الحضائر اصبحوا يدفعون الرشوة من اجل ضمان عمل هامشي .كما اريد الاشارة الى انه تم انتداب مجموعة من سيدي بوزيد في بعض القطاعات وخاصة المالية والبنوك عن طريق الهاتف وليس بواسطة برقيات التعيين الجاري بها العمل وهذا ان دل على شيء فهو يدل على ان المحسوبية والرشوة قد استشرت في المجتمع التونسي في ظل هذه الحكومة الضعيفة التي ينبغي عليها الشروع في اصلاحات هيكلية حتى يتسنى بناء منظومة ادارية ناجعة"
وقد اجمع اغلب المواطنين الذين تحدثنا اليهم على ان الادارة التونسية لم تهب عليها الثورة حيث حافظت على نفس الممارسات والتقاليد السلبية في التعاطي مع مشاغل المواطنين بل ان الصورة ازدادت قتامة على حد تعبير بعضهم في ظل حالات الانفلات التي مازالت تشهدها بعض الادارات .وقد اكد علي الشابي على ان المصالحة بين التونسي وادارته لم تتم بل ان القطيعة تواصلت في ثنايا عدم تغير العقليات وغياب تطوير الخدمات التي ظلت دون مستوى انتظارات المواطن مما يحتم على اصحاب القرار ضرورة الاسراع في ضبط خطة للاصلاح الاداري والا فان الأمور ستتدهور أكثر .
تبادل الاتهامات
ومن جهتها اعتبرت سالمة بن سالم ان الادارة التونسية كانت ولا تزال تعيش ازمة في كيفية التواصل مع المواطن فهي احيانا تحاول الخروج من جلباب النظام السابق واحيانا اخرى من سيطرة النظام الحالي الذي يحاول مستميتا السيطرة عليها خدمة لمصالحه ولاجنداته السياسية وبالتالي ضاعت مصلحة الوطن و كثر الفساد وتفشت ظاهرة الرشوة والانتهازية وتراجعت جودة الخدمات .واضافت " لو نتكلم على المناصب في الادارة نجد ان اتباع النهضة هم اكبر المستفيدين حيث اصبحوا ولاة ورؤساء مصالح ...والكل يتبادلون التهم فالحكومة تتهم في ازلام النظام البائد واعوان واطارات الادارة يقولون ان الحكومة حولت الادارة وسيستها خدمة لاهدافها وبين تبادل الاتهامات ضاعت مصلحة الوطن والمواطن.
"الريزو طايح"
"السيستام" لم يتغير ..الخدمات تدهورت..والالاعيب ازدادت في ظل لا مبالاة الموظفين " بهذه القراءة السريعة بدأ خالد العلايمي حديثه معنا مبينا ان ما لاحظه بعد الثورة هو كثرة التسيب اذ كثيرا ما يضطر المواطن لقضاء وقت طويل لاستخراج احدى الوثائق ولا تسأل عن التبريرات لانها غالبا تعلق على شماعة "الريزو الطايح" .واضاف زميله نجيب الرابحي ان العقليات لم تتغير فالمحسوبية متواصلة و"الاكتاف" استفحلت اكثر بما يطرح نقاط استفهام محيرة.
عنف
عبر اغلب الموظفين الذين تحدثنا معهم عن تذمرهم من تصرفات بعض المواطنين الذين ذهب في اعتقادهم ان الثورة قد شرعت لمنطق القوة اذ كثيرا ما تحولت بعض الادارات الى حلبة عنف وفوضى .ولئن اعترفوا بوجود عديد الاخلالات في المنظومة الادارية فانهم شددوا على ان المطلوب اليوم هو تغيير كل العقليات وتضافر كل الجهود من اجل التطوير والتحسين .

إجراءات على الورق
تزداد التساؤلات يوما بعد اخر بشأن واقع المنظومة الادارية التي ازدادت تدهورا و"انخراما" بعد الثورة على خلفية ما يعيشه المواطن من صعوبات يومية في ظل غياب شبه كلي لاجهزة رقابية تعيد للادارة نجاعتها وهيبتها وفاعليتها وقرارات ثورية تراعي مصلحة المواطن . وغالبا ما تعطلت شؤون الكثيرين لعدم تبسيط الاجراءات الادارية التي ظلت منذ عقود شعارات وهمية ترفعها السلطات المتعاقبة حيث قد يضطر المواطن انتظار فترة طويلة للحصول على وثيقة هامة بالنسبة اليه ليجد نفسه احيانا "معلقا" بسبب البيروقراطية الادارية .
وتثير مكاتب العلاقات مع المواطن هي الاخرى الكثير من الجدل لعدم نجاعتها وجدواها باعتبار ان أغلبها لا يرشد ولا يقدم المهمة الموكولة اليها على الوجه المطلوب بل انها كانت السبب في احباط عديد المواطنين وهو ما يقتضي اعادة النظر في جدوى هذه المكاتب التي حان الوقت لاعادة هيكلتها بما يخدم المواطن بعيدا عن كل الحسابات .
ولاشك ان غياب اجهزة رقابية مثل نافذة لتفاقم ظاهرة الفساد والرشوة والمحسوبية في عديد الادارات وحتى المواطن الرقيب مازلنا ننتظر تفعيل دوره ليكون رقيبا فعليا و"محاربا" للتجاوزات في ظل عدم تغير العقليات. كما انه حان الوقت لتفعيل بعض المراسيم وتفعيل القوانين التي مازالت حبرا على ورق ولم تجد طريقها الى التجسيد الفعلي في وقت ينتظرها المواطن منذ أشهر.
ولابد ان الصراع على النيابات الخصوصية وتعيينها وفقا للمحاصصة الحزبية قد سبب الكثير من الارباك والاخلالات داخل البلديات بل ان بعضها مازال محل جدل بين مختلف الحساسيات بما أثر سلبيا على مردودية بعض الادارات. وتظل جودة العمل الاداري مطمح كل المواطنين مهما كانت انتماءاتهم الحزبية بعيدا عن الاجندات وتبادل الاتهامات .

سمير ديلو
الإدارة خطواتها متعثرة..ولا دخل للتعيينات في الإرباكات
رغم تأكيد ديلو على عراقة الادارة التونسية التي اثبتت تماسكها وصلابتها في احلك الفترات التي تلت الثورة مباشرة فانه اشار الى ان خطواتها بطيئة ومتعثرة احيانا وغير مرضية في كل الحالات وهو ما يدعو الى تغيير الكثير من الذهنيات لان الادارة كالطبيعة لا تحتمل الفراغ على حد وصفه .
سألته هل هذا يعني ان رياح الثورة لم تهب على الادارة التونسية بما اثر على مصلحة المواطن وعطل بعض المشاريع التنموية فأجاب "رياح الثورة هبت على الادارة لكنها تحتاج الى بعض الوقت حتى تحصل التغييرات في العمق ومع ذلك يجب الاقرار ان تغييرات كثيرة حصلت في هذا الاتجاه ".
تغيير في العمق
وعن صعوبة مهمة الاصلاح اكد ديلو انه رغم ثقل الارث والمشاكل المتداخلة والمتشابكة فان الارادة متوفرة والحكومة حريصة على الاصلاح والسير في الاتجاه الايجابي لكن هذه العملية تحتاج الى بعض الوقت.
وحول مدى تأثير التجاذبات السياسية على نجاعة العمل الاداري بشكل جعل الادارة "مسيسة" من هذا الطرف أو ذاك قال ديلو " لا اعتقد ذلك لان الاشكالية في بنية الادارة وفي ذهنيات ترسخت عبر السنوات وتغييرها في العمق يحتاج الى وقت".
وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض ان الاخلالات والارباكات التي تعاني منها الادارة سببها بعض التعيينات التي كانت وفقا للولاءات والانتماءات الحزبية اكد ديلو انه يحترم رأي من يقول ذلك لكن رغم ان بعض التعيينات كانت محل جدل لكن الاشكالية اعمق وتتعلق باصلاحات هيكلية وقانونية وبث روح جديدة داخل الادارة حتى تشهد التطور المنشود الذي يتطلع اليه التونسي بعد الثورة.
"اللي ما يكونش متفائل يشد دارو "
وعن الخطوات التي ينبغي قطعها على درب الاصلاح الاداري قال ديلو "القضية قضية نسق، صحيح ان خطوات كبيرة اتخذت في مجال الاصلاح سواء من حيث اصلاح الاطار القانوني او احالة ملفات الى القضاء ولكن الاشكالية اعمق لكن هذا لا يعني ان الادارة هي سبب التعطيل واذا بقيت الدولة متماسكة بعد الثورة فهذا يعني ان الادارة عريقة لكنها اكتسبت عادات عبر عقود تحتاج الى فترة لتغييرها."
وفي خاتمة حديثه معنا شدد سمير ديلو على تفاؤله رغم كل الصعوبات لان "اللي ما يكونش متفائل يشد دارو " على حد تعبيره.

المنصف السليطي رئيس ديوان وزير التجهيز والاسكان
جزء من الإدارة لا يتفاعل مع تنفيذ سياسة الحكومة
في ظل الانتقادات التي توجّه الى الادارة التونسية توجهنا الى وزارة التجهيز والاسكان باعتبارها "قلب الرحى" حيث ان ثلث الميزانية تحت تصرّفها بشكل مباشر او غير مباشر ونظرا لاهمّيتها فقد اتصلنا بالسيد المنصف السليطي رئيس ديوان الوزارة وتحدّثنا معه حول سير العمل الاداري داخل وزارة التجهيز ومدى تأثره بالتجاذبات السياسية .
واكد السليطي ان رياح الثورة بالمعنى العميق للكلمة لامست وزارة التجهيز أي انها مرت ببعض الاماكن فقط باعتبار ان التغييرات العميقة والنوعية لم تحدث ليس فقط في الموارد البشرية وانما في المنظومة الادارية بشكل عام وفي منظومة القوانين لاننا لسنا بصدد العمل في اوضاع عادية وانما نحن في فترة ثورية تجعل التغييربالضرورة لا يكون عميقا على حد تعبيره.
وحول التعيينات التي اعتبرتها بعض الاطراف تمت وفقا للولاءات والانتماءات الحزبية لتسييس الادارة والسيطرة على مفاصلها قال السليطي "نحن قمنا بتغييرات باعتبار ان كل التعيينات تمّت من داخل الوزارة وشملت كوادر وكفاءات الوزارة وفقا للكفاءة والنزاهة .والتغيير لم يكن مسقطا حيث راعينا فيه جانب الخبرة والكفاءة باستثناء مدير عام وحيد كان يعمل ببنك الاسكان وكل التغييرات التي حصلت في وزارة التجهيز كانت على خلفية الطابع الفني والتقني بعيدا عن التجاذبات السياسية حيث تمّت نقلة وتسمية 12 مديرا جهويا منهم 5 مديرين جدد وغيّرنا بعض المديرين العامّين واحترمنا الصيغ الادارية .وليس لنا أي مكلف بمامورية من خارج الوزارة فاين التغييرات ذات البعد السياسي "
وعن الاستراتيجيا التي اعتمدتها الوزارة في التطهير قال السليطي انه تمت احالة 32 ملفا للقضاء تشمل فسادا في المقاولات واشكاليات بعث عقاري وتاجير مقاطع وتملكها بشكل غير قانوني مضيفا "فكرة شادين سيف ونسلخو في العباد " ليست الاسلوب الامثل في التطهير وهذا لا يعني ان الملفات المشبوهة تحال الى المكلف العام بنزاعات الدولة ونحن بصدد التثبت في بعض الملفات التي خرج اصحابها من الوزارة واكتشفنا فسادها وسنحيلها على القضاء.
وفي رده على سؤال حول كيفية ضمان الشفافية في الصفقات والمناقصات بعد شبهات الفساد التي حامت حول اغلبها في العهد البائد شدد السليطي على ان كل المتعاملين مع وزارة التجهيز من مقاولين ومكاتب الدراسات والمكاتب الفنية والمزودين اصبحوا يعلمون مدى حرص سلطة الإشراف على الشفافية واحترام قانون المناقصات سواء على مستوى الوزارة او على مستوى الحكومة ووزارة التجهيز ليست الا حلقة من الحلقات التي يجب ان تكون متناغمة ولابد من ارادة جماعية لالغاء التلاعب بالمال العام وعن مدى تأثير التجاذبات السياسية على العمل الاداري داخل الوزارة قال محدثنا "ان التجاذبات اثرت منذ العهد البائد ووقع تعامل سياسي مع جيلين على الاقل واغلبها مع الاسلاميين وبعض اليساريين ونعلم كيف كانت الترقيات تخضع الى البحث السياسي وهي سياسة "طبعت" وطغت على الادارة على مدى عقود وحتى في الفترة الانتقالية للغنوشي والسبسي تواصل هذا "الطابع" ووقع تغيير 800 مدير بالمؤسسات التربوية في عهد الطيب البكوش على خلفييات سياسية واذا وجدت التجاذبات السياسية اليوم فانها محدودة "
تحييد الادارة
وشدد السليطي على انه لابد من تحييد الادارة حتى تخدم أي حكومة ائتلافية موجودة وتكون تشتغل حسب منظومة ادارية متناسقة ومتناغمة بعيدا عن التاثيرات الحزبية الضيقة .واضاف ان الادارة التونسية التي حافظت على تماسكها بعد هروب بن علي لها ركائز قوية تسمح لها بالنجاح اما ان تتحوّل الادارة الى جزء من اللعبة السياسية بين الاحزاب فهذا اكبر إخلال يصيب الدولة وتصريف الشؤون العامة . وتابع قائلا "بقدر ما كانت الادارة نقطة قوة بقدر ما اصبحت نقطة ضعف في ظل سياسة الترويكا لان جزءا من الادارة دخل في لعبة التجاذبات السياسية ولا يتفاعل مع سياسة الحكومة مما ادخل الكثير من الارباكات على إنجازات وتنفيذ برامج الحكومة .صحيح اننا قمنا بثورة لكنها لم تشمل الاصلاح الاداري»

عبد القادر اللباوي رئيس الاتحاد التونسي
لا وجود لاخلالات .. والمشكلة في القرار السياسي
قال عبد القادر اللباوي رئيس الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الادارة ورئيس ودادية خريجي المرحلة العليا للمدرسة الوطنية للادارة ان الاداريين واعون أشد ما يكون باستحقاقات الثورة حيث سارعوا بتنظيم 6 ندوات بفضاء الودادية حول دور الادارة في تأمين الانتقال الديمقراطي بحضور ممثلين عن كل الحكومات بعد الثورة وبعض المنظمات وقد توجت هذه الندوات باحداث منظمة غير حكومية وهي "الاتحاد التونسي للمرفق العام وحياد الادارة " فيها ممثلين عن كل المصالح العمومية والمجتمع المدني لضمان حد اقصى من النجاعة والفاعلية في تادية الخدمة العمومية.
ولئن شدد اللباوي على ان الثورة اتاحت للجميع الاصرار على المطالبة وتكريس مبدا حياد الادارة ضمانا للمساواة الحقيقية الفعلية امام الخدمة العمومية دون النظر لا للانتماءات الجهوية او السياسية او الفئوية او العائلية فانه اشار الى ان الادارة ارادوا اخراجها عن الحياد وذلك بتسييسها عبر التسميات على خلفية الولاء السياسي او الانتماء الحزبي على راس المصالح العمومية سواء الوطنية او المركزية او الجهوية او المحلية.
تأثيرات سلبية
واستطرد قائلا "هذه التعيينات كان لها تاثيرات سلبية اولا على اداء الموظفين باعتبارها تعيينات لم تراع خصوصيات المصالح العمومية التي خصتها التعييينات المذكورة التي تقتضي كفاءة معينة وخبرة في المجال المعني وتقتضي شروطا منصوصا عليها في النصوص القانونية والترتيبية المنظمة للمصالح العمومية ثم ان هذه التعيينات تخلف الاحساس بالتهميش او الاكراه والتجاهل او بالظلم سواء بالنسبة للذين تم اعفاءهم من مهامهم لتعويضهم بافراد على خلفية الولاء السياسي او الحزبي او الذين يستجيبون للشروط المذكورة للتسمية في تلك المصالح المعنية وهو ما يخلف احساسا بالضيم والحيف يؤثر على اداء العون العمومي بصفة عامة وذلك رغم تمسك الغالبية الساحقة من الاعوان العموميين بتأدية الخدمة في ظل احلك الظروف التي غابت فيها كافة الضوابط خلال وبعد الثورة"
"العصا في العجلة"
وحول وجود بعض الاطراف التي تسعى الى ارباك العمل الاداري ووضع "العصا" في عجلة الحكومة على حد وصف بعض المسؤولين السياسيين قال اللباوي "لا اعتقد ان هنالك من يتعمد تعطيل سير المصالح وان وجدت جدلا فلا تعدو ان تكون مجرد حالات استثنائية معزولة ولاحظنا استمرار المرفق العمومي بعد الثورة مباشرة حيث لم يحصل أي تعطيل.انا كنت نائب رئيس اللجنة الاستشارية للتنمية الجهوية بالقصرين وبصفتي تلك كنت عضوا بالمجلس الجهوي للتنمية بالقصرين ومن موقعي اؤكد ان الادارة تحتاج الى الامكانيات والاحساس بالامان وتوفر مبدأ الحياد حتى تكون مردودية الادارة في اقصى فعاليتها وجدواها وتدفع بعجلة التنمية بالتنفيذ الحقيقي على ارض الواقع للمشاريع التنموية."
واكد اللباوي ان المشكلة اليوم في القرار السياسي باعتبار ان المسؤولين السياسيين الجدد تحركهم خلفية يتصورون بمقتضاها انهم ازاء ادارة بن علي او ادارة النظام البائد والحال ان الادارة هي ادارة المواطن والشعب وتحترم مبادئ النظام الجمهوري وليس لها أي ولاء سياسي او فكري او فعلي لغير الصالح العام ومبادئ الجمهورية والوطن .
وعن تفاقم ظاهرة الرشوة والمحسوبية بعد الثورة اشاراللباوي انه ليست له معطيات دقيقة بشان الظاهرة لكن اذا افترضنا انها صحيحة فان ذلك لا يعني الا من يتقاضى رشوة قد توفرت له ظروف اكثر ملائمة لذلك في ظل الوضع الراهن وذلك نتيجة تعطيل آليات التفقد والرقابة والتدقيق والمتابعة والتقييم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.